[ ص: 382 ] ثم دخلت
استهلت بيوم الاثنين ، والحكام هم المذكورون في التي قبلها ، وفي أول يوم منها ركب تنكز إلى سنة ست وثلاثين وسبعمائة قلعة جعبر ، ومعه الجيش والمجانيق ، فغابوا شهرا وخمسة أيام ثم عادوا سالمين .
وفي ثامن صفر قوصون الناصري خارج باب القرافة ، وتولى مشيختها الشيخ فتحت الخانقاه التي أنشأها سيف الدين شمس الدين الأصبهاني المتكلم .
وفي عاشر صفر خرج ابن جملة من السجن بالقلعة .
وجاءت الأخبار بموت ملك التتار بو سعيد بن خربندا بن أرغون بن أبغا بن هولاكو بن تولى بن جنكزخان في يوم الخميس ثاني عشر ربيع الآخر بدار السلطنة بقراباغ ، وهو منزلهم في الشتاء ، ثم نقل إلى تربته بمدينته التي [ ص: 383 ] أنشأها قريبا من السلطانية التي أنشأها أبوه ، وقد كان من خيار ملوك التتار ، وأحسنهم طريقة ، وأثبتهم على السنة ، وأقومهم بها ، وقد عز أهل السنة في زمانه ، وذلت الرافضة - بخلاف دولة أبيه - ثم من بعده لم يقم للتتار قائمة ، بل اختلفوا فتفرقوا شذر مذر إلى زماننا هذا ، وكان القائم من بعده بالأمر أربا كاوون من ذرية أبغا ، ولم يستمر له الأمر إلا قليلا .
وفي يوم الأربعاء عاشر جمادى الأولى درس بالناصرية الجوانية الشيخ نور الدين الأردبيلي عوضا عن كمال الدين بن الشيرازي ، توفي ، وحضر عنده القضاة ، وفيه درس بالظاهرية البرانية الشيخ الإمام المقرئ سيف الدين أبو بكر الحريري عوضا عن نور الدين الأردبيلي; تركها لما حصلت له الناصرية الجوانية .
وبعده بيوم درس بالنجيبية كاتبه إسماعيل بن كثير عوضا عن الشيخ جمال الدين ابن قاضي الزبداني; تركها حين تعين له تدريس الظاهرية الجوانية ، وحضر عنده القضاة والأعيان ، وكان درسا حافلا أثنى عليه الحاضرون ، وتعجبوا من جمعه وترتيبه ، وكان ذلك في تفسير قوله تعالى : إنما يخشى الله من عباده العلماء [ فاطر : 28 ] . وانساق الكلام إلى مسألة ربا الفضل .
وفي يوم الأحد رابع عشره ذكر الدرس بالظاهرية المذكورة ابن قاضي الزبداني ، عوضا عن علاء الدين بن القلانسي ; توفي ، وحضر عنده القضاة والأعيان ، وكان يوما مطيرا .
[ ص: 384 ] وفي أول جمادى الآخرة مصر ، واشتد ذلك إلى شهر شعبان . وقع غلاء شديد بديار
وتوجه خلق كثير في رجب إلى مكة نحوا من ألفين وخمسمائة ، منهم; عز الدين بن جماعة ، وفخر الدين النويري ، وحسين السلامي ، وأبو الفتح السلامي ، وخلق كثير .
وفي رجب كملت عمارة جسر باب الفرج ، وعمل عليه باشورة ، ورسم باستمرار فتحه إلى بعد العشاء الآخرة كبقية الأبواب ، وكان قبل ذلك يغلق من المغرب .
وفي سلخ رجب أقيمت الجمعة بالجامع الذي أنشاه نجم الدين بن خيلخان تجاه باب كيسان من القبلة ، وخطب فيه الشيخ الإمام العلامة شمس الدين بن قيم الجوزية .
وفي ثاني شعبان باشر كتابة السر بدمشق القاضي علم الدين محمد بن قطب الدين أحمد بن مفضل ، عوضا عن جمال الدين بن الأثير ، عزل وراح إلى مصر .
وفي يوم الأربعاء رابع رمضان ذكر الدرس بالأمينية الشيخ الإمام العلامة بهاء [ ص: 385 ] الدين ابن إمام المشهد ، عوضا عن علاء الدين بن القلانسي . وفي العشرين منه خلع على الصدر نجم الدين بن أبي الطيب بنظر الخزانة مضافا إلى ما بيده من وكالة بيت المال بعد وفاة ابن القلانسي بشهور .
وخرج الركب الشامي يوم الاثنين ثامن شوال ، وأميره قطلودمر الخليلي .
وممن حج فيه; قاضي طرابلس محيي الدين بن جهبل ، والفخر المصري ، وابن قاضي الزبداني ، وابن العز الحنفي ، وابن غانم ، والسخاوي ، وابن قيم الجوزية ، وناصر الدين بن الربوة الحنفي .
وجاءت الأخبار التتار في نصف رمضان قتل فيها خلق كثير منهم ، وانتصر بوقعة جرت بين علي باشا وسلطانه الذي كان قد أقامه - وهو موسى كاوون - على أرباكاوون وأصحابه ، فقتل هو ووزيره ابن رشيد الدولة ، وجرت خطوب طويلة ، وضربت البشائر بدمشق .
وفي رابع ذي القعدة خلع على ناظر الجامع الشيخ عز الدين بن المنجا; بسبب إكماله البطائن في الرواق الشمالي والغربي والشرقي ، ولم يكن قبل ذلك له بطائن .
وفي يوم الأربعاء سابع ذي الحجة ذكر الدرس بالشبلية القاضي نجم الدين ابن قاضي القضاة عماد الدين الطرسوسي الحنفي ، وهو ابن سبع عشرة سنة ، وحضر [ ص: 386 ] عنده القضاة والأعيان ، وشكروا من فضيلته ونباهته ، وفرحوا لأبيه به .
وفيها عزل ابن النقيب عن قضاء حلب ، ووليها ابن خطيب جبرين ، وولي الحسبة بالقاهرة ضياء الدين يوسف بن أبي بكر بن محمد ابن خطيب بيت الآبار ، وخلع عليه السلطان .
وفي ذي القعدة رسم السلطان باعتقال الخليفة المستكفي بالله وأهله ، وأن يمنعوا من الاجتماع ، فآل أمرهم كما كان في أيام الظاهر والمنصور .