[ ص: 612 ] فصل بمكة من الأحكام فيما حكم به صلى الله عليه وسلم
قال : حدثنا البخاري عبد الله بن مسلمة ، عن مالك ، عن ابن شهاب ، عن عروة ، عن عائشة ، عن النبي صلى الله عليه وسلم ( ح ) وقال الليث : حدثني يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عروة بن الزبير ، أن عائشة قالت : كان عتبة بن أبي وقاص عهد إلى أخيه سعد أن يقبض ابن وليدة زمعة ، وقال عتبة : إنه ابني . فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في الفتح ، أخذ ابن وليدة سعد بن أبي وقاص زمعة ، فأقبل به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وأقبل معه عبد بن زمعة ، فقال : هذا ابن أخي عهد إلي أنه ابنه . قال سعد بن أبي وقاص عبد بن زمعة : يا رسول الله ، هذا أخي ، هذا ابن زمعة ولد على فراشه . فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى ابن وليدة زمعة ، فإذا هو أشبه الناس بعتبة بن أبي وقاص ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " هو لك ، هو أخوك يا عبد بن زمعة ، من أجل أنه ولد على فراشه " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " احتجبي منه يا سودة لما رأى من شبه عتبة بن أبي وقاص . قال ابن شهاب : قالت عائشة : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : [ ص: 614 ] قال الولد للفراش وللعاهر الحجر ابن شهاب : وكان يصرح بذلك . وقد رواه أبو هريرة أيضا ، البخاري ومسلم ، وأبو داود جميعا عن ، والترمذي ، قتيبة ، عن الليث به . من حديثه ، وانفرد وابن ماجه بروايته له من حديث البخاري مالك ، عن الزهري .
ثم قال : ثنا البخاري محمد بن مقاتل ، أنبأنا عبد الله ، أنا يونس ، عن ابن شهاب ، أخبرني عروة بن الزبير ، أن ، ففزع قومها إلى امرأة سرقت في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الفتح أسامة بن زيد يستشفعونه . قال عروة : فلما كلمه أسامة فيها ، تلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال : " أتكلمني في حد من حدود الله ؟ " فقال أسامة : استغفر لي يا رسول الله . فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فأثنى على الله بما هو أهله ، ثم قال : " أما بعد ، فإنما أهلك الناس قبلكم أنهم كانوا إذا سرق فيهم الشريف تركوه ، وإذا سرق [ ص: 614 ] فيهم الضعيف أقاموا عليه الحد ، والذي نفس محمد بيده لو أن محمد سرقت لقطعت يدها " . ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة فقطعت يدها ، فحسنت توبتها بعد ذلك وتزوجت ، قالت فاطمة بنت عائشة : كانت تأتيني بعد ذلك فأرفع حاجتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقد رواه في موضع آخر ، البخاري ومسلم من حديث ابن وهب ، عن يونس ، عن الزهري ، عن عروة ، عن عائشة به .
وفي " صحيح مسلم " من حديث سبرة بن معبد الجهني قال : أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمتعة عام الفتح حين دخل مكة ، ثم لم يخرج حتى نهانا عنها وفي رواية فقال : وفي رواية في " مسند ألا إنها حرام من يومكم هذا إلى يوم القيامة أحمد " و " السنن " أن ذلك كان في حجة الوداع . فالله أعلم .
وفي " صحيح مسلم " عن أبي بكر بن أبي شيبة ، عن يونس بن محمد ، عن عبد الواحد بن زياد ، عن أبي العميس ، [ ص: 615 ] عن أبيه أنه قال : رخص لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في إياس بن سلمة بن الأكوع ، ثلاثا ، ثم نهانا عنها متعة النساء . عن
قال : وعام البيهقي أوطاس هو عام الفتح ، فهو وحديث سبرة سواء .
قلت : من أثبت النهي عنها في غزوة خيبر قال : إنها أبيحت مرتين وحرمت مرتين ، وقد نص على ذلك وغيره . وقد قيل : إنها أبيحت وحرمت أكثر من مرتين . فالله أعلم . وقيل : إنها إنما حرمت مرة واحدة ، وهي هذه المرة في غزوة الفتح . وقيل : إنها إنما أبيحت للضرورة . فعلى هذا إذا وجدت ضرورة أبيحت ، وهذا رواية عن الإمام الشافعي أحمد ، وقيل : بل لم تحرم مطلقا ، وهي على الإباحة . هذا هو المشهور عن ابن عباس وأصحابه وطائفة من الصحابة ، وموضع تحرير ذلك في " الأحكام " .