قصة أخرى شبيهة بذلك .
روى
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي من طريق
أبي النضر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة nindex.php?page=treesubj&link=28807أن أبا مسلم الخولاني جاء إلى دجلة وهي ترمي الخشب من مدها ، فمشى على الماء ، والتفت إلى أصحابه وقال : هل تفقدون من متاعكم شيئا فندعو الله تعالى ؟ ثم قال : هذا إسناد صحيح .
قلت : وقد ذكر الحافظ الكبير
nindex.php?page=showalam&ids=13359أبو القاسم بن عساكر في ترجمة
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم عبد الله بن ثوب الخولاني هذه القصة بأبسط من هذا ، من طريق
بقية بن الوليد ، حدثني
محمد بن زياد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=12150أبي مسلم الخولاني ، أنه كان إذا غزا أرض
الروم فمروا بنهر قال : أجيزوا بسم الله . قال : ويمر بين أيديهم . قال : فيمرون بالنهر الغمر فربما لم يبلغ من الدواب إلا إلى الركب ، أو
[ ص: 316 ] بعض ذلك ، أو قريبا من ذلك . قال : فإذا جازوا قال للناس : هل ذهب لكم شيء ؟ من ذهب له شيء فأنا له ضامن . قال : فألقى بعضهم مخلاة عمدا ، فلما جازوا قال الرجل : مخلاتي وقعت في النهر . قال له : اتبعني . فإذا المخلاة قد تعلقت ببعض أعواد النهر ، فقال : خذها . وقد رواه
أبو داود - من طريق
ابن الأعرابي عنه - عن
عمرو بن عثمان ، عن
بقية به .
ثم قال
أبو داود : حدثنا
موسى بن إسماعيل ، حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=16034سليمان بن المغيرة ، عن
حميد ، أن
أبا مسلم الخولاني أتى على
دجلة وهي ترمي بالخشب من مدها ، فوقف عليها ، ثم حمد الله وأثنى عليه ، وذكر مسير
بني إسرائيل في البحر ، ثم لهز دابته فخاضت الماء ، وتبعه الناس حتى قطعوا ، ثم قال : هل فقدتم شيئا من متاعكم فأدعو الله أن يرده علي ؟ .
وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابن عساكر من طريق أخرى ، عن
عبد الكريم بن رشيد ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=15771حميد بن هلال العدوي ، حدثني ابن عمي ؛ أخي أبي ، قال : خرجت مع
أبي مسلم في جيش ، فأتينا على نهر عجاج منكر ، فقلنا لأهل القرية : أين المخاضة ؟ فقالوا : ما كانت ها هنا مخاضة قط ولكن المخاضة أسفل منكم على ليلتين . فقال
أبو مسلم : اللهم أجزت
ببني إسرائيل البحر ، وإنا عبادك وفي سبيلك ، فأجزنا هذا النهر اليوم . ثم قال : اعبروا بسم الله . قال ابن عمي : فأنا على فرس فقلت :
[ ص: 317 ] لأقذفنه أول الناس خلف فرسه ، وكنت أول الناس قذف فرسه خلف
أبي مسلم ، فوالله ما بلغ الماء بطون الخيل حتى عبر الناس كلهم ، ثم وقف فقال : يا معشر المسلمين ، هل ذهب لأحد منكم شيء فأدعو الله تعالى أن يرده ؟ .
فهذه
nindex.php?page=treesubj&link=28807_29402الكرامات لهؤلاء الأولياء هي من معجزات رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما تقدم تقريره ; لأنهم إنما نالوا ذلك ببركة متابعته ، ويمن سفارته إذ فيها حجة في الدين وحاجة أكيدة للمسلمين ، وهي مشابهة لمعجزة
نوح ، عليه السلام ، في مسيره فوق الماء بالسفينة التي أمره الله تعالى بعملها ، ومعجزة
موسى ، عليه السلام ، في فلق البحر ، وهذه فيها ما هو أعجب من ذلك ، من جهة مسيرهم على متن الماء من غير حائل حامل ، ومن جهة أنه ماء جار والسير عليه أعجب من السير على الماء القار الذي يجاز ، وإن كان ماء الطوفان أطم وأعظم ، فهذه خارق ، والخارق لا فرق بين قليله وكثيره ، فإن من سلك على وجه الماء الخضم الجاري العجاج ، فلم يبتل منه نعال خيولهم ، أو لم يصل إلى بطونها ، فلا فرق في الخارق بين أن يكون قامة أو ألف قامة ، أو أن يكون نهرا أو بحرا ، بل كونه نهرا عجاجا كالبرق الخاطف والسيل الجارف أعظم وأغرب ، وكذلك بالنسبة إلى فرق البحر ، وهو جانب بحر القلزم ، حتى صار كل فرق كالطود العظيم ، أي الجبل الكبير ، فانحاز الماء يمينا وشمالا حتى بدت أرض البحر ،
[ ص: 318 ] وأرسل الله عليها الريح حتى أيبستها ، ومشت الخيول عليها بلا انزعاج ، حتى جاوزوا ، عن آخرهم وأقبل فرعون بجنوده ، فغشيهم من اليم ما غشيهم ، وأضل فرعون قومه وما هدى ، وذلك أنهم لما توسطوه وهم أولهم بالخروج منه أمر الله البحر ، فارتطم عليهم فغرقوا عن آخرهم ، فلم يفلت منهم أحد كما لم يفقد من
بني إسرائيل واحد ، ففي ذلك آية عظيمة بل آيات متعددات ، كما بسطنا ذلك في " التفسير " ولله الحمد والمنة .
والمقصود أن ما ذكرناه من قصة
العلاء بن الحضرمي وأبي عبيد الثقفي ،
nindex.php?page=showalam&ids=12150وأبي مسلم الخولاني ، من مسيرهم على تيار الماء الجاري ، فلم يفقد منهم أحد ، ولم يفقدوا شيئا من أمتعتهم ، هذا وهم أولياء ، منهم صحابي وتابعيان ، فما الظن أن لو احتيج إلى ذلك بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ ! سيد الأنبياء وخاتمهم ، وأعلاهم منزلة ليلة الإسراء ، وإمامهم ليلتئذ
ببيت المقدس الذي هو محل ولايتهم ، ودار بدايتهم ، وخطيبهم يوم القيامة ، وأعلاهم منزلة في الجنة ، وأول شافع في المحشر ، وفي الخروج من النار ، وفي دخوله الجنة ، وفي رفع الدرجات بها ، كما بسطنا أقسام الشفاعة وأنواعها في آخر الكتاب في أهوال يوم القيامة ، وبالله المستعان . وسنذكر في المعجزات الموسوية ما ورد من
[ ص: 319 ] المعجزات المحمدية ما هو أظهر وأبهر منها ، ونحن الآن فيما يتعلق بمعجزات
نوح ، عليه السلام ، ولم يذكر شيخنا سوى ما تقدم .
وأما
nindex.php?page=showalam&ids=12181الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني فإنه قال في آخر كتابه في " دلائل النبوة " وهو في مجلدات ثلاث : الفصل الثالث والثلاثون في ذكر
nindex.php?page=treesubj&link=29638_11467موازاة الأنبياء في فضائلهم بفضائل نبينا ، ومقابلة ما أوتوا من الآيات بما أوتي . إذ أوتي ما أوتوا وشبهه ونظيره ، فكان أول الرسل
نوح ، عليه السلام ، وآيته التي أوتي شفاء غيظه ، وإجابة دعوته في تعجيل نقمة الله لمكذبيه ، حتى هلك من على بسيط الأرض من صامت وناطق ، إلا من آمن به ودخل معه سفينته ، ولعمري إنها آية جليلة وافقت سابق قدر الله ، وما قد علمه في إهلاكهم ، وكذلك نبينا صلى الله عليه وسلم لما كذبه قومه وبالغوا في أذيته ، والاستهانة بمنزلته من الله ، عز وجل ، حتى
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512218ألقى الشقي عقبة بن أبي معيط سلا الجزور على ظهره وهو ساجد ، فقال : اللهم عليك بالملأ من قريش " . ثم ساق الحديث عن
ابن مسعود ، كما تقدم ذكرنا له في " صحيح
nindex.php?page=showalam&ids=12070البخاري " وغيره في وضع الملأ من
قريش على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد عند
الكعبة سلا تلك الجزور ، واستضحاكهم من ذلك ، حتى جعل بعضهم يميل على بعض من شدة الضحك ، ولم يزل على ظهره حتى جاءت
فاطمة ابنته صلى الله عليه وسلم فطرحته عن ظهره ،
[ ص: 320 ] ثم أقبلت عليهم فسبتهم ، فلما سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته رفع يديه فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512219اللهم عليك بالملأ من قريش " . ثم سمى فقال : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512220اللهم عليك بأبي جهل بن هشام ،
وعتبة ،
وشيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15497والوليد بن عتبة ، وأمية بن خلف ،
وعقبة بن أبي معيط ،
وعمارة بن الوليد " . قال
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود فوالذي بعثه بالحق لقد رأيتهم صرعى يوم
بدر ، ثم سحبوا إلى القليب ، قليب
بدر وكذلك لما أقبلت
قريش يوم
بدر في حدها وحديدها ، فحين عاينهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رافعا يديه :
" اللهم هذه قريش جاءتك بفخرها وخيلائها ، تحادك وتكذب رسولك ، اللهم أحنهم الغداة " . فقتل من سراتهم سبعون ، وأسر من أشرافهم سبعون ، ولو شاء الله لاستأصلهم عن آخرهم ، ولكن من حلمه وشرف نبيه أبقى منهم من سبق في قدره أن سيؤمن به وبرسوله ، صلوات الله وسلامه عليه ،
nindex.php?page=treesubj&link=29402_31036وقد دعا على عتبة بن أبي لهب أن يسلط عليه كلبه بالشام ، فقتله الأسد عند وادي الزرقاء قبل مدينة
بصرى . وكم له من مثلها ونظيرها ما سلف ذكرنا له وما لم نذكره ، وكذلك دعا على
قريش بسبع كسبع يوسف فقحطوا حتى أكلوا العلهز ، وهو الدم بالوبر ، وأكلوا العظام وكل شيء ، ثم توسلوا إلى مراحمه وشفقته ورأفته ، فدعا لهم ، ففرج الله
[ ص: 321 ] عنهم وسقوا الغيث ببركة دعائه .
وقال الإمام الفقيه
أبو محمد بن عبد الله بن حامد في كتابه " دلائل النبوة " وهو كتاب حافل : ذكر ما أوتي
نوح ، عليه السلام ، من الفضائل ، وبيان ما أوتي
محمد صلى الله عليه وسلم مما يضاهي فضائله ويزيد عليها . قالوا : إن قوم
نوح لما بلغوا من أذيته والاستخفاف به ، وترك الإيمان بما جاءهم به من عند الله دعا عليهم فقال :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26 " رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا " [ نوح : 26 ] . فاستجاب الله دعوته ، وغرق قومه ، حتى لم يسلم شيء من الحيوانات والدواب إلا من ركب السفينة ، فكان ذلك فضيلة أوتيها ، إذ أجيبت دعوته ، وشفي صدره بإهلاك قومه . قلنا : وقد أوتي
محمد صلى الله عليه وسلم مثله حين ناله من
قريش ما ناله من التكذيب والاستخفاف ،
nindex.php?page=treesubj&link=31052فأنزل الله إليه ملك الجبال وأمره بطاعته فيما يأمره به من إهلاك قومه ، فاختار الصبر على أذيتهم ، والابتهال في الدعاء لهم بالهداية . قلت : وهذا حسن ، وقد تقدم الحديث بذلك عن
عائشة ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة ذهابه إلى
الطائف ، فدعاهم فآذوه ، فرجع وهو مهموم ، فلما كان عند
قرن الثعالب ناداه ملك الجبال فقال : يا
محمد ، إن ربك قد سمع قول قومك وما ردوا عليك ، وقد أرسلني إليك لأفعل ما تأمرني به ، فإن شئت أطبقت عليهم الأخشبين . يعني جبلي
مكة اللذين يكتنفانها جنوبا وشاما ، وهما
أبو قبيس وزرزر ، فقال "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512222بل أستأني بهم لعل الله أن يخرج من أصلابهم من لا يشرك [ ص: 322 ] بالله شيئا " . وقد ذكر الحافظ
أبو نعيم في مقابلة قوله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10 " فدعا ربه أني مغلوب فانتصر ففتحنا أبواب السماء بماء منهمر وفجرنا الأرض عيونا فالتقى الماء على أمر قد قدر " [ القمر : 10 - 12 ] . أحاديث الاستسقاء ، عن
أنس وغيره ، كما تقدم ذكرنا لذلك في دلائل النبوة قريبا أنه صلى الله عليه وسلم سأله ذلك الأعرابي أن يدعو الله لهم ; لما بهم من الجدب والجوع ،
nindex.php?page=treesubj&link=31036فرفع يديه فقال : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3512223اللهم اسقنا ، اللهم اسقنا " . فما نزل عن المنبر حتى رئي المطر يتحادر على لحيته الكريمة ، صلوات الله وسلامه عليه ، فاستحضر من استحضر من الصحابة ، رضي الله عنهم ، قول عمه
أبي طالب فيه :
وأبيض يستسقى الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاك من آل هاشم
فهم عنده في نعمة وفواضل
وكذلك استسقى في غير ما موضع للجدب والعطش ، فيجاب كما يريد على قدر الحاجة المائية ، لا أزيد ولا أنقص وهذا أبلغ في المعجزة ، وأيضا فإن هذا ماء رحمة ونعمة ، وماء الطوفان ماء غضب ونقمة ، وأيضا فإن
عمر بن الخطاب ، رضي الله عنه ، كان يستسقي
بالعباس عم النبي صلى الله عليه وسلم فيسقون ، وكذلك ما زال المسلمون في غالب الأزمان والبلدان يستسقون فيجابون فيسقون ، ولا يخيبون غالبا ولا يشقون ، ولله الحمد .
[ ص: 323 ] قال
أبو نعيم : ولبث
نوح في قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ، فبلغ جميع من آمن به رجالا ونساء ، الذين ركبوا معه سفينته ، دون مائة نفس ، وآمن بنبينا صلى الله عليه وسلم في مدة عشرين سنة الناس شرقا وغربا ، ودانت له جبابرة الأرض وملوكها ، وخافت زوال ملكهم ، ككسرى وقيصر ، وأسلم
النجاشي والأقيال ; رغبة في دين الله ، والتزم من لم يؤمن به من عظماء الأرض الجزية والإتاوة عن صغار ;
أهل نجران وهجر ، وأيلة وأكيدر دومة ، فذلوا له منقادين ; لما أيده الله به من الرعب الذي يسير بين يديه شهرا ، وفتح الفتوح ، ودخل الناس في دين الله أفواجا ، كما قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجا " [ النصر : 1 ، 2 ] .
قلت : مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد فتح الله له
المدينة وخيبر ومكة وأكثر
اليمن وحضرموت ، وتوفي عن مائة ألف صحابي أو يزيدون ، وقد كتب في آخر حياته الكريمة إلى سائر ملوك الأرض يدعوهم إلى الله تعالى ، فمنهم من أجاب ومنهم من توقف ، ومنهم من صانع ودارى عن نفسه ، ومنهم من تكبر فخاب وخسر ، كما فعل
nindex.php?page=showalam&ids=16848كسرى بن هرمز حين عتا وبغى وتكبر ، فمزق ملكه ، وتفرق جنده شذر مذر ، ثم فتح خلفاؤه من بعده -
أبو بكر ، ثم
عمر ، ثم
عثمان التالي على الأثر - مشارق الأرض ومغاربها ، من البحر
[ ص: 324 ] الغربي إلى البحر الشرقي ، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
" إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها ، وسيبلغ ملك أمتي ما زوي لي منها " . وقال صلى الله عليه وسلم :
" إذا هلك قيصر فلا قيصر بعده ، وإذا هلك كسرى فلا كسرى بعده ، والذي نفسي بيده لتنفقن كنوزهما في سبيل الله " . وكذلك وقع سواء بسواء ، فقد استوسقت الممالك الإسلامية على ملك قيصر وحواصله إلا
القسطنطينية وجميع ممالك كسرى وبلاد المشرق ، وإلى أقصى بلاد المغرب ، إلى أن قتل
عثمان في سنة ست وثلاثين ، رضي الله عنه ، وقبح قاتليه ، فكما عمت جميع أهل الأرض النقمة بدعوة
نوح ، عليه السلام ، لما رأى ما هم عليه من التمادي في الضلال والكفر والفجور ، فدعا عليهم ; غضبا لله ولدينه ورسالته ، فاستجاب الله له ، وغضب لغضبه ، وانتقم منهم بسببه ، كذلك عمت جميع أهل الأرض النعمة ببركة رسالة
محمد صلى الله عليه وسلم ودعوته ، فآمن من آمن من الناس ، وقامت الحجة على من كفر منهم ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107 " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " [ الأنبياء : 107 ] . وكما قال صلى الله عليه وسلم : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512224 " إنما أنا رحمة مهداة " " .
[ ص: 325 ] وقال
هشام بن عمار في كتاب " المبعث " : حدثني
عيسى بن عبد الله النعماني ، حدثنا
المسعودي عن
سعيد بن أبي سعيد ، عن
سعيد بن جبير ، عن
ابن عباس في قوله :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107 " وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين " قال : من آمن بالله ورسله تمت له الرحمة في الدنيا والآخرة ، ومن لم يؤمن بالله ورسله عوفي من تعجيل ما كان يصيب الأمم قبل ذلك من العذاب والفتن والقذف والخسف . وقال تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=28ألم تر إلى الذين بدلوا نعمة الله كفرا وأحلوا قومهم دار البوار " [ إبراهيم : 28 ] . قال
ابن عباس النعمة
محمد ، والذين بدلوا نعمة الله كفرا هم كفار
قريش . يعني : وكذلك كل من كذب به من سائر الناس ، كما قال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=17 " ومن يكفر به من الأحزاب فالنار موعده " [ هود : 17 ] .
قال
أبو نعيم : فإن قيل : فقد سمى الله
نوحا ، عليه السلام ، باسم من أسمائه الحسنى فقال
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3 " إنه كان عبدا شكورا " [ الإسراء : 3 ] . قلنا :
nindex.php?page=treesubj&link=31055وقد سمى الله محمدا صلى الله عليه وسلم باسمين من أسمائه فقال : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128 " بالمؤمنين رءوف رحيم " [ التوبة : 128 ] . قال :
nindex.php?page=treesubj&link=31042وقد خاطب الله الأنبياء بأسمائهم ، يا
نوح ، يا
إبراهيم ، يا
موسى ، يا
داود ، يا
يحيى ، يا
عيسى ابن مريم . وقال مخاطبا
لمحمد صلى الله عليه وسلم : " يا أيها الرسول " " يا أيها النبي "
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=1 " يا أيها المزمل " nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=1 " يا أيها المدثر " وذلك قائم مقام الكنية بصفة الشرف ، ولما نسب المشركون أنبياءهم إلى السفه ، والجنون ، كل أجاب عن نفسه ; قال
نوح "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=61ياقوم ليس بي ضلالة ولكني رسول من رب العالمين " [ الأعراف : 61 ]
[ ص: 326 ] . وكذا قال
هود ، عليه السلام ، ولما قال
فرعون :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=101 " وإني لأظنك يا موسى مسحورا " [ الإسراء : 101 ] . قال
موسى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=102لقد علمت ما أنزل هؤلاء إلا رب السماوات والأرض بصائر وإني لأظنك يافرعون مثبورا " [ الإسراء : 102 ] . إلى أمثال ذلك .
nindex.php?page=treesubj&link=31042وأما محمد صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى هو الذي يتولى جوابهم عنه بنفسه الكريمة ، كما قال :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=6 " وقالوا يا أيها الذي نزل عليه الذكر إنك لمجنون لو ما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين " قال الله تعالى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=8ما ننزل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين " [ الحجر : 6 - 8 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5 " وقالوا أساطير الأولين اكتتبها فهي تملى عليه بكرة وأصيلا قل أنزله الذي يعلم السر في السماوات والأرض إنه كان غفورا رحيما " [ الفرقان : 5 ، 6 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=30 " أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين " [ الطور : 30 ، 31 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41 " وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون تنزيل من رب العالمين " [ الحاقة : 41 - 43 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51 " وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون " قال الله تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=52 " وما هو إلا ذكر للعالمين " [ القلم : 51 ، 52 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1 " ن والقلم وما يسطرون ما أنت بنعمة ربك بمجنون وإن لك لأجرا غير ممنون وإنك لعلى خلق عظيم " [ القلم : 1 - 4 ] . وقال تعالى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103 " ولقد نعلم أنهم يقولون إنما يعلمه بشر لسان الذي يلحدون إليه أعجمي وهذا لسان عربي مبين " [ النحل : 103 ] .
قِصَّةٌ أُخْرَى شَبِيهَةٌ بِذَلِكَ .
رَوَى
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ
أَبِي النَّضْرِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16034سُلَيْمَانَ بْنِ الْمُغِيرَةِ nindex.php?page=treesubj&link=28807أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ جَاءَ إِلَى دِجْلَةَ وَهِيَ تَرْمِي الْخَشَبَ مِنْ مَدِّهَا ، فَمَشَى عَلَى الْمَاءِ ، وَالْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ وَقَالَ : هَلْ تَفْقِدُونَ مِنْ مَتَاعِكُمْ شَيْئًا فَنَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى ؟ ثُمَّ قَالَ : هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ .
قُلْتُ : وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359أَبُو الْقَاسِمِ بْنُ عَسَاكِرَ فِي تَرْجَمَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=12150أَبِي مُسْلِمٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثُوَبٍ الْخَوْلَانِيِّ هَذِهِ الْقِصَّةَ بِأَبْسَطَ مِنْ هَذَا ، مِنْ طَرِيقِ
بَقِيَّةَ بْنِ الْوَلِيدِ ، حَدَّثَنِي
مُحَمَّدُ بْنُ زِيَادٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=12150أَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ ، أَنَّهُ كَانَ إِذَا غَزَا أَرْضَ
الرُّومِ فَمَرُّوا بِنَهَرٍ قَالَ : أَجِيزُوا بِسْمِ اللَّهِ . قَالَ : وَيَمُرُّ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ . قَالَ : فَيَمُرُّونَ بِالنَّهْرِ الْغَمْرِ فَرُبَّمَا لَمَّ يَبْلُغْ مِنَ الدَّوَابِّ إِلَّا إِلَى الرُّكَبِ ، أَوْ
[ ص: 316 ] بَعْضِ ذَلِكَ ، أَوْ قَرِيبًا مِنْ ذَلِكَ . قَالَ : فَإِذَا جَازُوا قَالَ لِلنَّاسِ : هَلْ ذَهَبَ لَكُمْ شَيْءٌ ؟ مَنْ ذَهَبَ لَهُ شَيْءٌ فَأَنَا لَهُ ضَامِنٌ . قَالَ : فَأَلْقَى بَعْضُهُمْ مِخْلَاةً عَمْدًا ، فَلَمَّا جَازُوا قَالَ الرَّجُلُ : مِخْلَاتِي وَقَعَتْ فِي النَّهْرِ . قَالَ لَهُ : اتْبَعْنِي . فَإِذَا الْمِخْلَاةُ قَدْ تَعَلَّقَتْ بِبَعْضِ أَعْوَادِ النَّهْرِ ، فَقَالَ : خُذْهَا . وَقَدْ رَوَاهُ
أَبُو دَاوُدَ - مِنْ طَرِيقِ
ابْنِ الْأَعْرَابِيِّ عَنْهُ - عَنْ
عَمْرِو بْنِ عُثْمَانَ ، عَنْ
بَقِيَّةَ بِهِ .
ثُمَّ قَالَ
أَبُو دَاوُدَ : حَدَّثَنَا
مُوسَى بْنُ إِسْمَاعِيلَ ، حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=16034سُلَيْمَانُ بْنُ الْمُغِيرَةَ ، عَنْ
حُمَيْدٍ ، أَنَّ
أَبَا مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيَّ أَتَى عَلَى
دِجْلَةَ وَهِيَ تَرْمِي بِالْخَشَبِ مِنْ مَدِّهَا ، فَوَقَفَ عَلَيْهَا ، ثُمَّ حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ ، وَذَكَرَ مَسِيرَ
بَنِي إِسْرَائِيلَ فِي الْبَحْرِ ، ثُمَّ لَهَزَ دَابَّتَهُ فَخَاضَتِ الْمَاءَ ، وَتَبِعَهُ النَّاسُ حَتَّى قَطَعُوا ، ثُمَّ قَالَ : هَلْ فَقَدْتُمْ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِكُمْ فَأَدْعُوَ اللَّهَ أَنْ يَرُدَّهُ عَلَيَّ ؟ .
وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13359ابْنُ عَسَاكِرَ مِنْ طَرِيقٍ أُخْرَى ، عَنْ
عَبْدِ الْكَرِيمِ بْنِ رَشِيدٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=15771حُمَيْدِ بْنِ هِلَالٍ الْعَدَوِيِّ ، حَدَّثَنِي ابْنُ عَمِّي ؛ أَخِي أَبِي ، قَالَ : خَرَجْتُ مَعَ
أَبِي مُسْلِمٍ فِي جَيْشٍ ، فَأَتَيْنَا عَلَى نَهْرٍ عَجَاجٍ مُنْكَرٍ ، فَقُلْنَا لِأَهْلِ الْقَرْيَةِ : أَيْنَ الْمَخَاضَةُ ؟ فَقَالُوا : مَا كَانَتْ هَا هُنَا مَخَاضَةٌ قَطُّ وَلَكِنَّ الْمَخَاضَةَ أَسْفَلَ مِنْكُمْ عَلَى لَيْلَتَيْنِ . فَقَالَ
أَبُو مُسْلِمٍ : اللَّهُمَّ أَجَزْتَ
بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ ، وَإِنَّا عِبَادُكَ وَفِي سَبِيلِكَ ، فَأَجِزْنَا هَذَا النَّهْرَ الْيَوْمَ . ثُمَّ قَالَ : اعْبُرُوا بِسْمِ اللَّهِ . قَالَ ابْنُ عَمِّي : فَأَنَا عَلَى فَرَسٍ فَقُلْتُ :
[ ص: 317 ] لِأَقْذِفَنَّهُ أَوَّلَ النَّاسِ خَلْفَ فَرَسِهِ ، وَكُنْتُ أَوَّلَ النَّاسِ قَذَفَ فَرَسَهُ خَلْفَ
أَبِي مُسْلِمٍ ، فَوَاللَّهِ مَا بَلَغَ الْمَاءُ بُطُونَ الْخَيْلِ حَتَّى عَبَرَ النَّاسُ كُلُّهُمْ ، ثُمَّ وَقَفَ فَقَالَ : يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ ، هَلْ ذَهَبَ لِأَحَدٍ مِنْكُمْ شَيْءٌ فَأَدْعُوَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يَرُدَّهُ ؟ .
فَهَذِهِ
nindex.php?page=treesubj&link=28807_29402الْكَرَامَاتُ لِهَؤُلَاءِ الْأَوْلِيَاءِ هِيَ مِنْ مُعْجِزَاتِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَمَا تَقَدَّمَ تَقْرِيرُهُ ; لِأَنَّهُمْ إِنَّمَا نَالُوا ذَلِكَ بِبَرَكَةِ مُتَابَعَتِهِ ، وَيُمْنِ سِفَارَتِهِ إِذْ فِيهَا حُجَّةٌ فِي الدِّينِ وَحَاجَةٌ أَكِيدَةٌ لِلْمُسْلِمِينَ ، وَهِيَ مُشَابِهَةٌ لِمُعْجِزَةِ
نُوحٍ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فِي مَسِيرِهِ فَوْقَ الْمَاءِ بِالسَّفِينَةِ الَّتِي أَمَرَهُ اللَّهُ تَعَالَى بِعَمَلِهَا ، وَمُعْجِزَةِ
مُوسَى ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، فِي فَلْقِ الْبَحْرِ ، وَهَذِهِ فِيهَا مَا هُوَ أَعْجَبُ مِنْ ذَلِكَ ، مِنْ جِهَةِ مَسِيرِهِمْ عَلَى مَتْنِ الْمَاءِ مِنْ غَيْرِ حَائِلٍ حَامِلٍ ، وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهُ مَاءٌ جَارٍ وَالسَّيْرُ عَلَيْهِ أَعْجَبُ مِنَ السَّيْرِ عَلَى الْمَاءِ الْقَارِّ الَّذِي يُجَازُ ، وَإِنْ كَانَ مَاءُ الطُّوفَانِ أَطَمَّ وَأَعْظَمَ ، فَهَذِهِ خَارِقٌ ، وَالْخَارِقُ لَا فَرْقَ بَيْنَ قَلِيلِهِ وَكَثِيرِهِ ، فَإِنَّ مَنْ سَلَكَ عَلَى وَجْهِ الْمَاءِ الْخِضَمِّ الْجَارِي الْعَجَاجِ ، فَلَمْ يَبْتَلَّ مِنْهُ نِعَالُ خُيُولِهِمْ ، أَوْ لَمْ يَصِلْ إِلَى بُطُونِهَا ، فَلَا فَرْقَ فِي الْخَارِقِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ قَامَةً أَوْ أَلْفَ قَامَةٍ ، أَوْ أَنْ يَكُونَ نَهْرًا أَوْ بَحْرًا ، بَلْ كَوْنُهُ نَهْرًا عَجَاجًا كَالْبَرْقِ الْخَاطِفِ وَالسَّيْلِ الْجَارِفِ أَعْظَمُ وَأَغْرَبُ ، وَكَذَلِكَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى فَرْقِ الْبَحْرِ ، وَهُوَ جَانِبُ بَحْرِ الْقُلْزُمِ ، حَتَّى صَارَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ ، أَيِ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ ، فَانْحَازَ الْمَاءُ يَمِينًا وَشِمَالًا حَتَّى بَدَتْ أَرْضُ الْبَحْرِ ،
[ ص: 318 ] وَأَرْسَلَ اللَّهُ عَلَيْهَا الرِّيحَ حَتَّى أَيْبَسَتْهَا ، وَمَشَتِ الْخُيُولُ عَلَيْهَا بِلَا انْزِعَاجٍ ، حَتَّى جَاوَزُوا ، عَنْ آخِرِهِمْ وَأَقْبَلَ فِرْعَوْنُ بِجُنُودِهِ ، فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ مَا غَشِيَهُمْ ، وَأَضَلَّ فِرْعَوْنُ قَوْمَهُ وَمَا هَدَى ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ لَمَّا تَوَسَّطُوهُ وَهَمَّ أَوَّلُهُمْ بِالْخُرُوجِ مِنْهُ أَمَرَ اللَّهُ الْبَحْرَ ، فَارْتَطَمَ عَلَيْهِمْ فَغَرِقُوا عَنْ آخِرِهِمْ ، فَلَمْ يُفْلِتْ مِنْهُمْ أَحَدٌ كَمَا لَمْ يُفْقَدْ مِنْ
بَنِي إِسْرَائِيلَ وَاحِدٌ ، فَفِي ذَلِكَ آيَةٌ عَظِيمَةٌ بَلْ آيَاتٌ مُتَعَدِّدَاتٌ ، كَمَا بَسَطْنَا ذَلِكَ فِي " التَّفْسِيرِ " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَالْمَقْصُودُ أَنَّ مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ قِصَّةِ
الْعَلَاءِ بْنِ الْحَضْرَمِيِّ وَأَبِي عُبَيْدٍ الثَّقَفِيِّ ،
nindex.php?page=showalam&ids=12150وَأَبِي مُسْلِمٍ الْخَوْلَانِيِّ ، مِنْ مَسِيرِهِمْ عَلَى تَيَّارِ الْمَاءِ الْجَارِي ، فَلَمْ يُفْقَدْ مِنْهُمْ أَحَدٌ ، وَلَمْ يَفْقِدُوا شَيْئًا مِنْ أَمْتِعَتِهِمْ ، هَذَا وَهُمْ أَوْلِيَاءُ ، مِنْهُمْ صَحَابِيٌّ وَتَابِعِيَّانِ ، فَمَا الظَّنُّ أَنْ لَوِ احْتِيجَ إِلَى ذَلِكَ بِحَضْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ ! سَيِّدِ الْأَنْبِيَاءِ وَخَاتَمِهِمْ ، وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ ، وَإِمَامِهِمْ لَيْلَتَئِذٍ
بِبَيْتِ الْمَقْدِسِ الَّذِي هُوَ مَحَلُّ وِلَايَتِهِمْ ، وَدَارُ بِدَايَتِهِمْ ، وَخَطِيبِهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، وَأَعْلَاهُمْ مَنْزِلَةً فِي الْجَنَّةِ ، وَأَوَّلِ شَافِعٍ فِي الْمَحْشَرِ ، وَفِي الْخُرُوجِ مِنَ النَّارِ ، وَفِي دُخُولِهِ الْجَنَّةَ ، وَفِي رَفْعِ الدَّرَجَاتِ بِهَا ، كَمَا بَسَطْنَا أَقْسَامَ الشَّفَاعَةِ وَأَنْوَاعَهَا فِي آخِرِ الْكِتَابِ فِي أَهْوَالِ يَوْمِ الْقِيَامَةِ ، وَبِاللَّهِ الْمُسْتَعَانُ . وَسَنَذْكُرُ فِي الْمُعْجِزَاتِ الْمُوسَوِيَّةِ مَا وَرَدَ مِنَ
[ ص: 319 ] الْمُعْجِزَاتِ الْمُحَمَّدِيَّةِ مَا هُوَ أَظْهَرُ وَأَبْهَرُ مِنْهَا ، وَنَحْنُ الْآنُ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِمُعْجِزَاتِ
نُوحٍ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَمْ يَذْكُرْ شَيْخُنَا سِوَى مَا تَقَدَّمَ .
وَأَمَّا
nindex.php?page=showalam&ids=12181الْحَافِظُ أَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ فَإِنَّهُ قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِهِ فِي " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " وَهُوَ فِي مُجَلَّدَاتٍ ثَلَاثٍ : الْفَصْلُ الثَّالِثُ وَالثَّلَاثُونَ فِي ذِكْرِ
nindex.php?page=treesubj&link=29638_11467مُوَازَاةِ الْأَنْبِيَاءِ فِي فَضَائِلِهِمْ بِفَضَائِلِ نَبِيِّنَا ، وَمُقَابَلَةِ مَا أُوتُوا مِنَ الْآيَاتِ بِمَا أُوتِيَ . إِذْ أُوتِيَ مَا أُوتُوا وَشِبْهَهُ وَنَظِيرَهُ ، فَكَانَ أَوَّلَ الرُّسُلِ
نُوحٌ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَآيَتُهُ الَّتِي أُوتِيَ شِفَاءُ غَيْظِهِ ، وَإِجَابَةُ دَعْوَتِهِ فِي تَعْجِيلِ نِقْمَةِ اللَّهِ لِمُكَذِّبِيهِ ، حَتَّى هَلَكَ مَنْ عَلَى بَسِيطِ الْأَرْضِ مِنْ صَامِتٍ وَنَاطِقٍ ، إِلَّا مَنْ آمَنَ بِهِ وَدَخَلَ مَعَهُ سَفِينَتَهُ ، وَلَعَمْرِي إِنَّهَا آيَةٌ جَلِيلَةٌ وَافَقَتْ سَابِقَ قَدَرِ اللَّهِ ، وَمَا قَدْ عَلِمَهُ فِي إِهْلَاكِهِمْ ، وَكَذَلِكَ نَبِيُّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا كَذَّبَهُ قَوْمُهُ وَبَالَغُوا فِي أَذِيَّتِهِ ، وَالِاسْتِهَانَةِ بِمَنْزِلَتِهِ مِنَ اللَّهِ ، عَزَّ وَجَلَّ ، حَتَّى
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512218أَلْقَى الشَّقِيُّ عُقْبَةُ بْنُ أَبِي مُعَيْطٍ سَلَا الْجَزُورِ عَلَى ظَهْرِهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْمَلَأِ مِنْ قُرَيْشٍ " . ثُمَّ سَاقَ الْحَدِيثَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لَهُ فِي " صَحِيحِ
nindex.php?page=showalam&ids=12070الْبُخَارِيِّ " وَغَيْرِهِ فِي وَضْعِ الْمَلَأِ مِنْ
قُرَيْشٍ عَلَى ظَهْرِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ سَاجِدٌ عِنْدَ
الْكَعْبَةِ سَلَا تِلْكَ الْجَزُورِ ، وَاسْتِضْحَاكِهِمْ مِنْ ذَلِكَ ، حَتَّى جَعَلَ بَعْضُهُمْ يَمِيلُ عَلَى بَعْضٍ مِنْ شِدَّةِ الضَّحِكِ ، وَلَمْ يَزَلْ عَلَى ظَهْرِهِ حَتَّى جَاءَتْ
فَاطِمَةُ ابْنَتُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَطَرَحَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ ،
[ ص: 320 ] ثُمَّ أَقْبَلَتْ عَلَيْهِمْ فَسَبَّتْهُمْ ، فَلَمَّا سَلَّمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ صَلَاتِهِ رَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512219اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْمَلَأِ مِنْ قُرَيْشٍ " . ثُمَّ سَمَّى فَقَالَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512220اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِأَبِي جَهْلِ بْنِ هِشَامٍ ،
وَعُتْبَةَ ،
وَشَيْبَةَ ،
nindex.php?page=showalam&ids=15497وَالْوَلِيدِ بْنِ عُتْبَةَ ، وَأُمَيَّةَ بْنِ خَلَفٍ ،
وَعُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ ،
وَعُمَارَةَ بْنِ الْوَلِيدِ " . قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ فَوَالَّذِي بَعَثَهُ بِالْحَقِّ لَقَدْ رَأَيْتُهُمْ صَرْعَى يَوْمَ
بَدْرٍ ، ثُمَّ سُحِبُوا إِلَى الْقَلِيبِ ، قَلِيبِ
بَدْرٍ وَكَذَلِكَ لَمَّا أَقْبَلَتْ
قُرَيْشٌ يَوْمَ
بَدْرٍ فِي حَدِّهَا وَحَدِيدِهَا ، فَحِينَ عَايَنَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ رَافِعًا يَدَيْهِ :
" اللَّهُمَّ هَذِهِ قُرَيْشٌ جَاءَتْكَ بِفَخْرِهَا وَخُيَلَائِهَا ، تُحَادُّكَ وَتُكَذِّبُ رَسُولَكَ ، اللَّهُمَّ أَحِنْهُمُ الْغَدَاةَ " . فَقُتِلَ مِنْ سَرَاتِهِمْ سَبْعُونَ ، وَأُسِرَ مِنْ أَشْرَافِهِمْ سَبْعُونَ ، وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَاسْتَأْصَلَهُمْ عَنْ آخِرِهِمْ ، وَلَكِنْ مِنْ حِلْمِهِ وَشَرَفِ نَبِيِّهِ أَبْقَى مِنْهُمْ مَنْ سَبَقَ فِي قَدَرِهِ أَنْ سَيُؤْمِنُ بِهِ وَبِرَسُولِهِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29402_31036وَقَدْ دَعَا عَلَى عُتْبَةَ بْنِ أَبِي لَهَبٍ أَنْ يُسَلِّطَ عَلَيْهِ كَلْبَهُ بِالشَّامِ ، فَقَتَلَهُ الْأَسَدُ عِنْدَ وَادِي الزَّرْقَاءِ قِبَلَ مَدِينَةِ
بُصْرَى . وَكَمْ لَهُ مِنْ مِثْلِهَا وَنَظِيرِهَا مَا سَلَفَ ذِكْرُنَا لَهُ وَمَا لَمْ نَذْكُرْهُ ، وَكَذَلِكَ دَعَا عَلَى
قُرَيْشٍ بِسَبْعٍ كَسَبْعِ يُوسُفَ فَقُحِطُوا حَتَّى أَكَلُوا الْعِلْهِزَ ، وَهُوَ الدَّمُ بِالْوَبَرِ ، وَأَكَلُوا الْعِظَامَ وَكُلَّ شَيْءٍ ، ثُمَّ تَوَسَّلُوا إِلَى مَرَاحِمِهِ وَشَفَقَتِهِ وَرَأْفَتِهِ ، فَدَعَا لَهُمْ ، فَفَرَّجَ اللَّهُ
[ ص: 321 ] عَنْهُمْ وَسُقُوُا الْغَيْثَ بِبَرَكَةِ دُعَائِهِ .
وَقَالَ الْإِمَامُ الْفَقِيهُ
أَبُو مُحَمَّدِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَامِدٍ فِي كِتَابِهِ " دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ " وَهُوَ كِتَابٌ حَافِلٌ : ذِكْرُ مَا أُوتِيَ
نُوحٌ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، مِنَ الْفَضَائِلِ ، وَبَيَانُ مَا أُوتِيَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا يُضَاهِي فَضَائِلَهُ وَيَزِيدُ عَلَيْهَا . قَالُوا : إِنَّ قَوْمَ
نُوحٍ لَمَّا بَلَغُوا مِنْ أَذِيَّتِهِ وَالِاسْتِخْفَافِ بِهِ ، وَتَرْكِ الْإِيمَانِ بِمَا جَاءَهُمْ بِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ دَعَا عَلَيْهِمْ فَقَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=71&ayano=26 " رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا " [ نُوحٍ : 26 ] . فَاسْتَجَابَ اللَّهُ دَعَوْتَهُ ، وَغَرَّقَ قَوْمَهُ ، حَتَّى لَمَّ يَسْلَمْ شَيْءٌ مِنَ الْحَيَوَانَاتِ وَالدَّوَابِّ إِلَّا مَنْ رَكِبَ السَّفِينَةَ ، فَكَانَ ذَلِكَ فَضِيلَةً أُوتِيَهَا ، إِذْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُهُ ، وَشُفِيَ صَدْرُهُ بِإِهْلَاكِ قَوْمِهِ . قُلْنَا : وَقَدْ أُوتِيَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِثْلَهُ حِينَ نَالَهُ مِنْ
قُرَيْشٍ مَا نَالَهُ مِنَ التَّكْذِيبِ وَالِاسْتِخْفَافِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31052فَأَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْهِ مَلِكَ الْجِبَالِ وَأَمَرَهُ بِطَاعَتِهِ فِيمَا يَأْمُرُهُ بِهِ مِنْ إِهْلَاكِ قَوْمِهِ ، فَاخْتَارَ الصَّبْرَ عَلَى أَذِيَّتِهِمْ ، وَالِابْتِهَالَ فِي الدُّعَاءِ لَهُمْ بِالْهِدَايَةِ . قُلْتُ : وَهَذَا حَسَنٌ ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْحَدِيثُ بِذَلِكَ عَنْ
عَائِشَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قِصَّةِ ذَهَابِهِ إِلَى
الطَّائِفِ ، فَدَعَاهُمْ فَآذَوْهُ ، فَرَجَعَ وَهُوَ مَهْمُومٌ ، فَلَمَّا كَانَ عِنْدَ
قَرْنِ الثَّعَالِبِ نَادَاهُ مَلَكُ الْجِبَالِ فَقَالَ : يَا
مُحَمَّدُ ، إِنَّ رَبَّكَ قَدْ سَمِعَ قَوْلَ قَوْمِكَ وَمَا رَدُّوا عَلَيْكَ ، وَقَدْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ لِأَفْعَلَ مَا تَأْمُرُنِي بِهِ ، فَإِنْ شِئْتَ أَطْبَقْتُ عَلَيْهِمُ الْأَخْشَبَيْنِ . يَعْنِي جَبَلَيْ
مَكَّةَ اللَّذَيْنِ يَكْتَنِفَانِهَا جَنُوبًا وَشَامًا ، وَهُمَا
أَبُو قُبَيْسٍ وَزُرْزُرٌ ، فَقَالَ "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512222بَلْ أَسْتَأْنِي بِهِمْ لَعَلَّ اللَّهَ أَنْ يُخْرِجَ مِنْ أَصْلَابِهِمْ مَنْ لَا يُشْرِكُ [ ص: 322 ] بِاللَّهِ شَيْئًا " . وَقَدْ ذَكَرَ الْحَافِظُ
أَبُو نُعَيْمٍ فِي مُقَابَلَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=54&ayano=10 " فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ فَفَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ مُنْهَمِرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ " [ الْقَمَرِ : 10 - 12 ] . أَحَادِيثَ الِاسْتِسْقَاءِ ، عَنْ
أَنَسٍ وَغَيْرِهِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُنَا لِذَلِكَ فِي دَلَائِلِ النُّبُوَّةِ قَرِيبًا أَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَأَلَهُ ذَلِكَ الْأَعْرَابِيُّ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ لَهُمْ ; لِمَا بِهِمْ مِنَ الْجَدْبِ وَالْجُوعِ ،
nindex.php?page=treesubj&link=31036فَرَفَعَ يَدَيْهِ فَقَالَ : " nindex.php?page=hadith&LINKID=3512223اللَّهُمَّ اسْقِنَا ، اللَّهُمَّ اسْقِنَا " . فَمَا نَزَلَ عَنِ الْمِنْبَرِ حَتَّى رُئِيَ الْمَطَرُ يَتَحَادَرُ عَلَى لِحْيَتِهِ الْكَرِيمَةِ ، صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ ، فَاسْتَحْضَرَ مَنِ اسْتَحْضَرَ مِنَ الصَّحَابَةِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، قَوْلَ عَمِّهِ
أَبِي طَالِبٍ فِيهِ :
وَأَبْيَضَ يُسْتَسْقَى الْغَمَامُ بِوَجْهِهِ ثِمَالَ الْيَتَامَى عِصْمَةً لِلْأَرَامِلِ يَلُوذُ بِهِ الْهُلَّاكُ مِنْ آلِ هَاشِمٍ
فُهُمْ عِنْدَهُ فِي نِعْمَةٍ وَفَوَاضِلِ
وَكَذَلِكَ اسْتَسْقَى فِي غَيْرِ مَا مَوْضِعٍ لِلْجَدْبِ وَالْعَطَشِ ، فَيُجَابُ كَمَا يُرِيدُ عَلَى قَدْرِ الْحَاجَةِ الْمَائِيَّةِ ، لَا أَزْيَدَ وَلَا أَنْقَصَ وَهَذَا أَبْلَغُ فِي الْمُعْجِزَةِ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ هَذَا مَاءُ رَحْمَةٍ وَنِعْمَةٍ ، وَمَاءُ الطُّوفَانِ مَاءُ غَضَبٍ وَنِقْمَةٍ ، وَأَيْضًا فَإِنَّ
عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، كَانَ يَسْتَسْقِي
بِالْعَبَّاسِ عَمِّ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيُسْقَوْنَ ، وَكَذَلِكَ مَا زَالَ الْمُسْلِمُونَ فِي غَالِبِ الْأَزْمَانِ وَالْبُلْدَانِ يَسْتَسْقُونَ فَيُجَابُونَ فَيُسْقَوْنَ ، وَلَا يُخَيَّبُونَ غَالِبًا وَلَا يَشْقَوْنَ ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ .
[ ص: 323 ] قَالَ
أَبُو نُعَيْمٍ : وَلَبِثَ
نُوحٌ فِي قَوْمِهِ أَلْفَ سَنَةٍ إِلَّا خَمْسِينَ عَامًا ، فَبَلَغَ جَمِيعُ مَنْ آمَنَ بِهِ رِجَالًا وَنِسَاءً ، الَّذِينَ رَكِبُوا مَعَهُ سَفِينَتَهُ ، دُونَ مِائَةِ نَفْسٍ ، وَآمَنَ بِنَبِيِّنَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مُدَّةِ عِشْرِينَ سَنَةً النَّاسُ شَرْقًا وَغَرْبًا ، وَدَانَتْ لَهُ جَبَابِرَةُ الْأَرْضِ وَمُلُوكُهَا ، وَخَافَتْ زَوَالَ مُلْكِهِمْ ، كَكِسْرَى وَقَيْصَرَ ، وَأَسْلَمَ
النَّجَاشِيُّ وَالْأَقْيَالُ ; رَغْبَةً فِي دِينِ اللَّهِ ، وَالْتَزَمَ مَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِهِ مِنْ عُظَمَاءِ الْأَرْضِ الْجِزْيَةَ وَالْإِتَاوَةَ عَنْ صَغَارٍ ;
أَهْلُ نَجْرَانَ وَهَجَرُ ، وَأَيْلَةُ وَأَكَيْدَرُ دُومَةَ ، فَذَلُّوا لَهُ مُنْقَادِينَ ; لِمَا أَيَّدَهُ اللَّهُ بِهِ مِنَ الرُّعْبِ الَّذِي يَسِيرُ بَيْنَ يَدَيْهِ شَهْرًا ، وَفَتَحَ الْفُتُوحَ ، وَدَخَلَ النَّاسُ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=110&ayano=1إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا " [ النَّصْرِ : 1 ، 2 ] .
قُلْتُ : مَاتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَقَدْ فَتَحَ اللَّهُ لَهُ
الْمَدِينَةَ وَخَيْبَرَ وَمَكَّةَ وَأَكْثَرَ
الْيَمَنِ وَحَضْرَمَوْتَ ، وَتُوُفِّيَ عَنْ مِائَةِ أَلْفِ صَحَابِيٍّ أَوْ يَزِيدُونَ ، وَقَدْ كَتَبَ فِي آخِرِ حَيَاتِهِ الْكَرِيمَةِ إِلَى سَائِرِ مُلُوكِ الْأَرْضِ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى ، فَمِنْهُمْ مَنْ أَجَابَ وَمِنْهُمْ مَنْ تَوَقَّفَ ، وَمِنْهُمْ مَنْ صَانَعَ وَدَارَى عَنْ نَفْسِهِ ، وَمِنْهُمْ مَنْ تَكَبَّرَ فَخَابَ وَخَسِرَ ، كَمَا فَعَلَ
nindex.php?page=showalam&ids=16848كِسْرَى بْنُ هُرْمُزَ حِينَ عَتَا وَبَغَى وَتَكَبَّرَ ، فَمُزِّقَ مُلْكُهُ ، وَتَفَرَّقَ جُنْدُهُ شَذَرَ مَذَرَ ، ثُمَّ فَتَحَ خُلَفَاؤُهُ مِنْ بَعْدِهِ -
أَبُو بَكْرٍ ، ثُمَّ
عُمَرُ ، ثُمَّ
عُثْمَانُ التَّالِي عَلَى الْأَثَرِ - مَشَارِقَ الْأَرْضِ وَمَغَارِبَهَا ، مِنَ الْبَحْرِ
[ ص: 324 ] الْغَرْبِيِّ إِلَى الْبَحْرِ الشَّرْقِيِّ ، كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا ، وَسَيَبْلُغُ مُلْكُ أُمَّتِي مَا زُوِيَ لِي مِنْهَا " . وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :
" إِذَا هَلَكَ قَيْصَرُ فَلَا قَيْصَرَ بَعْدَهُ ، وَإِذَا هَلَكَ كِسْرَى فَلَا كِسْرَى بَعْدَهُ ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَتُنْفَقَنَّ كُنُوزُهُمَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ " . وَكَذَلِكَ وَقَعَ سَوَاءً بِسَوَاءٍ ، فَقَدِ اسْتَوْسَقَتِ الْمَمَالِكُ الْإِسْلَامِيَّةُ عَلَى مُلْكِ قَيْصَرَ وَحَوَاصِلِهِ إِلَّا
الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ وَجَمِيعِ مَمَالِكِ كِسْرَى وَبِلَادِ الْمَشْرِقِ ، وَإِلَى أَقْصَى بِلَادِ الْمَغْرِبِ ، إِلَى أَنْ قُتِلَ
عُثْمَانُ فِي سَنَةِ سِتٍّ وَثَلَاثِينَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَقَبَّحَ قَاتِلِيهِ ، فَكَمَا عَمَّتْ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ النِّقْمَةُ بِدَعْوَةِ
نُوحٍ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، لَمَّا رَأَى مَا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ التَّمَادِي فِي الضَّلَالِ وَالْكُفْرِ وَالْفُجُورِ ، فَدَعَا عَلَيْهِمْ ; غَضَبًا لِلَّهِ وَلِدِينِهِ وَرِسَالَتِهِ ، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ ، وَغَضِبَ لِغَضَبِهِ ، وَانْتَقَمَ مِنْهُمْ بِسَبَبِهِ ، كَذَلِكَ عَمَّتْ جَمِيعَ أَهْلِ الْأَرْضِ النِّعْمَةُ بِبَرَكَةِ رِسَالَةِ
مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدَعْوَتِهِ ، فَآمَنَ مَنْ آمَنَ مِنَ النَّاسِ ، وَقَامَتِ الْحُجَّةُ عَلَى مَنْ كَفَرَ مِنْهُمْ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107 " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " [ الْأَنْبِيَاءِ : 107 ] . وَكَمَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : "
nindex.php?page=hadith&LINKID=3512224 " إِنَّمَا أَنَا رَحْمَةٌ مُهْدَاةٌ " " .
[ ص: 325 ] وَقَالَ
هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ فِي كِتَابِ " الْمَبْعَثِ " : حَدَّثَنِي
عِيسَى بْنُ عَبْدِ اللَّهِ النُّعْمَانِيُّ ، حَدَّثَنَا
الْمَسْعُودِيُّ عَنْ
سَعِيدِ بْنِ أَبِي سَعِيدٍ ، عَنْ
سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنِ
ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ :
nindex.php?page=tafseer&surano=21&ayano=107 " وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ " قَالَ : مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ تَمَّتْ لَهُ الرَّحْمَةُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ عُوفِيَ مِنْ تَعْجِيلِ مَا كَانَ يُصِيبُ الْأُمَمَ قَبْلَ ذَلِكَ مِنَ الْعَذَابِ وَالْفِتَنِ وَالْقَذْفِ وَالْخَسْفِ . وَقَالَ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=14&ayano=28أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ " [ إِبْرَاهِيمَ : 28 ] . قَالَ
ابْنُ عَبَّاسٍ النِّعْمَةُ
مُحَمَّدٌ ، وَالَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْرًا هُمْ كُفَّارُ
قُرَيْشٍ . يَعْنِي : وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ كَذَّبَ بِهِ مِنْ سَائِرِ النَّاسِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=11&ayano=17 " وَمَنْ يَكْفُرْ بِهِ مِنَ الْأَحْزَابِ فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ " [ هُودٍ : 17 ] .
قَالَ
أَبُو نُعَيْمٍ : فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ سَمَّى اللَّهُ
نُوحًا ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، بِاسْمٍ مِنْ أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى فَقَالَ
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=3 " إِنَّهُ كَانَ عَبْدًا شَكُورًا " [ الْإِسْرَاءِ : 3 ] . قُلْنَا :
nindex.php?page=treesubj&link=31055وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِاسْمَيْنِ مِنْ أَسْمَائِهِ فَقَالَ : nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=128 " بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ " [ التَّوْبَةِ : 128 ] . قَالَ :
nindex.php?page=treesubj&link=31042وَقَدْ خَاطَبَ اللَّهُ الْأَنْبِيَاءَ بِأَسْمَائِهِمْ ، يَا
نُوحُ ، يَا
إِبْرَاهِيمُ ، يَا
مُوسَى ، يَا
دَاوُدُ ، يَا
يَحْيَى ، يَا
عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ . وَقَالَ مُخَاطِبًا
لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ " " يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ "
nindex.php?page=tafseer&surano=73&ayano=1 " يَا أَيُّهَا الْمُزَّمِّلُ " nindex.php?page=tafseer&surano=74&ayano=1 " يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ " وَذَلِكَ قَائِمٌ مَقَامَ الْكُنْيَةِ بِصِفَةِ الشَّرَفِ ، وَلَمَّا نَسَبَ الْمُشْرِكُونَ أَنْبِيَاءَهُمْ إِلَى السَّفَهِ ، وَالْجُنُونِ ، كُلٌّ أَجَابَ عَنْ نَفْسِهِ ; قَالَ
نُوحٌ "
nindex.php?page=tafseer&surano=7&ayano=61يَاقَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلَالَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [ الْأَعْرَافِ : 61 ]
[ ص: 326 ] . وَكَذَا قَالَ
هُودٌ ، عَلَيْهِ السَّلَامُ ، وَلَمَّا قَالَ
فِرْعَوْنُ :
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=101 " وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَا مُوسَى مَسْحُورًا " [ الْإِسْرَاءِ : 101 ] . قَالَ
مُوسَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=17&ayano=102لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنْزَلَ هَؤُلَاءِ إِلَّا رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ بَصَائِرَ وَإِنِّي لَأَظُنُّكَ يَافِرْعَوْنُ مَثْبُورًا " [ الْإِسْرَاءِ : 102 ] . إِلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ .
nindex.php?page=treesubj&link=31042وَأَمَّا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى جَوَابَهُمْ عَنْهُ بِنَفْسِهِ الْكَرِيمَةِ ، كَمَا قَالَ :
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=6 " وَقَالُوا يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : "
nindex.php?page=tafseer&surano=15&ayano=8مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ " [ الْحِجْرِ : 6 - 8 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=25&ayano=5 " وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا قُلْ أَنْزَلَهُ الَّذِي يَعْلَمُ السِّرَّ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا " [ الْفُرْقَانِ : 5 ، 6 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=52&ayano=30 " أَمْ يَقُولُونَ شَاعِرٌ نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ قُلْ تَرَبَّصُوا فَإِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُتَرَبِّصِينَ " [ الطُّورِ : 30 ، 31 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=69&ayano=41 " وَمَا هُوَ بِقَوْلِ شَاعِرٍ قَلِيلًا مَا تُؤْمِنُونَ وَلَا بِقَوْلِ كَاهِنٍ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ تَنْزِيلٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ " [ الْحَاقَّةِ : 41 - 43 ] .
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=51 " وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ " قَالَ اللَّهُ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=52 " وَمَا هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعَالَمِينَ " [ الْقَلَمِ : 51 ، 52 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=68&ayano=1 " ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ مَا أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُونٍ وَإِنَّ لَكَ لَأَجْرًا غَيْرَ مَمْنُونٍ وَإِنَّكَ لَعَلَّى خُلُقٍ عَظِيمٍ " [ الْقَلَمِ : 1 - 4 ] . وَقَالَ تَعَالَى :
nindex.php?page=tafseer&surano=16&ayano=103 " وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ " [ النَّحْلِ : 103 ] .