[ ص: 565 ] ثم دخلت
nindex.php?page=treesubj&link=33881سنة ست وخمسين وسبعمائة
استهلت هذه السنة وسلطان الإسلام والمسلمين السلطان
الملك الناصر حسن ابن الملك الناصر محمد ابن الملك المنصور قلاوون الصالحي ، وليس بالديار المصرية نائب ولا وزير ، وقضاتها هم المذكورون في التي قبلها ، ونائب
دمشق الأمير
علي المارداني ، والقضاة والحاجب والخطيب وكاتب السر هم المذكورون في التي قبلها ، ونائب
حلب الأمير
سيف الدين طاز ، ونائب
طرابلس منجك ، ونائب
حماة أسندمر العمري ، ونائب
صفد الأمير
شهاب الدين بن صبح ، ونائب
حمص الأمير
ناصر الدين بن الأقوش ، ونائب
بعلبك الحاج
كامل .
وفي يوم الاثنين تاسع صفر مسك الأمير
أرغون الكاملي الذي ناب
بدمشق مدة ثم بعدها
بحلب ، ثم طلب إلى الديار المصرية حين وليها طاز ، فقبض عليه ، وأرسل إلى
الإسكندرية معتقلا . وفي يوم السبت من شهر صفر قدم تقليد قضاء الشافعية
بدمشق وأعمالها لقاضي القضاة
تاج الدين عبد الوهاب ابن قاضي القضاة تقي الدين السبكي ، على قاعدة والده ، وذلك في حياة أبيه ، وذهب الناس للسلام عليه .
وفي صبيحة يوم الأحد السادس والعشرين من ربيع الآخر توجه قاضي
[ ص: 566 ] القضاة
تقي الدين السبكي بعد استقلال ولده
تاج الدين عبد الوهاب في قضاء القضاة ومشيخة دار الحديث الأشرفية مسافرا نحو الديار المصرية في محفة ، ومعه جماعة من أهله وذويه ، منهم سبطه القاضي
بدر الدين بن أبي الفتح وآخرون ، وقد كان الناس ودعوه قبل ذلك وعنده ضعف ، ومن الناس من يخاف عليه وعثاء السفر مع الكبر والضعف .
ولما كان يوم الجمعة سابع شهر جمادى الآخرة صلي بعد الجمعة على قاضي القضاة
تقي الدين علي بن عبد الكافي بن تمام السبكي المصري الشافعي ، توفي
بمصر ليلة الاثنين ثالثه ، ودفن من صبيحة ذلك اليوم وقد أكمل ثلاثا وسبعين سنة ، ودخل في الرابعة أشهرا ، وولي الحكم
بدمشق نحوا من سبع عشرة سنة ، ثم نزل عن ذلك لولده قاضي القضاة
تاج الدين عبد الوهاب ، ثم رحل في محفة إلى الديار المصرية كما ذكرنا . ولما وصل
مصر أقام دون الشهر ثم توفي كما ذكرنا ، وجاءت التعزية ومرسوم باستقرار ولده في مدرسته اليعقوبية والقيمرية ، وبتشريف; تطييبا لقلبه ، وذهب الناس إلى تعزيته على العادة .
وقد سمع قاضي القضاة
السبكي الحديث في شبيبته بديار
مصر ، ورحل إلى
الشام ، وقرأ بنفسه وكتب وخرج ، وله تصانيف كثيرة منتشرة كثيرة الفائدة ، وما زال في مدة القضاء يصنف ويكتب إلى حين وفاته ، وكان كثير التلاوة ، وذكر لي أنه كان يقوم من الليل ، رحمه الله .
[ ص: 567 ] وفي شهر جمادى الأولى من هذه السنة اشتهر أخذ
الفرنج المخذولين لمدينة
طرابلس المغرب . وقرأت من كتاب لقاضي قضاة المالكية أن أخذهم إياها كان ليلة الجمعة مستهل ربيع الأول من هذه السنة ، ثم بعد خمسة عشر يوما استعادها المسلمون وقتلوا منهم أضعاف ما قتلوا أولا من المسلمين ، ولله الحمد والمنة ، وأرسل الدولة إلى
الشام يطلبون من أموال أوقاف الأسارى ما يستنقذون به من بقي في أيديهم من المسلمين .
وفي يوم الأربعاء حادي عشر رجب الفرد من هذه السنة حكم القاضي المالكي - وهو قاضي القضاة
جمال الدين المسلاتي - بقتل نصراني من قرية
الرأس من معاملة
بعلبك ، اسمه
داود بن سالم; ثبت عليه بمجلس الحكم في
بعلبك أنه اعترف بما شهد عليه
أحمد بن نور الدين علي بن غازي - من قرية
اللبوة - من الكلام السيئ الذي نال به من رسول الله - صلى الله عليه سلم - وسبه وقذفه بكلام لا يليق ذكره ، فقتل - لعنه الله - يومئذ بعد أذان العصر بسوق الخيل وحرقه الناس ، وشفى الله صدور قوم مؤمنين ، ولله الحمد والمنة .
وفي صبيحة يوم الأحد رابع عشر شعبان درس القاضي
بهاء الدين أبو البقاء السبكي بالمدرسة القيمرية ، نزل له عنها ابن عمه قاضي القضاة
تاج الدين عبد الوهاب ابن قاضي القضاة تقي الدين السبكي ، وحضر عنده القضاة والأعيان على العادة ، وأخذ في قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة [ الحشر : 9 ] .
وصلي بعد الظهر في هذا اليوم على الشيخ الشاب الفاضل المحصل
جمال الدين عبد الله ابن العلامة شمس الدين بن قيم الجوزية الحنبلي ،
[ ص: 568 ] ودفن عند أبيه بمقابر باب الصغير ، وكانت جنازته حافلة ، وكانت لديه علوم جيدة ، وذهنه حاضر خارق ، أفتى ، ودرس ، وأعاد ، وناظر ، وحج مرات عديدة ، رحمه الله ، وبل بالرحمة ثراه .
وفي يوم الاثنين تاسع عشر شوال وقع حريق هائل في سوق القطانين بالنهار ، وذهب إليه نائب السلطنة ، والحجبة ، والقضاة ، حتى اجتهد الفعول والمتبرعون في إخماده وطفيه ، حتى سكن شره . وقد ذهب بسببه دكاكين ودور كثيرة جدا ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، وقد رأيته من الغد والنار كما هي عمالة ، والدخان صاعد ، وقد ذهب الناس يطفونه بالماء الكثير الغمر ، والنار لا تخمد ، لكن هدمت الجدران ، وخربت المساكن ، وانتقل السكان .
[ ص: 565 ] ثُمَّ دَخَلَتْ
nindex.php?page=treesubj&link=33881سَنَةُ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسَبْعِمِائَةٍ
اسْتَهَلَّتْ هَذِهِ السَّنَةُ وَسُلْطَانُ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ السُّلْطَانُ
الْمَلِكُ النَّاصِرُ حَسَنٌ ابْنُ الْمَلِكِ النَّاصِرِ مُحَمَّدٍ ابْنِ الْمَلِكِ الْمَنْصُورِ قَلَاوُونَ الصَّالِحِيُّ ، وَلَيْسَ بِالدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ نَائِبٌ وَلَا وَزِيرٌ ، وَقُضَاتُهَا هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَنَائِبُ
دِمَشْقَ الْأَمِيرُ
عَلِيٌّ الْمَارِدَانِيُّ ، وَالْقُضَاةُ وَالْحَاجِبُ وَالْخَطِيبُ وَكَاتِبُ السِّرِّ هُمُ الْمَذْكُورُونَ فِي الَّتِي قَبْلَهَا ، وَنَائِبُ
حَلَبَ الْأَمِيرُ
سَيْفُ الدِّينِ طَازْ ، وَنَائِبُ
طَرَابُلُسَ مَنْجَكُ ، وَنَائِبُ
حَمَاةَ أَسَنْدَمُرَ الْعُمَرِيُّ ، وَنَائِبُ
صَفَدَ الْأَمِيرُ
شِهَابُ الدِّينِ بْنُ صُبْحٍ ، وَنَائِبُ
حِمْصَ الْأَمِيرُ
نَاصِرُ الدِّينِ بْنُ الْأَقْوَشِ ، وَنَائِبُ
بَعْلَبَكَّ الْحَاجُّ
كَامِلٌ .
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ تَاسِعِ صَفَرٍ مُسِكَ الْأَمِيرُ
أَرْغُونُ الْكَامِلِيُّ الَّذِي نَابَ
بِدِمَشْقَ مُدَّةً ثُمَّ بَعْدَهَا
بِحَلَبَ ، ثُمَّ طُلِبَ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ حِينَ وَلِيَهَا طَازْ ، فَقُبِضَ عَلَيْهِ ، وَأُرْسِلَ إِلَى
الْإِسْكَنْدَرِيَّةِ مُعْتَقَلًا . وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ مِنْ شَهْرِ صَفَرٍ قَدِمَ تَقْلِيدُ قَضَاءِ الشَّافِعِيَّةِ
بِدِمَشْقَ وَأَعْمَالِهَا لِقَاضِي الْقُضَاةِ
تَاجِ الدِّينِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ابْنِ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيِّ ، عَلَى قَاعِدَةِ وَالِدِهِ ، وَذَلِكَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ ، وَذَهَبَ النَّاسُ لِلسَّلَامِ عَلَيْهِ .
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ السَّادِسِ وَالْعِشْرِينَ مِنْ رَبِيعٍ الْآخِرِ تَوَجَّهَ قَاضِي
[ ص: 566 ] الْقُضَاةِ
تَقِيُّ الدِّينِ السُّبْكِيُّ بَعْدَ اسْتِقْلَالِ وَلَدِهِ
تَاجِ الدِّينِ عَبْدِ الْوَهَّابِ فِي قَضَاءِ الْقُضَاةِ وَمَشْيَخَةِ دَارِ الْحَدِيثِ الْأَشْرَفِيَّةِ مُسَافِرًا نَحْوَ الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ فِي مِحَفَّةٍ ، وَمَعَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهِ وَذَوِيِهِ ، مِنْهُمْ سِبْطُهُ الْقَاضِي
بَدْرُ الدِّينِ بْنُ أَبِي الْفَتْحِ وَآخَرُونَ ، وَقَدْ كَانَ النَّاسُ وَدَّعُوهُ قَبْلَ ذَلِكَ وَعِنْدَهُ ضَعْفٌ ، وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَخَافُ عَلَيْهِ وَعْثَاءِ السَّفَرِ مَعَ الْكِبَرِ وَالضَّعْفِ .
وَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْجُمُعَةِ سَابِعُ شَهْرِ جُمَادَى الْآخِرَةِ صُلِّيَ بَعْدَ الْجُمُعَةِ عَلَى قَاضِي الْقُضَاةِ
تَقِيِّ الدِّينِ عَلِيِّ بْنِ عَبْدِ الْكَافِي بْنِ تَمَامٍ السُّبْكِيِّ الْمِصْرِيِّ الشَّافِعِيِّ ، تُوُفِّيَ
بِمِصْرَ لَيْلَةَ الِاثْنَيْنِ ثَالِثَهُ ، وَدُفِنَ مِنْ صَبِيحَةِ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَقَدْ أَكْمَلَ ثَلَاثًا وَسَبْعِينَ سَنَةً ، وَدَخَلَ فِي الرَّابِعَةِ أَشْهُرًا ، وَوَلِيَ الْحُكْمَ
بِدِمَشْقَ نَحْوًا مِنْ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً ، ثُمَّ نَزَلَ عَنْ ذَلِكَ لِوَلَدِهِ قَاضِي الْقُضَاةِ
تَاجِ الدِّينِ عَبْدِ الْوَهَّابِ ، ثُمَّ رَحَلَ فِي مِحَفَّةٍ إِلَى الدِّيَارِ الْمِصْرِيَّةِ كَمَا ذَكَرْنَا . وَلَمَّا وَصَلَ
مِصْرَ أَقَامَ دُونَ الشَّهْرِ ثُمَّ تُوُفِّيَ كَمَا ذَكَرْنَا ، وَجَاءَتِ التَّعْزِيَةُ وَمَرْسُومٌ بِاسْتِقْرَارِ وَلَدِهِ فِي مَدْرَسَتِهِ الْيَعْقُوبِيَّةِ وَالْقَيْمَرِيَّةِ ، وَبِتَشْرِيفٍ; تَطْيِيبًا لِقَلْبِهِ ، وَذَهَبَ النَّاسُ إِلَى تَعْزِيَتِهِ عَلَى الْعَادَةِ .
وَقَدْ سَمِعَ قَاضِي الْقُضَاةِ
السُّبْكِيُّ الْحَدِيثَ فِي شَبِيبَتِهِ بِدِيَارِ
مِصْرَ ، وَرَحَلَ إِلَى
الشَّامِ ، وَقَرَأَ بِنَفْسِهِ وَكَتَبَ وَخَرَّجَ ، وَلَهُ تَصَانِيفُ كَثِيرَةٌ مُنْتَشِرَةٌ كَثِيرَةُ الْفَائِدَةِ ، وَمَا زَالَ فِي مُدَّةِ الْقَضَاءِ يُصَنِّفُ وَيَكْتُبُ إِلَى حِينِ وَفَاتِهِ ، وَكَانَ كَثِيرَ التِّلَاوَةِ ، وَذُكِرَ لِي أَنَّهُ كَانَ يَقُومُ مِنَ اللَّيْلِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ .
[ ص: 567 ] وَفِي شَهْرِ جُمَادَى الْأُولَى مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ اشْتُهِرَ أَخْذُ
الْفِرَنْجِ الْمَخْذُولِينَ لِمَدِينَةِ
طَرَابُلُسَ الْمَغْرِبِ . وَقَرَأَتُ مِنْ كِتَابٍ لِقَاضِي قُضَاةِ الْمَالِكِيَّةِ أَنَّ أَخْذَهُمْ إِيَّاهَا كَانَ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ مُسْتَهَلِّ رَبِيعٍ الْأَوَّلِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ ، ثُمَّ بَعْدَ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا اسْتَعَادَهَا الْمُسْلِمُونَ وَقَتَلُوا مِنْهُمْ أَضْعَافَ مَا قَتَلُوا أَوَّلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ ، وَأَرْسَلَ الدَّوْلَةُ إِلَى
الشَّامِ يَطْلُبُونَ مِنْ أَمْوَالِ أَوْقَافِ الْأُسَارَى مَا يَسْتَنْقِذُونَ بِهِ مَنْ بَقِيَ فِي أَيْدِيهِمْ مِنَ الْمُسْلِمِينَ .
وَفِي يَوْمِ الْأَرْبِعَاءِ حَادِيَ عَشَرَ رَجَبٍ الْفَرْدِ مِنْ هَذِهِ السَّنَةِ حَكَمَ الْقَاضِي الْمَالِكِيُّ - وَهُوَ قَاضِي الْقُضَاةِ
جَمَالُ الدِّينِ الْمَسَلَّاتِيُّ - بِقَتْلِ نَصْرَانِيٍّ مِنْ قَرْيَةِ
الرَّأْسِ مِنْ مُعَامَلَةِ
بَعْلَبَكَّ ، اسْمُهُ
دَاوُدُ بْنُ سَالِمٍ; ثَبَتَ عَلَيْهِ بِمَجْلِسِ الْحُكْمِ فِي
بَعْلَبَكَّ أَنَّهُ اعْتَرَفَ بِمَا شَهِدَ عَلَيْهِ
أَحْمَدُ بْنُ نُورِ الدِّينِ عَلِيُّ بْنُ غَازِي - مِنْ قَرْيَةِ
اللَّبْوَةِ - مِنَ الْكَلَامِ السَّيِّئِ الَّذِي نَالَ بِهِ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ سَلَّمَ - وَسَبَّهُ وَقَذَفَهُ بِكَلَامٍ لَا يَلِيقُ ذِكْرُهُ ، فَقُتِلَ - لَعَنَهُ اللَّهُ - يَوْمَئِذٍ بَعْدَ أَذَانِ الْعَصْرِ بِسُوقِ الْخَيْلِ وَحَرَّقَهُ النَّاسُ ، وَشَفَى اللَّهُ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَفِي صَبِيحَةِ يَوْمِ الْأَحَدِ رَابِعَ عَشَرَ شَعْبَانَ دَرَّسَ الْقَاضِي
بَهَاءُ الدِّينِ أَبُو الْبَقَاءِ السُّبْكِيُّ بِالْمَدْرَسَةِ الْقَيْمَرِيَّةِ ، نَزَلَ لَهُ عَنْهَا ابْنُ عَمِّهِ قَاضِي الْقُضَاةِ
تَاجُ الدِّينِ عَبْدُ الْوَهَّابِ ابْنُ قَاضِي الْقُضَاةِ تَقِيِّ الدِّينِ السُّبْكِيِّ ، وَحَضَرَ عِنْدَهُ الْقُضَاةُ وَالْأَعْيَانُ عَلَى الْعَادَةِ ، وَأَخَذَ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=59&ayano=9وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ [ الْحَشْرِ : 9 ] .
وَصُلِّي بَعْدَ الظُّهْرِ فِي هَذَا الْيَوْمِ عَلَى الشَّيْخِ الشَّابِّ الْفَاضِلِ الْمُحَصِّلِ
جَمَالِ الدِّينِ عَبْدِ اللَّهِ ابْنِ الْعَلَّامَةِ شَمْسِ الدِّينِ بْنِ قَيِّمِ الْجَوْزِيَّةِ الْحَنْبَلِيِّ ،
[ ص: 568 ] وَدُفِنَ عِنْدَ أَبِيهِ بِمَقَابِرَ بَابِ الصَّغِيرِ ، وَكَانَتْ جَنَازَتُهُ حَافِلَةً ، وَكَانَتْ لَدَيْهِ عُلُومٌ جَيِّدَةٌ ، وَذِهْنُهُ حَاضِرٌ خَارِقٌ ، أَفْتَى ، وَدَرَّسَ ، وَأَعَادَ ، وَنَاظَرَ ، وَحَجَّ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، وَبَلَّ بِالرَّحْمَةِ ثَرَاهُ .
وَفِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ تَاسِعَ عَشَرَ شَوَّالٍ وَقَعَ حَرِيقٌ هَائِلٌ فِي سُوقِ الْقَطَّانِينَ بِالنَّهَارِ ، وَذَهَبَ إِلَيْهِ نَائِبُ السَّلْطَنَةِ ، وَالْحَجَبَةُ ، وَالْقُضَاةُ ، حَتَّى اجْتَهَدَ الْفَعُولُ وَالْمُتَبَرِّعُونَ فِي إِخْمَادِهِ وَطَفْيِهِ ، حَتَّى سَكَنَ شَرُّهُ . وَقَدْ ذَهَبَ بِسَبَبِهِ دَكَاكِينُ وَدَوْرٌ كَثِيرَةٌ جِدًّا ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، وَقَدْ رَأَيْتُهُ مِنَ الْغَدِ وَالنَّارُ كَمَا هِيَ عَمَّالَةٌ ، وَالدُّخَانُ صَاعِدٌ ، وَقَدْ ذَهَبَ النَّاسُ يُطْفُونَهُ بِالْمَاءِ الْكَثِيرِ الْغَمْرِ ، وَالنَّارُ لَا تَخْمُدُ ، لَكِنْ هَدَّمَتِ الْجُدْرَانَ ، وَخَرَّبَتِ الْمَسَاكِنَ ، وَانْتَقَلَ السُّكَّانُ .