[ ص: 324 ] nindex.php?page=treesubj&link=31848قصة إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام
هو
إبراهيم بن تارخ " 250 " بن ناحور " 148 " بن ساروغ " 230 " بن راغو " 239 " بن فالغ " 439 " بن عابر " 464 " بن شالخ " 433 " بن أرفخشد " 438 " بن سام " 600 " بن نوح عليه السلام . هذا نص أهل الكتاب في كتابهم ، وقد أعلمت على أعمارهم تحت أسمائهم بالهندي ، كما ذكروه من المدد ، وقدمنا الكلام على عمر
نوح عليه السلام فأغنى عن إعادته .
وحكى الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر في ترجمة
إبراهيم الخليل من تاريخه عن
إسحاق بن بشر الكاهلي صاحب كتاب المبتدأ أن اسم
أم إبراهيم أميلة ، ثم أورد عنه في خبر ولادتها له حكاية طويلة . وقال
الكلبي : اسمها
نونا بنت كرنبا بن كوثى من بني أرفخشد بن سام بن نوح .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من غير وجه ، عن
عكرمة أنه قال : كان
إبراهيم عليه السلام يكنى أبا الضيفان قالوا : ولما كان عمر تارخ خمسا
[ ص: 325 ] وسبعين سنة ولد له
إبراهيم عليه السلام ، وناحور ، وهاران ، وولد لهاران
لوط . وعندهم أن
إبراهيم عليه السلام هو الأوسط ، وأن هاران مات في حياة أبيه في أرضه التي ولد فيها ، وهي
أرض الكلدانيين يعنون أرض
بابل . وهذا هو الصحيح المشهور عند أهل السير والتواريخ والأخبار ، وصحح ذلك الحافظ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر بعدما روى من طريق
هشام بن عمار ، عن
الوليد ، عن
سعيد بن عبد العزيز ، عن
مكحول ، عن
ابن عباس قال : ولد
إبراهيم بغوطة
دمشق في قرية يقال لها :
برزة في جبل يقال له : قاسيون . ثم قال : والصحيح أنه ولد
ببابل ، وإنما نسب إليه هذا المقام ؛ لأنه صلى فيه إذ جاء معينا
للوط عليه السلام . قالوا : فتزوج
إبراهيم سارة ، وناحور ملكا ابنة هاران ، يعنون بابنة أخيه . قالوا : وكانت سارة عاقرا لا تلد . قالوا : وانطلق تارخ بابنه
إبراهيم ، وامرأته سارة ، وابن أخيه
لوط بن هاران ، فخرج بهم من أرض
الكلدانيين إلى أرض
الكنعانيين ، فنزلوا
حران ، فمات فيها تارخ وله مائتان وخمسون سنة . وهذا يدل على أنه لم يولد
بحران ، وإنما مولده بأرض
الكلدانيين ، وهي أرض
بابل وما والاها . ثم ارتحلوا قاصدين أرض
الكنعانيين ، وهي بلاد
بيت المقدس فأقاموا
بحران ، وهي أرض الكشدانيين في ذلك الزمان ، وكذلك أرض
الجزيرة والشام أيضا ، وكانوا يعبدون الكواكب السبعة ، والذين عمروا مدينة
دمشق كانوا على هذا الدين يستقبلون القطب الشمالي ، ويعبدون الكواكب السبعة بأنواع من الفعال والمقال ؛ ولهذا كان على كل باب من أبواب
دمشق السبعة
[ ص: 326 ] القديمة هيكل لكوكب منها ، ويعملون لها أعيادا وقرابين . وهكذا كان أهل
حران يعبدون الكواكب والأصنام ، وكل من كان على وجه الأرض كانوا كفارا سوى
إبراهيم الخليل ، وامرأته ، وابن أخيه لوط عليهم السلام . وكان
الخليل عليه السلام هو الذي أزال الله به تلك الشرور ، وأبطل به ذاك الضلال . فإن الله سبحانه وتعالى آتاه رشده في صغره ، وابتعثه رسولا ، واتخذه خليلا في كبره . قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين [ الأنبياء : 51 ] . أي كان أهلا لذلك . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16وإبراهيم إذ قال لقومه اعبدوا الله واتقوه ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إنما تعبدون من دون الله أوثانا وتخلقون إفكا إن الذين تعبدون من دون الله لا يملكون لكم رزقا فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له إليه ترجعون nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=18وإن تكذبوا فقد كذب أمم من قبلكم وما على الرسول إلا البلاغ المبين nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=18أو لم يروا كيف يبدئ الله الخلق ثم يعيده إن ذلك على الله يسير nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=20قل سيروا في الأرض فانظروا كيف بدأ الخلق ثم الله ينشئ النشأة الآخرة إن الله على كل شيء قدير nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=21يعذب من يشاء ويرحم من يشاء وإليه تقلبون nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=22وما أنتم بمعجزين في الأرض ولا في السماء وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=23والذين كفروا بآيات الله ولقائه أولئك يئسوا من رحمتي وأولئك لهم عذاب أليم nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=24فما كان جواب قومه إلا أن قالوا اقتلوه أو حرقوه فأنجاه الله من النار إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=25وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فآمن له لوط وقال إني مهاجر إلى ربي إنه هو العزيز الحكيم nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=27ووهبنا له إسحاق ويعقوب وجعلنا في ذريته النبوة والكتاب وآتيناه أجره في الدنيا وإنه في الآخرة لمن الصالحين [ العنكبوت : 16 - 27 ]
[ ص: 327 ] ثم ذكر تعالى
nindex.php?page=treesubj&link=31873مناظرته لأبيه وقومه ، كما سنذكره إن شاء الله تعالى ، وكان أول دعوته لأبيه ، وكان أبوه ممن يعبد الأصنام ؛ لأنه أحق الناس بإخلاص النصيحة له ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=treesubj&link=28990nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=41واذكر في الكتاب إبراهيم إنه كان صديقا نبيا إذ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42قال لأبيه يا أبت لم تعبد ما لا يسمع ولا يبصر ولا يغني عنك شيئا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يا أبت لا تعبد الشيطان إن الشيطان كان للرحمن عصيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يا أبت إني أخاف أن يمسك عذاب من الرحمن فتكون للشيطان وليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك واهجرني مليا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قال سلام عليك سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا [ مريم : 41 - 48 ] . يذكر تعالى ما كان بينه وبين أبيه من المحاورة والمجادلة ، وكيف دعا أباه إلى الحق بألطف عبارة وأحسن إشارة ، بين له بطلان ما هو عليه من عبادة الأصنام التي لا تسمع دعاء عابدها ولا تبصر مكانه ، كيف تغني عنه شيئا أو تفعل به خيرا من رزق أو نصر ؟
[ ص: 328 ] ثم قال منبها على ما أعطاه الله من الهدى والعلم النافع ، وإن كان أصغر سنا من أبيه
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43يا أبت إني قد جاءني من العلم ما لم يأتك فاتبعني أهدك صراطا سويا . أي مستقيما واضحا سهلا حنيفا ، يفضي بك إلى الخير في دنياك وأخراك ، فلما عرض هذا الرشد عليه ، وأهدى هذه النصيحة إليه لم يقبلها منه ، ولا أخذها عنه بل تهدده وتوعده
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قال أراغب أنت عن آلهتي يا إبراهيم لئن لم تنته لأرجمنك . قيل : بالمقال . وقيل : بالفعال
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46واهجرني مليا أي واقطعني وأطل هجراني فعندها قال له
إبراهيم :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سلام عليك أي لا يصلك مني مكروه ، ولا ينالك مني أذى ، بل أنت سالم من ناحيتي ، وزاده خيرا فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفيا . قال
ابن عباس وغيره : أي لطيفا . يعني في أن هداني لعبادته والإخلاص له ؛ ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وأعتزلكم وما تدعون من دون الله وأدعو ربي عسى ألا أكون بدعاء ربي شقيا . وقد استغفر له
إبراهيم عليه السلام ، كما وعده في أدعيته ، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه إن إبراهيم لأواه حليم [ التوبة : 114 ] .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
إسماعيل بن عبد الله ، حدثني
أخي عبد الحميد ، عن
ابن أبي ذئب ، عن
سعيد المقبري ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
يلقى إبراهيم أباه آزر يوم القيامة ، وعلى وجه آزر قترة وغبرة . فيقول له إبراهيم : ألم أقل لك لا تعصني . فيقول له أبوه : فاليوم [ ص: 329 ] لا أعصيك . فيقول إبراهيم : يا رب إنك وعدتني أن لا تخزني يوم يبعثون ، وأي خزي أخزى من أبي الأبعد . فيقول الله : إني حرمت الجنة على الكافرين ، ثم يقال : يا إبراهيم ما تحت رجليك ، فينظر فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار . هكذا رواه في قصة
إبراهيم منفردا .
وقال في التفسير . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان ، عن
ابن أبي ذئب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15985سعيد بن أبي سعيد المقبري ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة . وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15397النسائي ، عن
أحمد بن حفص بن عبد الله ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12377إبراهيم بن طهمان به . وقد رواه
البزار من حديث
حماد بن سلمة ، عن
أيوب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16972محمد بن سيرين ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وفي سياقه غرابة . ورواه أيضا من حديث
قتادة ، عن
عقبة بن عبد الغافر ، عن
أبي سعيد ، عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74وإذ قال إبراهيم لأبيه آزر أتتخذ أصناما آلهة إني أراك وقومك في ضلال مبين . هذا يدل على أن اسم أبي
إبراهيم آزر . وجمهور أهل النسب منهم
ابن عباس على أن اسم أبيه
تارح . وأهل الكتاب يقولون : تارخ بالخاء المعجمة . فقيل : إنه لقب بصنم كان يعبده اسمه آزر .
[ ص: 330 ] وقال
ابن جرير : والصواب أن اسمه آزر ، ولعل له اسمان علمان أو أحدهما لقب ، والآخر علم ، وهذا الذي قاله محتمل ، والله أعلم .
ثم قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وكذلك نري إبراهيم ملكوت السماوات والأرض وليكون من الموقنين فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الآفلين فلما رأى القمر بازغا قال هذا ربي فلما أفل قال لئن لم يهدني ربي لأكونن من القوم الضالين فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال ياقوم إني بريء مما تشركون إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هداني ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا وسع ربي كل شيء علما أفلا تتذكرون وكيف أخاف ما أشركتم ولا تخافون أنكم أشركتم بالله ما لم ينزل به عليكم سلطانا فأي الفريقين أحق بالأمن إن كنتم تعلمون الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون وتلك حجتنا آتيناها إبراهيم على قومه نرفع درجات من نشاء إن ربك حكيم عليم [ الأنعام : 75 - 83 ] . وهذا المقام مقام مناظرة لقومه ، وبيان لهم أن هذه الأجرام المشاهدة من الكواكب النيرة لا تصلح للألوهية ، ولا أن تعبد مع الله عز وجل ؛ لأنها مخلوقة مربوبة مصنوعة مدبرة مسخرة تطلع تارة وتأفل أخرى ، فتغيب عن هذا العالم ، والرب تعالى لا يغيب عنه شيء . ولا تخفى عليه خافية
[ ص: 331 ] ، بل هو الدائم الباقي بلا زوال لا إله إلا هو ، ولا رب سواه فبين لهم أولا عدم صلاحية الكوكب - قيل : هو الزهرة - لذلك ترقى منها إلى القمر الذي هو أضوأ منها وأبهى من حسنها ، ثم ترقى إلى الشمس التي هي أشد الأجرام المشاهدة ضياء وسناء وبهاء ، فبين أنها مسخرة مسيرة مقدرة مربوبة ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37ومن آياته الليل والنهار والشمس والقمر لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون [ فصلت : 37 ] . ولهذا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78فلما رأى الشمس بازغة . أي طالعة
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم إني بريء مما تشركون nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=79إني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفا وما أنا من المشركين nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80وحاجه قومه قال أتحاجوني في الله وقد هدان ولا أخاف ما تشركون به إلا أن يشاء ربي شيئا . أي لست أبالي في هذه الآلهة التي تعبدونها من دون الله فإنها لا تنفع شيئا ولا تسمع ولا تعقل ، بل هي مربوبة مسخرة كالكواكب ونحوها ، أو مصنوعة منحوتة منجورة .
والظاهر أن موعظته هذه في الكواكب لأهل
حران فإنهم كان يعبدونها ، وهذا يرد قول من زعم أنه قال هذا حين خرج من السرب لما كان صغيرا ، كما ذكره
ابن إسحاق وغيره ، وهو مستند إلى أخبار إسرائيلية لا يوثق بها ، ولا سيما إذا خالفت الحق ، وأما أهل
بابل فكانوا يعبدون الأصنام ، وهم الذين ناظرهم في عبادتها ، وكسرها عليهم وأهانها وبين بطلانها ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=25وقال إنما اتخذتم من دون الله أوثانا مودة بينكم في الحياة الدنيا ثم يوم القيامة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا ومأواكم النار وما لكم من ناصرين .
[ ص: 332 ] وقال في سورة الأنبياء :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51ولقد آتينا إبراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين إذ قال لأبيه وقومه ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين قال بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا ياإبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا فاسألوهم إن كانوا ينطقون فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون ثم نكسوا على رءوسهم لقد علمت ما هؤلاء ينطقون قال أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين [ الأنبياء : 51 - 70 ] . وقال في سورة الشعراء :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=69واتل عليهم نبأ إبراهيم إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين قال هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين الذي خلقني فهو يهدين والذي هو يطعمني ويسقين وإذا مرضت فهو يشفين والذي يميتني ثم يحيين والذي أطمع أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين [ الشعراء : 69 - 83 ] .
[ ص: 333 ] وقال تعالى في سورة الصافات :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=83وإن من شيعته لإبراهيم إذ جاء ربه بقلب سليم إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم فتولوا عنه مدبرين فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضربا باليمين فأقبلوا إليه يزفون قال أتعبدون ما تنحتون والله خلقكم وما تعملون قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين [ الصافات : 83 - 98 ] .
يخبر الله تعالى عن
إبراهيم خليله عليه السلام أنه أنكر على قومه عبادة الأوثان ، وحقرها عندهم ، وصغرها ، وتنقصها فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون . أي معتكفون عندها وخاضعون لها
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قالوا وجدنا آباءنا لها عابدين . ما كان حجتهم إلا صنيع الآباء والأجداد ، وما كانوا عليه من عبادة الأنداد
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=54قال لقد كنتم أنتم وآباؤكم في ضلال مبين . كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=85إذ قال لأبيه وقومه ماذا تعبدون أئفكا آلهة دون الله تريدون فما ظنكم برب العالمين . قال
قتادة : فما ظنكم به أنه فاعل بكم إذا لقيتموه وقد عبدتم غيره . وقال لهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=72هل يسمعونكم إذ تدعون أو ينفعونكم أو يضرون قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون . سلموا
[ ص: 334 ] له أنها لا تسمع داعيا ولا تنفع ولا تضر شيئا ، وإنما الحامل لهم على عبادتها الاقتداء بأسلافهم ، ومن هو مثلهم في الضلال من الآباء الجهال ؛ ولهذا قال لهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=75أفرأيتم ما كنتم تعبدون أنتم وآباؤكم الأقدمون فإنهم عدو لي إلا رب العالمين . وهذا برهان قاطع على بطلان إلهية ما ادعوه من الأصنام ؛ لأنه تبرأ منها وتنقص بها ، فلو كانت تضر لضرته أو تؤثر لأثرت فيه
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=55قالوا أجئتنا بالحق أم أنت من اللاعبين . يقولون : هذا الكلام الذي تقوله لنا ، وتنتقص به آلهتنا ، وتطعن بسببه في آبائنا تقوله محقا جادا فيه أم لاعبا قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=56بل ربكم رب السماوات والأرض الذي فطرهن وأنا على ذلكم من الشاهدين . يعني : بل أقول لكم ذلك جادا محقا ، وإنما إلهكم الله الذي لا إله إلا هو ربكم ، ورب كل شيء فاطر السماوات والأرض الخالق لهما على غير مثال سبق ، فهو المستحق للعبادة وحده لا شريك له ، وأنا على ذلكم من الشاهدين . وقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين . أقسم ليكيدن هذه الأصنام التي يعبدونها بعد أن تولوا مدبرين إلى عيدهم . قيل : إنه قال هذا خفية في نفسه . وقال
ابن مسعود : سمعه بعضهم . وكان لهم عيد يذهبون إليه في كل عام مرة إلى ظاهر البلد فدعاه أبوه ليحضره ، فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=89إني سقيم كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=88فنظر نظرة في النجوم فقال إني سقيم . عرض لهم في الكلام حتى توصل إلى مقصوده من إهانة أصنامهم ، ونصرة دين الله الحق في بطلان ما هم عليه من عبادة الأصنام التي تستحق أن تكسر ، وأن تهان غاية الإهانة ، فلما خرجوا إلى عيدهم ، واستقر هو في بلدهم
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=91فراغ إلى آلهتهم . أي ذهب إليها مسرعا مستخفيا
[ ص: 335 ] فوجدها في بهو عظيم ، وقد وضعوا بين أيديها أنواعا من الأطعمة قربانا إليها ، فقال لها على سبيل التهكم والازدراء :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=91ألا تأكلون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=92ما لكم لا تنطقون nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=93فراغ عليهم ضربا باليمين ؛ لأنها أقوى وأبطش وأسرع وأقهر ، فكسرها بقدوم في يده ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=58فجعلهم جذاذا أي حطاما كسرها كلها
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=58إلا كبيرا لهم لعلهم إليه يرجعون . قيل : إنه وضع القدوم في يد الكبير إشارة إلى أنه غار أن تعبد معه هذه الصغار ، فلما رجعوا من عيدهم ، ووجدوا ما حل بمعبودهم
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=59قالوا من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين .
وهذا فيه دليل ظاهر لهم لو كانوا يعقلون ، وهو ما حل بآلهتهم التي كانوا يعبدونها ، فلو كانت آلهة لدفعت عن أنفسها من أرادها بسوء لكنهم قالوا من جهلهم ، وقلة عقلهم ، وكثرة ضلالهم ، وخبالهم :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=59من فعل هذا بآلهتنا إنه لمن الظالمين قالوا سمعنا فتى يذكرهم يقال له إبراهيم . أي يذكرها بالعيب ، والتنقص لها ، والازدراء بها فهو المقيم عليها ، والكاسر لها ، وعلى قول
ابن مسعود أي يذكرهم بقوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=61قالوا فأتوا به على أعين الناس لعلهم يشهدون . أي في الملأ الأكبر على رءوس الأشهاد لعلهم يشهدون مقالته ، ويسمعون كلامه ، ويعاينون ما يحل به من الاقتصاص منه ، وكان هذا أكبر مقاصد
الخليل عليه السلام أن يجتمع الناس كلهم فيقيم على جميع عباد الأصنام الحجة على بطلان ما هم عليه ، كما قال
موسى عليه السلام لفرعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59موعدكم يوم الزينة وأن يحشر الناس ضحى .
[ ص: 336 ] فلما اجتمعوا وجاءوا به . كما ذكروا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=62قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا إبراهيم قال بل فعله كبيرهم هذا . قيل : معناه هو الحامل لي على تكسيرها ، وإنما عرض لهم في القول
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63فاسألوهم إن كانوا ينطقون . وإنما أراد بقوله هذا أن يبادروا إلى القول أن هذه لا تنطق فيعترفوا بأنها جماد كسائر الجمادات
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=64فرجعوا إلى أنفسهم فقالوا إنكم أنتم الظالمون . أي فعادوا على أنفسهم بالملامة فقالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=64إنكم أنتم الظالمون . أي في تركها لا حافظ لها ، ولا حارس عندها
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=65ثم نكسوا على رءوسهم . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : أي ثم رجعوا إلى الفتنة فعلى هذا يكون قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=64إنكم أنتم الظالمون . أي في عبادتها . وقال
قتادة أدركت القوم حيرة سوء أي فأطرقوا ، ثم قالوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=65لقد علمت ما هؤلاء ينطقون . أي لقد علمت يا
إبراهيم أن هذه لا تنطق فكيف تأمرنا بسؤالها فعند ذلك قال لهم
الخليل عليه السلام :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=66أفتعبدون من دون الله ما لا ينفعكم شيئا ولا يضركم أف لكم ولما تعبدون من دون الله أفلا تعقلون . كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=94فأقبلوا إليه يزفون . قال
مجاهد : يسرعون .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=95قال أتعبدون ما تنحتون . أي كيف تعبدون أصناما أنتم تنحتونها من الخشب والحجارة ، وتصورونها وتشكلونها كما تريدون
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=96والله خلقكم وما تعملون ؟ وسواء كانت ما مصدرية أو بمعنى الذي فمقتضى الكلام أنكم مخلوقون وهذه الأصنام مخلوقة ، فكيف يعبد مخلوق مخلوقا مثله فإنه ليس عبادتكم
[ ص: 337 ] لها بأولى من عبادتها لكم ، وهذا باطل فالآخر باطل للتحكم ؛ إذ ليست العبادة تصلح ولا تجب إلا للخالق وحده لا شريك له .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=97قالوا ابنوا له بنيانا فألقوه في الجحيم فأرادوا به كيدا فجعلناهم الأسفلين . عدلوا عن الجدال والمناظرة لما انقطعوا وغلبوا ، ولم تبق لهم حجة ولا شبهة ، إلى استعمال قوتهم وسلطانهم ، لينصروا ما هم عليه من سفههم وطغيانهم ، فكادهم الرب جل جلاله ، وأعلى كلمته ودينه وبرهانه ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=68قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين قلنا يانار كوني بردا وسلاما على إبراهيم وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين . وذلك أنهم شرعوا يجمعون حطبا من جميع ما يمكنهم من الأماكن ، فمكثوا مدة يجمعون له حتى إن المرأة منهم كانت إذا مرضت تنذر لئن عوفيت لتحملن حطبا لحريق
إبراهيم ، ثم عمدوا إلى جوبة عظيمة فوضعوا فيها ذلك الحطب ، وأطلقوا فيه النار فاضطرمت وتأججت والتهبت ، وعلاها شرر لم ير مثله قط ، ثم وضعوا
إبراهيم عليه السلام في كفة منجنيق صنعه لهم رجل من الأكراد يقال له
هيزن ، وكان أول من صنع المجانيق فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة ، ثم أخذوا يقيدونه ويكتفونه ، وهو يقول : لا إله إلا أنت سبحانك ، لك الحمد ولك الملك لا شريك لك . فلما وضع
الخليل عليه السلام في كفة المنجنيق مقيدا مكتوفا ، ثم ألقوه
[ ص: 338 ] منه إلى النار قال : حسبنا الله ، ونعم الوكيل . كما روى
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري ، عن
ابن عباس أنه قال : حسبنا الله ونعم الوكيل . قالها
إبراهيم حين ألقي في النار ، وقالها
محمد حين قيل له :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173إن الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيمانا وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء [ آل عمران : 173 - 174 ] . الآية .
وقال
أبو يعلى : حدثنا أبو
هشام الرفاعي ، حدثنا
إسحاق بن سليمان ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11960أبي جعفر الرازي ، عن
عاصم بن أبي النجود ، عن
أبي صالح ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة قال : قال صلى الله عليه وسلم :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509764لما ألقي إبراهيم في النار قال : اللهم إنك في السماء واحد ، وأنا في الأرض واحد أعبدك .
وذكر بعض السلف أن
جبريل عرض له في الهواء فقال : ألك حاجة ؟ فقال : أما إليك فلا . ويروى عن
ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير أنه قال : جعل ملك المطر يقول : متى أومر فأرسل المطر ؟ فكان أمر الله أسرع
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=69قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على إبراهيم . قال
علي بن أبي طالب أي لا تضريه ، وقال
ابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=11873وأبو العالية : لولا أن الله قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=69وسلاما على إبراهيم لأذى
إبراهيم بردها . وقال
كعب الأحبار : لم ينتفع أهل الأرض يومئذ بنار ، ولم يحرق منه سوى وثاقه . وقال
الضحاك : يروى أن
جبريل عليه السلام كان معه يمسح العرق عن وجهه لم يصبه منها شيء غيره . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي : كان معه أيضا ملك الظل . وصار
إبراهيم [ ص: 339 ] عليه السلام في مثل الجونة حوله النار ، وهو في روضة خضراء ، والناس ينظرون إليه لا يقدرون على الوصول إليه ، ولا هو يخرج إليهم فعن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة أنه قال : أحسن كلمة قالها أبو
إبراهيم إذ قال لما رأى ولده على تلك الحال : نعم الرب ربك يا
إبراهيم .
وروى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر ، عن
عكرمة : أن أم إبراهيم نظرت إلى ابنها عليه السلام فنادته : يا بني إني أريد أن أجيء إليك ، فادع الله أن ينجيني من حر النار حولك . فقال : نعم . فأقبلت إليه لا يمسها شيء من حر النار ، فلما وصلت إليه اعتنقته ، وقبلته ، ثم عادت . وعن
nindex.php?page=showalam&ids=15342المنهال بن عمرو أنه قال : أخبرت أن
إبراهيم مكث هناك إما أربعين ، وإما خمسين يوما ، وأنه قال : ما كنت أياما وليالي أطيب عيشا إذ كنت فيها ، ووددت أن عيشي وحياتي كلها مثل إذ كنت فيها . صلوات الله وسلامه عليه .
فأرادوا أن ينتصروا فخذلوا ، وأرادوا أن يرتفعوا فاتضعوا ، وأرادوا أن يغلبوا فغلبوا قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=70وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين . وفي الآية الأخرى : الأسفلين ففازوا بالخسارة والسفال هذا في الدنيا ، وأما في الآخرة فإن نارهم لا تكون عليهم بردا ولا سلاما ، ولا يلقون فيها تحية ولا سلاما ، بل هي كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=66إنها ساءت مستقرا ومقاما .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عبيد الله بن موسى أو
ابن سلام عنه ،
[ ص: 340 ] أنبأنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، عن
عبد الحميد بن جبير ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15990سعيد بن المسيب ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=11598أم شريك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الوزغ . وقال
كان ينفخ على إبراهيم . ورواه
مسلم من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج ، وأخرجاه ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397والنسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وابن ماجه من حديث
سفيان بن عيينة ، كلاهما عن
عبد الحميد بن جبير بن شيبة به . وقال
أحمد : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13853محمد بن بكر ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج أخبرني
عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي أمية أن
nindex.php?page=showalam&ids=17191نافعا مولى
ابن عمر أخبره أن
عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :
اقتلوا الوزغ فإنه كان ينفخ على إبراهيم النار . قال : فكانت
عائشة تقتلهن . وقال
أحمد : حدثنا
إسماعيل ، حدثنا
أيوب ، عن
نافع أن امرأة دخلت على
عائشة ، فإذا رمح منصوب فقالت : ما هذا الرمح؟ فقالت : نقتل به الأوزاغ ، ثم حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم :
أن إبراهيم لما ألقي في النار جعلت الدواب كلها تطفئ عنه إلا الوزغ فإنه جعل ينفخها عليه . تفرد به
أحمد من هذين الوجهين .
وقال
أحمد : حدثنا
عفان ، حدثنا
جرير ، حدثنا
نافع حدثتني
سائبة مولاة الفاكه بن المغيرة قالت دخلت على
عائشة [ ص: 341 ] فرأيت في بيتها رمحا موضوعا فقلت : يا أم المؤمنين ما تصنعين بهذا الرمح ؟ قالت : هذا لهذه الأوزاغ نقتلهن به فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حدثنا
أن إبراهيم حين ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا تطفئ عنه النار غير الوزغ كان ينفخ عليه . فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله . ورواه
ابن ماجه ، عن
أبي بكر بن أبي شيبة ، عن
يونس بن محمد ، عن
جرير بن حازم به .
[ ص: 324 ] nindex.php?page=treesubj&link=31848قِصَّةُ إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ
هُوَ
إِبْرَاهِيمُ بْنُ تَارَخَ " 250 " بْنِ نَاحُورَ " 148 " بْنِ سَارُوغَ " 230 " بْنِ رَاغُوَ " 239 " بْنِ فَالَغَ " 439 " بْنِ عَابَرَ " 464 " بْنِ شَالَخَ " 433 " بْنِ أَرْفَخْشَدَ " 438 " بْنِ سَامِ " 600 " بْنِ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ . هَذَا نَصُّ أَهْلِ الْكِتَابِ فِي كِتَابِهِمْ ، وَقَدْ أَعْلَمْتُ عَلَى أَعْمَارِهِمْ تَحْتَ أَسْمَائِهِمْ بِالْهِنْدِيِّ ، كَمَا ذَكَرُوهُ مِنَ الْمُدَدِ ، وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَى عُمُرِ
نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ فَأَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ .
وَحَكَى الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ مِنْ تَارِيخِهِ عَنْ
إِسْحَاقَ بْنِ بِشْرٍ الْكَاهِلِيِّ صَاحِبِ كِتَابِ الْمُبْتَدَأِ أَنَّ اسْمَ
أُمِّ إِبْرَاهِيمَ أُمَيْلَةُ ، ثُمَّ أَوْرَدَ عَنْهُ فِي خَبَرِ وِلَادَتِهَا لَهُ حِكَايَةً طَوِيلَةً . وَقَالَ
الْكَلْبِيُّ : اسْمُهَا
نُونَا بِنْتُ كَرَنْبَا بْنِ كُوثَى مِنْ بَنِي أَرْفَخْشَدَ بْنِ سَامِ بْنِ نُوحٍ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ أَنَّهُ قَالَ : كَانَ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ يُكْنَى أَبَا الضِّيفَانِ قَالُوا : وَلَمَّا كَانَ عُمُرُ تَارَخَ خَمْسًا
[ ص: 325 ] وَسَبْعِينَ سَنَةً وُلِدَ لَهُ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَنَاحُورُ ، وَهَارَانُ ، وَوُلِدَ لِهَارَانَ
لُوطٌ . وَعِنْدَهُمْ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الْأَوْسَطُ ، وَأَنَّ هَارَانَ مَاتَ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ فِي أَرْضِهِ الَّتِي وُلِدَ فِيهَا ، وَهِيَ
أَرْضُ الْكَلْدَانِيِّينَ يَعْنُونَ أَرْضَ
بَابِلَ . وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَشْهُورُ عِنْدَ أَهْلِ السِّيَرِ وَالتَّوَارِيخِ وَالْأَخْبَارِ ، وَصَحَّحَ ذَلِكَ الْحَافِظُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ بَعْدَمَا رَوَى مِنْ طَرِيقِ
هِشَامِ بْنِ عَمَّارٍ ، عَنِ
الْوَلِيدِ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، عَنْ
مَكْحُولٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : وُلِدَ
إِبْرَاهِيمُ بِغُوطَةِ
دِمَشْقَ فِي قَرْيَةٍ يُقَالُ لَهَا :
بَرْزَةُ فِي جَبَلٍ يُقَالُ لَهُ : قَاسِيُونَ . ثُمَّ قَالَ : وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ وُلِدَ
بِبَابِلَ ، وَإِنَّمَا نُسِبَ إِلَيْهِ هَذَا الْمَقَامُ ؛ لِأَنَّهُ صَلَّى فِيهِ إِذْ جَاءَ مُعِينًا
لِلُوطٍ عَلَيْهِ السَّلَامُ . قَالُوا : فَتَزَوَّجَ
إِبْرَاهِيمُ سَارَةَ ، وَنَاحُورُ مَلْكَا ابْنَةَ هَارَانَ ، يَعْنُونَ بِابْنَةِ أَخِيهِ . قَالُوا : وَكَانَتْ سَارَةُ عَاقِرًا لَا تَلِدُ . قَالُوا : وَانْطَلَقَ تَارَخُ بِابْنِهِ
إِبْرَاهِيمَ ، وَامْرَأَتِهِ سَارَةَ ، وَابْنِ أَخِيهِ
لُوطِ بْنِ هَارَانَ ، فَخَرَجَ بِهِمْ مِنْ أَرْضِ
الْكَلْدَانِيِّينَ إِلَى أَرْضِ
الْكَنْعَانِيِّينَ ، فَنَزَلُوا
حَرَّانَ ، فَمَاتَ فِيهَا تَارَخُ وَلَهُ مِائَتَانِ وَخَمْسُونَ سَنَةً . وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُولَدْ
بِحَرَّانَ ، وَإِنَّمَا مَوْلِدُهُ بِأَرْضِ
الْكَلْدَانِيِّينَ ، وَهِيَ أَرْضُ
بَابِلَ وَمَا وَالَاهَا . ثُمَّ ارْتَحَلُوا قَاصِدِينَ أَرْضَ
الْكَنْعَانِيِّينَ ، وَهِيَ بِلَادُ
بَيْتِ الْمَقْدِسِ فَأَقَامُوا
بِحَرَّانَ ، وَهِيَ أَرْضُ الْكَشْدَانِيِّينَ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ ، وَكَذَلِكَ أَرْضُ
الْجَزِيرَةِ وَالشَّامِ أَيْضًا ، وَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ ، وَالَّذِينَ عَمَّرُوا مَدِينَةَ
دِمَشْقَ كَانُوا عَلَى هَذَا الدِّينِ يَسْتَقْبِلُونَ الْقُطْبَ الشَّمَالِيَّ ، وَيَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ السَّبْعَةَ بِأَنْوَاعٍ مِنَ الْفَعَالِ وَالْمَقَالِ ؛ وَلِهَذَا كَانَ عَلَى كُلِّ بَابٍ مِنْ أَبْوَابِ
دِمَشْقَ السَّبْعَةِ
[ ص: 326 ] الْقَدِيمَةِ هَيْكَلٌ لِكَوْكَبٍ مِنْهَا ، وَيَعْمَلُونَ لَهَا أَعْيَادًا وَقَرَابِينَ . وَهَكَذَا كَانَ أَهْلُ
حَرَّانَ يَعْبُدُونَ الْكَوَاكِبَ وَالْأَصْنَامَ ، وَكُلُّ مَنْ كَانَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ كَانُوا كُفَّارًا سِوَى
إِبْرَاهِيمَ الْخَلِيلِ ، وَامْرَأَتِهِ ، وَابْنِ أَخِيهِ لُوطٍ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ . وَكَانَ
الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ هُوَ الَّذِي أَزَالَ اللَّهُ بِهِ تِلْكَ الشُّرُورَ ، وَأَبْطَلَ بِهِ ذَاكَ الضَّلَالَ . فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى آتَاهُ رُشْدَهُ فِي صِغَرِهِ ، وَابْتَعَثَهُ رَسُولًا ، وَاتَّخَذَهُ خَلِيلًا فِي كِبَرِهِ . قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ [ الْأَنْبِيَاءِ : 51 ] . أَيْ كَانَ أَهْلًا لِذَلِكَ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=16وَإِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاتَّقُوهُ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=17إِنَّمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا وَتَخْلُقُونَ إِفْكًا إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقًا فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=18وَإِنْ تُكَذِّبُوا فَقَدْ كَذَّبَ أُمَمٌ مِنْ قَبْلِكُمْ وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=18أَوَ لَمْ يَرَوْا كَيْفَ يُبْدِئُ اللَّهُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=20قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنْشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=21يُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ وَيَرْحَمُ مَنْ يَشَاءُ وَإِلَيْهِ تُقْلَبُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=22وَمَا أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلَا نَصِيرٍ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=23وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ وَلِقَائِهِ أُولَئِكَ يَئِسُوا مِنْ رَحْمَتِي وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=24فَمَا كَانَ جَوَابَ قَوْمِهِ إِلَّا أَنْ قَالُوا اقْتُلُوهُ أَوْ حَرِّقُوهُ فَأَنْجَاهُ اللَّهُ مِنَ النَّارِ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=25وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=26فَآمَنَ لَهُ لُوطٌ وَقَالَ إِنِّي مُهَاجِرٌ إِلَى رَبِّي إِنَّهُ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=27وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ وَآتَيْنَاهُ أَجْرَهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ [ الْعَنْكَبُوتِ : 16 - 27 ]
[ ص: 327 ] ثُمَّ ذَكَرَ تَعَالَى
nindex.php?page=treesubj&link=31873مُنَاظَرَتَهُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ ، كَمَا سَنَذْكُرُهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى ، وَكَانَ أَوَّلُ دَعْوَتِهِ لِأَبِيهِ ، وَكَانَ أَبُوهُ مِمَّنْ يَعْبُدُ الْأَصْنَامَ ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ النَّاسِ بِإِخْلَاصِ النَّصِيحَةِ لَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=treesubj&link=28990nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=41وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَبِيًّا إِذْ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=42قَالَ لِأَبِيهِ يَا أَبَتِ لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنْكَ شَيْئًا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=44يَا أَبَتِ لَا تَعْبُدِ الشَّيْطَانَ إِنَّ الشَّيْطَانَ كَانَ لِلرَّحْمَنِ عَصِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=45يَا أَبَتِ إِنِّي أَخَافُ أَنْ يَمَسَّكَ عَذَابٌ مِنَ الرَّحْمَنِ فَتَكُونَ لِلشَّيْطَانِ وَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47قَالَ سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا [ مَرْيَمَ : 41 - 48 ] . يَذْكُرُ تَعَالَى مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَبِيهِ مِنَ الْمُحَاوَرَةِ وَالْمُجَادَلَةِ ، وَكَيْفَ دَعَا أَبَاهُ إِلَى الْحَقِّ بِأَلْطَفِ عِبَارَةٍ وَأَحْسَنِ إِشَارَةٍ ، بَيَّنَ لَهُ بُطْلَانَ مَا هُوَ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تَسْمَعُ دُعَاءَ عَابِدِهَا وَلَا تُبْصِرُ مَكَانَهُ ، كَيْفَ تُغْنِي عَنْهُ شَيْئًا أَوْ تَفْعَلُ بِهِ خَيْرًا مِنْ رِزْقٍ أَوْ نَصْرٍ ؟
[ ص: 328 ] ثُمَّ قَالَ مُنَبِّهًا عَلَى مَا أَعْطَاهُ اللَّهُ مِنَ الْهُدَى وَالْعِلْمِ النَّافِعِ ، وَإِنْ كَانَ أَصْغَرَ سِنًّا مِنْ أَبِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=43يَا أَبَتِ إِنِّي قَدْ جَاءَنِي مِنَ الْعِلْمِ مَا لَمْ يَأْتِكَ فَاتَّبِعْنِي أَهْدِكَ صِرَاطًا سَوِيًّا . أَيْ مُسْتَقِيمًا وَاضِحًا سَهْلًا حَنِيفًا ، يُفْضِي بِكَ إِلَى الْخَيْرِ فِي دُنْيَاكَ وَأُخْرَاكَ ، فَلَمَّا عَرَضَ هَذَا الرُّشْدَ عَلَيْهِ ، وَأَهْدَى هَذِهِ النَّصِيحَةَ إِلَيْهِ لَمْ يَقْبَلْهَا مِنْهُ ، وَلَا أَخَذَهَا عَنْهُ بَلْ تَهَدَّدَهُ وَتَوَعَّدَهُ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46قَالَ أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ . قِيلَ : بِالْمَقَالِ . وَقِيلَ : بِالْفَعَالِ
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=46وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا أَيْ وَاقْطَعْنِي وَأَطِلْ هِجْرَانِي فَعِنْدَهَا قَالَ لَهُ
إِبْرَاهِيمُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سَلَامٌ عَلَيْكَ أَيْ لَا يَصِلُكَ مِنِّي مَكْرُوهٌ ، وَلَا يَنَالُكَ مِنِّي أَذًى ، بَلْ أَنْتَ سَالِمٌ مِنْ نَاحِيَتِي ، وَزَادَهُ خَيْرًا فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=47سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ وَغَيْرُهُ : أَيْ لَطِيفًا . يَعْنِي فِي أَنْ هَدَانِي لِعِبَادَتِهِ وَالْإِخْلَاصِ لَهُ ؛ وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=19&ayano=48وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا . وَقَدِ اسْتَغْفَرَ لَهُ
إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَامُ ، كَمَا وَعَدَهُ فِي أَدْعِيَتِهِ ، فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=114وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ [ التَّوْبَةِ : 114 ] .
وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنِي
أَخِي عَبْدُ الْحَمِيدِ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ
سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
يَلْقَى إِبْرَاهِيمُ أَبَاهُ آزَرَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَعَلَى وَجْهِ آزَرَ قَتَرَةٌ وَغَبَرَةٌ . فَيَقُولُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ : أَلَمْ أَقُلْ لَكَ لَا تَعْصِنِي . فَيَقُولُ لَهُ أَبُوهُ : فَالْيَوْمَ [ ص: 329 ] لَا أَعْصِيكَ . فَيَقُولُ إِبْرَاهِيمُ : يَا رَبِّ إِنَّكَ وَعَدْتَنِي أَنْ لَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ ، وَأَيُّ خِزْيٍ أَخْزَى مِنْ أَبِي الْأَبْعَدِ . فَيَقُولُ اللَّهُ : إِنِّي حَرَّمْتُ الْجَنَّةَ عَلَى الْكَافِرِينَ ، ثُمَّ يُقَالُ : يَا إِبْرَاهِيمُ مَا تَحْتَ رِجْلَيْكَ ، فَيَنْظُرُ فَإِذَا هُوَ بِذِيخٍ مُتَلَطِّخٍ فَيُؤْخَذُ بِقَوَائِمِهِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ . هَكَذَا رَوَاهُ فِي قِصَّةِ
إِبْرَاهِيمَ مُنْفَرِدًا .
وَقَالَ فِي التَّفْسِيرِ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12377إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، عَنِ
ابْنِ أَبِي ذِئْبٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15985سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ . وَهَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=15397النَّسَائِيُّ ، عَنْ
أَحْمَدَ بْنِ حَفْصِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12377إِبْرَاهِيمَ بْنِ طَهْمَانَ بِهِ . وَقَدْ رَوَاهُ
الْبَزَّارُ مِنْ حَدِيثِ
حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنْ
أَيُّوبَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16972مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . وَفِي سِيَاقِهِ غَرَابَةٌ . وَرَوَاهُ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ
قَتَادَةَ ، عَنْ
عُقْبَةَ بْنِ عَبْدِ الْغَافِرِ ، عَنْ
أَبِي سَعِيدٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوِهِ . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=74وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ آزَرَ أَتَتَّخِذُ أَصْنَامًا آلِهَةً إِنِّي أَرَاكَ وَقَوْمَكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . هَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ اسْمَ أَبِي
إِبْرَاهِيمَ آزَرُ . وَجُمْهُورُ أَهْلِ النَّسَبِ مِنْهُمُ
ابْنُ عَبَّاسٍ عَلَى أَنَّ اسْمَ أَبِيهِ
تَارَحُ . وَأَهْلُ الْكِتَابِ يَقُولُونَ : تَارَخُ بِالْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ . فَقِيلَ : إِنَّهُ لُقِّبَ بِصَنَمٍ كَانَ يَعْبُدُهُ اسْمُهُ آزَرُ .
[ ص: 330 ] وَقَالَ
ابْنُ جَرِيرٍ : وَالصَّوَابُ أَنَّ اسْمَهُ آزَرُ ، وَلَعَلَّ لَهُ اسْمَانِ عَلَمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا لَقَبٌ ، وَالْآخَرُ عَلَمٌ ، وَهَذَا الَّذِي قَالَهُ مُحْتَمَلٌ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=75وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآفِلِينَ فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي رَبِّي لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَاقَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِي وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا أَفَلَا تَتَذَكَّرُونَ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلَا تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُمْ بِاللَّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ [ الْأَنْعَامِ : 75 - 83 ] . وَهَذَا الْمَقَامُ مَقَامُ مُنَاظَرَةٍ لِقَوْمِهِ ، وَبَيَانٌ لَهُمْ أَنَّ هَذِهِ الْأَجْرَامَ الْمُشَاهَدَةَ مِنَ الْكَوَاكِبِ النَّيِّرَةِ لَا تَصْلُحُ لِلْأُلُوهِيَّةِ ، وَلَا أَنْ تُعْبَدَ مَعَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ؛ لِأَنَّهَا مَخْلُوقَةٌ مَرْبُوبَةٌ مَصْنُوعَةٌ مُدَبَّرَةٌ مُسَخَّرَةٌ تَطْلُعُ تَارَةً وَتَأْفُلُ أُخْرَى ، فَتَغِيبُ عَنْ هَذَا الْعَالَمِ ، وَالرَّبُّ تَعَالَى لَا يَغِيبُ عَنْهُ شَيْءٌ . وَلَا تَخْفَى عَلَيْهِ خَافِيَةٌ
[ ص: 331 ] ، بَلْ هُوَ الدَّائِمُ الْبَاقِي بِلَا زَوَالٍ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ ، وَلَا رَبَّ سِوَاهُ فَبَيَّنَ لَهُمْ أَوَّلًا عَدَمَ صَلَاحِيَةِ الْكَوْكَبِ - قِيلَ : هُوَ الزُّهَرَةُ - لِذَلِكَ تَرَقَّى مِنْهَا إِلَى الْقَمَرِ الَّذِي هُوَ أَضْوَأُ مِنْهَا وَأَبْهَى مِنْ حُسْنِهَا ، ثُمَّ تَرَقَّى إِلَى الشَّمْسِ الَّتِي هِيَ أَشَدُّ الْأَجْرَامِ الْمُشَاهَدَةِ ضِيَاءً وَسَنَاءً وَبَهَاءً ، فَبَيَّنَ أَنَّهَا مُسَخَّرَةٌ مُسَيَّرَةٌ مُقَدَّرَةٌ مَرْبُوبَةٌ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=41&ayano=37وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ [ فُصِّلَتْ : 37 ] . وَلِهَذَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً . أَيْ طَالِعَةً
nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=78قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=79إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ nindex.php?page=tafseer&surano=6&ayano=80وَحَاجَّهُ قَوْمُهُ قَالَ أَتُحَاجُّونِّي فِي اللَّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلَا أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ بِهِ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ رَبِّي شَيْئًا . أَيْ لَسْتُ أُبَالِي فِي هَذِهِ الْآلِهَةِ الَّتِي تَعْبُدُونَهَا مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنَّهَا لَا تَنْفَعُ شَيْئًا وَلَا تَسْمَعُ وَلَا تَعْقِلُ ، بَلْ هِيَ مَرْبُوبَةٌ مُسَخَّرَةٌ كَالْكَوَاكِبِ وَنَحْوِهَا ، أَوْ مَصْنُوعَةٌ مَنْحُوتَةٌ مَنْجُورَةٌ .
وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَوْعِظَتَهُ هَذِهِ فِي الْكَوَاكِبِ لِأَهْلِ
حَرَّانَ فَإِنَّهُمْ كَانَ يَعْبُدُونَهَا ، وَهَذَا يَرُدُّ قَوْلَ مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حِينَ خَرَجَ مِنَ السَّرَبِ لَمَّا كَانَ صَغِيرًا ، كَمَا ذَكَرَهُ
ابْنُ إِسْحَاقَ وَغَيْرُهُ ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَى أَخْبَارٍ إِسْرَائِيلِيَّةٍ لَا يُوثَقُ بِهَا ، وَلَا سِيَّمَا إِذَا خَالَفَتِ الْحَقَّ ، وَأَمَّا أَهْلُ
بَابِلَ فَكَانُوا يَعْبُدُونَ الْأَصْنَامَ ، وَهُمُ الَّذِينَ نَاظَرَهُمْ فِي عِبَادَتِهَا ، وَكَسَرَهَا عَلَيْهِمْ وَأَهَانَهَا وَبَيَّنَ بُطْلَانَهَا ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=29&ayano=25وَقَالَ إِنَّمَا اتَّخَذْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثَانًا مَوَدَّةَ بَيْنِكُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضًا وَمَأْوَاكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَاصِرِينَ .
[ ص: 332 ] وَقَالَ فِي سُورَةِ الْأَنْبِيَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=51وَلَقَدْ آتَيْنَا إِبْرَاهِيمَ رُشْدَهُ مِنْ قَبْلُ وَكُنَّا بِهِ عَالِمِينَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ قَالَ بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَاإِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ [ الْأَنْبِيَاءِ : 51 - 70 ] . وَقَالَ فِي سُورَةِ الشُّعَرَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=69وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ قَالَ هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ قَالَ أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ الَّذِي خَلَقَنِي فَهُوَ يَهْدِينِ وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِينِ وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِينِ وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِينِ وَالَّذِي أَطْمَعُ أَنْ يَغْفِرَ لِي خَطِيئَتِي يَوْمَ الدِّينِ رَبِّ هَبْ لِي حُكْمًا وَأَلْحِقْنِي بِالصَّالِحِينَ [ الشُّعَرَاءِ : 69 - 83 ] .
[ ص: 333 ] وَقَالَ تَعَالَى فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=83وَإِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ إِذْ جَاءَ رَبَّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ فَرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ فَقَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ [ الصَّافَّاتِ : 83 - 98 ] .
يُخْبِرُ اللَّهُ تَعَالَى عَنْ
إِبْرَاهِيمَ خَلِيلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنَّهُ أَنْكَرَ عَلَى قَوْمِهِ عِبَادَةَ الْأَوْثَانِ ، وَحَقَّرَهَا عِنْدَهُمْ ، وَصَغَّرَهَا ، وَتَنَقَّصَهَا فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=52مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ . أَيْ مُعْتَكِفُونَ عِنْدَهَا وَخَاضِعُونَ لَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=53قَالُوا وَجَدْنَا آبَاءَنَا لَهَا عَابِدِينَ . مَا كَانَ حُجَّتَهُمْ إِلَّا صَنِيعُ الْآبَاءِ وَالْأَجْدَادِ ، وَمَا كَانُوا عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَنْدَادِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=54قَالَ لَقَدْ كُنْتُمْ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ . كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=85إِذْ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَاذَا تَعْبُدُونَ أَئِفْكًا آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ فَمَا ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعَالَمِينَ . قَالَ
قَتَادَةُ : فَمَا ظَنُّكُمْ بِهِ أَنَّهُ فَاعِلٌ بِكُمْ إِذَا لَقِيتُمُوهُ وَقَدْ عَبَدْتُمْ غَيْرَهُ . وَقَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=72هَلْ يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ أَوْ يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ قَالُوا بَلْ وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ . سَلَّمُوا
[ ص: 334 ] لَهُ أَنَّهَا لَا تَسْمَعُ دَاعِيًا وَلَا تَنْفَعُ وَلَا تَضُرُّ شَيْئًا ، وَإِنَّمَا الْحَامِلُ لَهُمْ عَلَى عِبَادَتِهَا الِاقْتِدَاءُ بِأَسْلَافِهِمْ ، وَمَنْ هُوَ مِثْلُهُمْ فِي الضَّلَالِ مِنَ الْآبَاءِ الْجُهَّالِ ؛ وَلِهَذَا قَالَ لَهُمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=26&ayano=75أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي إِلَّا رَبَّ الْعَالَمِينَ . وَهَذَا بُرْهَانٌ قَاطِعٌ عَلَى بُطْلَانِ إِلَهِيَّةِ مَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْأَصْنَامِ ؛ لِأَنَّهُ تَبَرَّأَ مِنْهَا وَتَنَقَّصَ بِهَا ، فَلَوْ كَانَتْ تَضُرُّ لَضَرَّتْهُ أَوْ تُؤَثِّرُ لَأَثَّرَتْ فِيهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=55قَالُوا أَجِئْتَنَا بِالْحَقِّ أَمْ أَنْتَ مِنَ اللَّاعِبِينَ . يَقُولُونَ : هَذَا الْكَلَامُ الَّذِي تَقُولُهُ لَنَا ، وَتَنْتَقِصُ بِهِ آلِهَتَنَا ، وَتَطْعَنُ بِسَبَبِهِ فِي آبَائِنَا تَقُولُهُ مُحِقًّا جَادًّا فِيهِ أَمْ لَاعِبًا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=56بَلْ رَبُّكُمْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الَّذِي فَطَرَهُنَّ وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ . يَعْنِي : بَلْ أَقُولُ لَكُمْ ذَلِكَ جَادًّا مُحِقًّا ، وَإِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّكُمْ ، وَرَبُّ كُلِّ شَيْءٍ فَاطِرُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْخَالِقُ لَهُمَا عَلَى غَيْرِ مِثَالٍ سَبَقَ ، فَهُوَ الْمُسْتَحِقُّ لِلْعِبَادَةِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَنَا عَلَى ذَلِكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ . وَقَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ . أَقْسَمَ لَيَكِيدَنَّ هَذِهِ الْأَصْنَامَ الَّتِي يَعْبُدُونَهَا بَعْدَ أَنْ تَوَلَّوْا مُدْبِرِينَ إِلَى عِيدِهِمْ . قِيلَ : إِنَّهُ قَالَ هَذَا خُفْيَةً فِي نَفْسِهِ . وَقَالَ
ابْنُ مَسْعُودٍ : سَمِعَهُ بَعْضُهُمْ . وَكَانَ لَهُمْ عِيدٌ يَذْهَبُونَ إِلَيْهِ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً إِلَى ظَاهِرِ الْبَلَدِ فَدَعَاهُ أَبُوهُ لِيَحْضُرَهُ ، فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=89إِنِّي سَقِيمٌ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=88فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ . عَرَّضَ لَهُمْ فِي الْكَلَامِ حَتَّى تَوَصَّلَ إِلَى مَقْصُودِهِ مِنْ إِهَانَةِ أَصْنَامِهِمْ ، وَنُصْرَةِ دِينِ اللَّهِ الْحَقِّ فِي بُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ عِبَادَةِ الْأَصْنَامِ الَّتِي تَسْتَحِقُّ أَنْ تُكَسَّرَ ، وَأَنْ تُهَانَ غَايَةَ الْإِهَانَةِ ، فَلَمَّا خَرَجُوا إِلَى عِيدِهِمْ ، وَاسْتَقَرَّ هُوَ فِي بَلَدِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=91فرَاغَ إِلَى آلِهَتِهِمْ . أَيْ ذَهَبَ إِلَيْهَا مُسْرِعًا مُسْتَخْفِيًا
[ ص: 335 ] فَوَجَدَهَا فِي بَهْوٍ عَظِيمٍ ، وَقَدْ وَضَعُوا بَيْنَ أَيْدِيَهَا أَنْوَاعًا مِنَ الْأَطْعِمَةِ قُرْبَانًا إِلَيْهَا ، فَقَالَ لَهَا عَلَى سَبِيلِ التَّهَكُّمِ وَالِازْدِرَاءِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=91أَلَا تَأْكُلُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=92مَا لَكُمْ لَا تَنْطِقُونَ nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=93فَرَاغَ عَلَيْهِمْ ضَرْبًا بِالْيَمِينِ ؛ لِأَنَّهَا أَقْوَى وَأَبْطَشُ وَأَسْرَعُ وَأَقْهَرُ ، فَكَسَّرَهَا بِقَدُومٍ فِي يَدِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=58فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا أَيْ حُطَامًا كَسَّرَهَا كُلَّهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=58إِلَّا كَبِيرًا لَهُمْ لَعَلَّهُمْ إِلَيْهِ يَرْجِعُونَ . قِيلَ : إِنَّهُ وَضَعَ الْقَدُومَ فِي يَدِ الْكَبِيرِ إِشَارَةً إِلَى أَنَّهُ غَارَ أَنْ تُعْبَدَ مَعَهُ هَذِهِ الصِّغَارُ ، فَلَمَّا رَجَعُوا مِنْ عِيدِهِمْ ، وَوَجَدُوا مَا حَلَّ بِمَعْبُودِهِمْ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=59قَالُوا مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ .
وَهَذَا فِيهِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْقِلُونَ ، وَهُوَ مَا حَلَّ بِآلِهَتِهِمُ الَّتِي كَانُوا يَعْبُدُونَهَا ، فَلَوْ كَانَتْ آلِهَةً لَدَفَعَتْ عَنْ أَنْفُسِهَا مَنْ أَرَادَهَا بِسُوءٍ لَكِنَّهُمْ قَالُوا مِنْ جَهْلِهِمْ ، وَقِلَّةِ عَقْلِهِمْ ، وَكَثْرَةِ ضَلَالِهِمْ ، وَخَبَالِهِمْ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=59مَنْ فَعَلَ هَذَا بِآلِهَتِنَا إِنَّهُ لَمِنَ الظَّالِمِينَ قَالُوا سَمِعْنَا فَتًى يَذْكُرُهُمْ يُقَالُ لَهُ إِبْرَاهِيمُ . أَيْ يَذْكُرُهَا بِالْعَيْبِ ، وَالتَّنَقُّصِ لَهَا ، وَالِازْدِرَاءِ بِهَا فَهُوَ الْمُقِيمُ عَلَيْهَا ، وَالْكَاسِرُ لَهَا ، وَعَلَى قَوْلِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَيْ يَذْكُرُهُمْ بِقَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=57وَتَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنَامَكُمْ بَعْدَ أَنْ تُوَلُّوا مُدْبِرِينَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=61قَالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلَى أَعْيُنِ النَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ . أَيْ فِي الْمَلَأِ الْأَكْبَرِ عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ لَعَلَّهُمْ يَشْهَدُونَ مَقَالَتَهُ ، وَيَسْمَعُونَ كَلَامَهُ ، وَيُعَايِنُونَ مَا يَحِلُّ بِهِ مِنَ الِاقْتِصَاصِ مِنْهُ ، وَكَانَ هَذَا أَكْبَرَ مَقَاصِدِ
الْخَلِيلِ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَنْ يَجْتَمِعَ النَّاسُ كُلُّهُمْ فَيُقِيمَ عَلَى جَمِيعِ عُبَّادِ الْأَصْنَامِ الْحُجَّةَ عَلَى بُطْلَانِ مَا هُمْ عَلَيْهِ ، كَمَا قَالَ
مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ لِفِرْعَوْنَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=20&ayano=59مَوْعِدُكُمْ يَوْمُ الزِّينَةِ وَأَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى .
[ ص: 336 ] فَلَمَّا اجْتَمَعُوا وَجَاءُوا بِهِ . كَمَا ذَكَرُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=62قَالُوا أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ قَالَ بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا . قِيلَ : مَعْنَاهُ هُوَ الْحَامِلُ لِي عَلَى تَكْسِيرِهَا ، وَإِنَّمَا عَرَّضَ لَهُمْ فِي الْقَوْلِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=63فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ . وَإِنَّمَا أَرَادَ بِقَوْلِهِ هَذَا أَنْ يُبَادِرُوا إِلَى الْقَوْلِ أَنَّ هَذِهِ لَا تَنْطِقُ فَيَعْتَرِفُوا بِأَنَّهَا جَمَادٌ كَسَائِرِ الْجَمَادَاتِ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=64فَرَجَعُوا إِلَى أَنْفُسِهِمْ فَقَالُوا إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ . أَيْ فَعَادُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْمَلَامَةِ فَقَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=64إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ . أَيْ فِي تَرْكِهَا لَا حَافِظَ لَهَا ، وَلَا حَارِسَ عِنْدَهَا
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=65ثُمَّ نُكِسُوا عَلَى رُءُوسِهِمْ . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : أَيْ ثُمَّ رَجَعُوا إِلَى الْفِتْنَةِ فَعَلَى هَذَا يَكُونُ قَوْلُهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=64إِنَّكُمْ أَنْتُمُ الظَّالِمُونَ . أَيْ فِي عِبَادَتِهَا . وَقَالَ
قَتَادَةُ أَدْرَكَتِ الْقَوْمَ حَيْرَةُ سَوْءٍ أَيْ فَأَطْرَقُوا ، ثُمَّ قَالُوا :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=65لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ . أَيْ لَقَدْ عَلِمْتَ يَا
إِبْرَاهِيمُ أَنَّ هَذِهِ لَا تَنْطِقُ فَكَيْفَ تَأْمُرُنَا بِسُؤَالِهَا فَعِنْدَ ذَلِكَ قَالَ لَهُمُ
الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=66أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنْفَعُكُمْ شَيْئًا وَلَا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلَا تَعْقِلُونَ . كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=94فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ . قَالَ
مُجَاهِدٌ : يُسْرِعُونَ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=95قَالَ أَتَعْبُدُونَ مَا تَنْحِتُونَ . أَيْ كَيْفَ تَعْبُدُونَ أَصْنَامًا أَنْتُمْ تَنْحِتُونَهَا مِنَ الْخَشَبِ وَالْحِجَارَةِ ، وَتُصَوِّرُونَهَا وَتُشَكِّلُونَهَا كَمَا تُرِيدُونَ
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=96وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ ؟ وَسَوَاءٌ كَانَتْ مَا مَصْدَرِيَّةً أَوْ بِمَعْنَى الَّذِي فَمُقْتَضَى الْكَلَامِ أَنَّكُمْ مَخْلُوقُونَ وَهَذِهِ الْأَصْنَامَ مَخْلُوقَةٌ ، فَكَيْفَ يَعْبُدُ مَخْلُوقٌ مَخْلُوقًا مِثْلَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ عِبَادَتُكُمْ
[ ص: 337 ] لَهَا بِأَوْلَى مِنْ عِبَادَتِهَا لَكُمْ ، وَهَذَا بَاطِلٌ فَالْآخَرُ بَاطِلٌ لِلتَّحَكُّمِ ؛ إِذْ لَيْسَتِ الْعِبَادَةُ تَصْلُحُ وَلَا تَجِبُ إِلَّا لِلْخَالِقِ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ .
nindex.php?page=tafseer&surano=37&ayano=97قَالُوا ابْنُوا لَهُ بُنْيَانًا فَأَلْقُوهُ فِي الْجَحِيمِ فَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَسْفَلِينَ . عَدَلُوا عَنِ الْجِدَالِ وَالْمُنَاظَرَةِ لَمَّا انْقَطَعُوا وَغُلِبُوا ، وَلَمْ تَبْقَ لَهُمْ حَجَّةٌ وَلَا شُبْهَةٌ ، إِلَى اسْتِعْمَالِ قُوَّتِهِمْ وَسُلْطَانِهِمْ ، لِيَنْصُرُوا مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنْ سَفَهِهِمْ وَطُغْيَانِهِمْ ، فَكَادَهُمُ الرَّبُّ جَلَّ جَلَالُهُ ، وَأَعْلَى كَلِمَتَهُ وَدِينَهُ وَبُرْهَانَهُ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=68قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَانَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ . وَذَلِكَ أَنَّهُمْ شَرَعُوا يَجْمَعُونَ حَطَبًا مِنْ جَمِيعِ مَا يُمْكِنُهُمْ مِنَ الْأَمَاكِنِ ، فَمَكَثُوا مُدَّةً يَجْمَعُونَ لَهُ حَتَّى إِنَّ الْمَرْأَةَ مِنْهُمْ كَانَتْ إِذَا مَرِضَتْ تَنْذِرُ لَئِنْ عُوفِيَتْ لَتَحْمِلَنَّ حَطَبًا لِحَرِيقِ
إِبْرَاهِيمَ ، ثُمَّ عَمَدُوا إِلَى جَوْبَةٍ عَظِيمَةٍ فَوَضَعُوا فِيهَا ذَلِكَ الْحَطَبَ ، وَأَطْلَقُوا فِيهِ النَّارَ فَاضْطَرَمَتْ وَتَأَجَّجَتْ وَالْتَهَبَتْ ، وَعَلَاهَا شَرَرٌ لَمْ يُرَ مِثْلُهُ قَطُّ ، ثُمَّ وَضَعُوا
إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كِفَّةِ مَنْجَنِيقٍ صَنَعَهُ لَهُمْ رَجُلٌ مِنَ الْأَكْرَادِ يُقَالُ لَهُ
هِيزَنُ ، وَكَانَ أَوَّلَ مَنْ صَنَعَ الْمَجَانِيقَ فَخَسَفَ اللَّهُ بِهِ الْأَرْضَ فَهُوَ يَتَجَلْجَلُ فِيهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، ثُمَّ أَخَذُوا يُقَيِّدُونَهُ وَيُكَتِّفُونَهُ ، وَهُوَ يَقُولُ : لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ ، لَكَ الْحَمْدُ وَلَكَ الْمُلْكُ لَا شَرِيكَ لَكَ . فَلَمَّا وُضِعَ
الْخَلِيلُ عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي كِفَّةِ الْمَنْجَنِيقِ مُقَيَّدًا مَكْتُوفًا ، ثُمَّ أَلْقَوْهُ
[ ص: 338 ] مِنْهُ إِلَى النَّارِ قَالَ : حَسْبُنَا اللَّهُ ، وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . كَمَا رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ قَالَ : حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ . قَالَهَا
إِبْرَاهِيمُ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ ، وَقَالَهَا
مُحَمَّدٌ حِينَ قِيلَ لَهُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=173إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ [ آلِ عِمْرَانَ : 173 - 174 ] . الْآيَةَ .
وَقَالَ
أَبُو يَعْلَى : حَدَّثَنَا أَبُو
هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ ، حَدَّثَنَا
إِسْحَاقُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11960أَبِي جَعْفَرٍ الرَّازِيِّ ، عَنْ
عَاصِمِ بْنِ أَبِي النَّجُودِ ، عَنْ
أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
nindex.php?page=hadith&LINKID=3509764لَمَّا أُلْقِيَ إِبْرَاهِيمُ فِي النَّارِ قَالَ : اللَّهُمَّ إِنَّكَ فِي السَّمَاءِ وَاحِدٌ ، وَأَنَا فِي الْأَرْضِ وَاحِدٌ أَعْبُدُكَ .
وَذَكَرَ بَعْضُ السَّلَفِ أَنَّ
جِبْرِيلَ عَرَضَ لَهُ فِي الْهَوَاءِ فَقَالَ : أَلَكَ حَاجَةٌ ؟ فَقَالَ : أَمَّا إِلَيْكَ فَلَا . وَيُرْوَى عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ قَالَ : جَعَلَ مَلَكُ الْمَطَرِ يَقُولُ : مَتَى أُومَرُ فَأُرْسِلَ الْمَطَرَ ؟ فَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ أَسْرَعَ
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=69قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ . قَالَ
عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ أَيْ لَا تَضُرِّيهِ ، وَقَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ nindex.php?page=showalam&ids=11873وَأَبُو الْعَالِيَةِ : لَوْلَا أَنَّ اللَّهَ قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=69وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ لَأَذَى
إِبْرَاهِيمَ بَرْدُهَا . وَقَالَ
كَعْبُ الْأَحْبَارِ : لَمْ يَنْتَفِعْ أَهْلُ الْأَرْضِ يَوْمَئِذٍ بِنَارٍ ، وَلَمْ يُحْرَقْ مِنْهُ سِوَى وَثَاقِهِ . وَقَالَ
الضَّحَّاكُ : يُرْوَى أَنَّ
جِبْرِيلَ عَلَيْهِ السَّلَامُ كَانَ مَعَهُ يَمْسَحُ الْعَرَقَ عَنْ وَجْهِهِ لَمْ يُصِبْهُ مِنْهَا شَيْءٌ غَيْرُهُ . وَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=14468السُّدِّيُّ : كَانَ مَعَهُ أَيْضًا مَلَكُ الظِّلِّ . وَصَارَ
إِبْرَاهِيمُ [ ص: 339 ] عَلَيْهِ السَّلَامُ فِي مِثْلِ الْجُونَةِ حَوْلَهُ النَّارُ ، وَهُوَ فِي رَوْضَةٍ خَضْرَاءَ ، وَالنَّاسُ يَنْظُرُونَ إِلَيْهِ لَا يَقْدِرُونَ عَلَى الْوُصُولِ إِلَيْهِ ، وَلَا هُوَ يَخْرُجُ إِلَيْهِمْ فَعَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ : أَحْسَنُ كَلِمَةٍ قَالَهَا أَبُو
إِبْرَاهِيمَ إِذْ قَالَ لَمَّا رَأَى وَلَدَهُ عَلَى تِلْكَ الْحَالِ : نِعْمَ الرَّبُّ رَبُّكَ يَا
إِبْرَاهِيمُ .
وَرَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ ، عَنْ
عِكْرِمَةَ : أَنَّ أُمَّ إِبْرَاهِيمَ نَظَرَتْ إِلَى ابْنِهَا عَلَيْهِ السَّلَامُ فَنَادَتْهُ : يَا بُنَيَّ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَجِيءَ إِلَيْكَ ، فَادْعُ اللَّهَ أَنْ يُنَجِّيَنِي مِنْ حَرِّ النَّارِ حَوْلَكَ . فَقَالَ : نَعَمْ . فَأَقْبَلَتْ إِلَيْهِ لَا يَمَسُّهَا شَيْءٌ مِنْ حَرِّ النَّارِ ، فَلَمَّا وَصَلَتْ إِلَيْهِ اعْتَنَقَتْهُ ، وَقَبَّلَتْهُ ، ثُمَّ عَادَتْ . وَعَنِ
nindex.php?page=showalam&ids=15342الْمِنْهَالِ بْنِ عَمْرٍو أَنَّهُ قَالَ : أُخْبِرْتُ أَنَّ
إِبْرَاهِيمَ مَكَثَ هُنَاكَ إِمَّا أَرْبَعِينَ ، وَإِمَّا خَمْسِينَ يَوْمًا ، وَأَنَّهُ قَالَ : مَا كُنْتُ أَيَّامًا وَلَيَالِيَ أَطْيَبَ عَيْشًا إِذْ كُنْتُ فِيهَا ، وَوَدِدْتُ أَنَّ عَيْشِي وَحَيَاتِي كُلَّهَا مِثْلُ إِذْ كُنْتُ فِيهَا . صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ .
فَأَرَادُوا أَنْ يَنْتَصِرُوا فَخُذِلُوا ، وَأَرَادُوا أَنْ يَرْتَفِعُوا فَاتَّضَعُوا ، وَأَرَادُوا أَنْ يَغْلِبُوا فَغُلِبُوا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=70وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ . وَفِي الْآيَةِ الْأُخْرَى : الْأَسْفَلِينَ فَفَازُوا بِالْخَسَارَةِ وَالسَّفَالِ هَذَا فِي الدُّنْيَا ، وَأَمَّا فِي الْآخِرَةِ فَإِنَّ نَارَهُمْ لَا تَكُونُ عَلَيْهِمْ بَرْدًا وَلَا سَلَامًا ، وَلَا يُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَلَا سَلَامًا ، بَلْ هِيَ كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=66إِنَّهَا سَاءَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا .
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16527عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى أَوِ
ابْنُ سَلَّامٍ عَنْهُ ،
[ ص: 340 ] أَنْبَأَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ ، عَنْ
عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15990سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=11598أُمِّ شَرِيكٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَرَ بِقَتْلِ الْوَزَغِ . وَقَالَ
كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ . وَرَوَاهُ
مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنِ جُرَيْجٍ ، وَأَخْرَجَاهُ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15397وَالنَّسَائِيُّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=13478وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ
سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، كِلَاهُمَا عَنْ
عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرِ بْنِ شَيْبَةَ بِهِ . وَقَالَ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13853مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابْنُ جُرَيْجٍ أَخْبَرَنِي
عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=17191نَافِعًا مَوْلَى
ابْنِ عُمَرَ أَخْبَرَهُ أَنَّ
عَائِشَةَ أَخْبَرَتْهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ :
اقْتُلُوا الْوَزَغَ فَإِنَّهُ كَانَ يَنْفُخُ عَلَى إِبْرَاهِيمَ النَّارَ . قَالَ : فَكَانَتْ
عَائِشَةُ تَقْتُلُهُنَّ . وَقَالَ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
إِسْمَاعِيلُ ، حَدَّثَنَا
أَيُّوبُ ، عَنْ
نَافِعٍ أَنَّ امْرَأَةً دَخَلَتْ عَلَى
عَائِشَةَ ، فَإِذَا رُمْحٌ مَنْصُوبٌ فَقَالَتْ : مَا هَذَا الرُّمْحُ؟ فَقَالَتْ : نَقْتُلُ بِهِ الْأَوْزَاغَ ، ثُمَّ حَدَّثَتْ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
أَنَّ إِبْرَاهِيمَ لَمَّا أُلْقِيَ فِي النَّارِ جَعَلَتِ الدَّوَابُّ كُلُّهَا تُطْفِئُ عَنْهُ إِلَّا الْوَزَغَ فَإِنَّهُ جَعَلَ يَنْفُخُهَا عَلَيْهِ . تَفَرَّدَ بِهِ
أَحْمَدُ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ .
وَقَالَ
أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا
عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا
جَرِيرٌ ، حَدَّثَنَا
نَافِعٌ حَدَّثَتْنِي
سَائِبَةُ مَوْلَاةُ الْفَاكِهِ بْنِ الْمُغِيرَةِ قَالَتْ دَخَلْتُ عَلَى
عَائِشَةَ [ ص: 341 ] فَرَأَيْتُ فِي بَيْتِهَا رُمْحًا مَوْضُوعًا فَقُلْتُ : يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ مَا تَصْنَعِينَ بِهَذَا الرُّمْحِ ؟ قَالَتْ : هَذَا لِهَذِهِ الْأَوْزَاغِ نَقْتُلُهُنَّ بِهِ فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، حَدَّثَنَا
أَنَّ إِبْرَاهِيمَ حِينَ أُلْقِيَ فِي النَّارِ لَمْ تَكُنْ فِي الْأَرْضِ دَابَّةٌ إِلَّا تُطْفِئُ عَنْهُ النَّارَ غَيْرَ الْوَزَغِ كَانَ يَنْفُخُ عَلَيْهِ . فَأَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَتْلِهِ . وَرَوَاهُ
ابْنُ مَاجَهْ ، عَنْ
أَبِي بَكْرِ بْنِ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ
يُونُسَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ
جَرِيرِ بْنِ حَازِمٍ بِهِ .