الاحتياط على الكتبة والدواوين
وفي يوم الأربعاء خامس عشر ربيع الآخر ورد من الديار المصرية أمير معه مرسوم بالاحتياط على دواوين السلطان; بسبب ما أكلوا من الأموال المرتبة للناس من الصدقات السلطانية ، وغير ذلك ، فرسم عليهم بدار العدل البرانية ، وألزموا بأموال جزيلة كثيرة ، بحيث احتاجوا إلى بيع أثاثهم ، وأقمشتهم ، وفرشهم ، وأمتعتهم ، وغيرها ، حتى ذكر أن منهم من لم يكن له شيء يعطيه ، فأحضر بناته إلى الدكة ليبيعهن ، فتابكى الناس وانتحبوا; رحمة ورقة لأبيهن . ثم أطلق بعضهم ، وهم الضعفاء منهم والفقراء الذين لا شيء معهم ، وبقيت الغرامة على الكبراء منهم كالصاحب ، والمستوفين ، ثم شددت عليهم المطالبة ، وضربوا ضربا مبرحا ، [ ص: 606 ] وألزموا الصاحب بمال كثير ، بحيث إنه احتاج إلى أن سأل من الأمراء والأكابر والتجار بنفسه وبأوراقه ، فأسعفوه بمبلغ كثير يقارب ما ألزم به ، بعد أن عري ليضرب ، ولكن ترك ، واشتهر أنه قد عين عوضه من الديار المصرية .
فياض بن مهنا : ورد الخبر بذلك يوم السبت الثامن عشر منه ، فاستبشر بذلك كثير من الناس ، وأرسل إلى السلطان مبشرون بذلك; لأنه كان قد خرج عن الطاعة ، وفارق الجماعة ، فمات ميتة جاهلية بأرض موت العراق ، أرض الشقاق والنفاق ، وقد ذكرت عن هذا المذكور أشياء صدرت عنه من ظلم الناس ، والإفطار في شهر رمضان بلا عذر ، وأمره أصحابه وذويه بذلك في هذا الشهر الماضي ، فإنا لله وإنا إليه راجعون . جاوز السبعين .