فصل (
nindex.php?page=treesubj&link=31270_31286_32391_32392مناقبه الكبار وحسناته العظيمة )
ومن مناقبه الكبار وحسناته العظيمة أنه جمع الناس على قراءة واحدة ، وكتب المصحف على العرضة الأخيرة ، التي درسها
جبريل رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في آخر سني حياته ، وكان سبب ذلك أن
حذيفة بن اليمان كان في بعض الغزوات ، وقد اجتمع فيها خلق من
أهل الشام ممن يقرأ على قراءة
المقداد بن الأسود nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ، وجماعة من
أهل العراق ممن يقرأ على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود وأبي موسى ، وجعل من لا يعلم بسوغان القراءة على سبعة أحرف يفضل قراءته على قراءة غيره ، وربما خطأ الآخر أو كفره ، فأدى ذلك إلى اختلاف شديد وانتشار في الكلام السيئ بين الناس ، فركب
حذيفة إلى
عثمان ، فقال : يا أمير المؤمنين ، أدرك هذه الأمة قبل أن تختلف في كتابها كاختلاف
اليهود والنصارى في كتبهم . وذكر له ما شاهد من اختلاف الناس في القراءة ، فعند ذلك جمع
عثمان الصحابة وشاورهم في ذلك ، ورأى أن يكتب المصحف على حرف واحد ، وأن يجمع الناس في سائر الأقاليم على القراءة به دون ما سواه ; لما رأى في ذلك من مصلحة كف المنازعة ودفع
[ ص: 394 ] الاختلاف ، فاستدعى بالصحف التي كان
الصديق أمر
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت بجمعها ، وكانت عند
الصديق أيام حياته ، ثم كانت عند
عمر ، فلما توفي صارت إلى
حفصة أم المؤمنين ، فاستدعى بها
عثمان وأمر
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت الأنصاري أن يكتب ، وأن يملي عليه
nindex.php?page=showalam&ids=74سعيد بن العاص الأموي ، بحضرة
عبد الله بن الزبير الأسدي وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومي ، وأمرهم إذا اختلفوا في شيء أن يكتبوه بلغة
قريش ، فكتب
لأهل الشام مصحفا
ولأهل مصر آخر ، وبعث إلى
البصرة مصحفا وإلى
الكوفة بآخر ، وأرسل إلى
مكة مصحفا وإلى
اليمن مثله ، وأقر
بالمدينة مصحفا ، ويقال لهذه المصاحف : الأئمة . وليست كلها بخط
عثمان ، بل ولا واحد منها ، وإنما هي بخط
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت ، وإنما يقال لها : المصاحف العثمانية ; نسبة إلى أمره وزمانه وإمارته . كما يقال : دينار هرقلي . أي ضرب في زمانه ودولته .
وقال
الواقدي : حدثنا
ابن أبي سبرة ، عن
سهيل بن أبي صالح ، عن أبيه ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - ورواه غيره ، من وجه آخر ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=3أبي هريرة - قال :
لما نسخ عثمان المصاحف دخل عليه nindex.php?page=showalam&ids=3أبو هريرة ، فقال : أصبت ووفقت ، أشهد لسمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول : " إن أشد أمتي حبا لي قوم يأتون من بعدي يؤمنون بي ولم يروني يعملون بما في الورق المعلق " فقلت : أي ورق ؟ حتى رأيت المصاحف . قال : فأعجب ذلك عثمان ، وأمر nindex.php?page=showalam&ids=3لأبي هريرة بعشرة آلاف ، وقال : [ ص: 395 ] والله ما علمت أنك لتحبس علينا حديث نبينا ، صلى الله عليه وسلم . ثم عمد إلى بقية المصاحف التي بأيدي الناس مما يخالف ما كتبه فحرقه ; لئلا يقع بسببه اختلاف ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11939أبو بكر بن أبي داود في كتاب " المصاحف " : حدثنا
nindex.php?page=showalam&ids=15573محمد بن بشار ، ثنا
محمد بن جعفر وعبد الرحمن قالا : ثنا
شعبة ، عن
علقمة بن مرثد ، عن رجل ، عن
nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة قال : قال لي
علي حين حرق
عثمان المصاحف : لو لم يصنعه هو لصنعته . وهكذا رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14724أبو داود الطيالسي ،
وعمرو بن مرزوق ، عن
شعبة مثله . وقد رواه
nindex.php?page=showalam&ids=13933البيهقي وغيره ، من حديث
محمد بن أبان - زوج أخت
حسين - عن
علقمة بن مرثد قال : سمعت
العيزار بن جرول ، سمعت
nindex.php?page=showalam&ids=16072سويد بن غفلة قال : قال
علي : أيها الناس ، إياكم والغلو في
عثمان ، يقولون : حرق المصاحف . والله ما حرقها إلا عن ملأ من أصحاب
محمد ، صلى الله عليه وسلم ، ولو وليت مثل ما ولي لفعلت مثل الذي فعل .
[ ص: 396 ] وقد روي عن
ابن مسعود أنه تعتب لما أخذ منه مصحفه فحرق ، وتكلم في تقدم إسلامه على
nindex.php?page=showalam&ids=47زيد بن ثابت الذي كتب المصاحف ، وأمر أصحابه أن يغلوا مصاحفهم ، وتلا قوله تعالى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=161ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة [ آل عمران : 161 ] فكتب إليه
عثمان ، رضي الله عنه ، يدعوه إلى اتباع الصحابة فيما أجمعوا عليه من المصلحة في ذلك ، وجمع الكلمة ، وعدم الاختلاف ، فأناب وأجاب إلى المتابعة وترك المخالفة ، رضي الله عنهم أجمعين .
وقد قال
أبو إسحاق : عن
عبد الرحمن بن يزيد أن
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله بن مسعود دخل مسجد
منى ، فقال : كم صلى أمير المؤمنين الظهر ؟ قالوا : أربعا . فصلى
ابن مسعود أربعا ، فقالوا : ألم تحدثنا أن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ،
وأبا بكر وعمر صلوا ركعتين ؟ فقال : نعم ، وأنا أحدثكموه الآن ، ولكن أكره الاختلاف .
وفي " الصحيح " أن
ابن مسعود قال : ليت حظي من أربع ركعات ركعتان متقبلتان .
وقال
الأعمش : حدثني
معاوية بن قرة -
بواسط - عن أشياخه قالوا : صلى
عثمان الظهر
بمنى أربعا ، فبلغ ذلك
ابن مسعود ، فعاب عليه ، ثم صلى بأصحابه العصر في رحله أربعا ، فقيل له : عبت على
عثمان وصليت أربعا ؟ فقال : إني أكره الخلاف . وفي رواية : الخلاف شر . فإذا كان هذا متابعة من
[ ص: 397 ] ابن مسعود عثمان في هذا الفرع ، فكيف بمتابعته إياه في أصل القرآن ، والاقتداء به في التلاوة التي عزم على الناس أن يقرأوا بها لا بغيرها ؟ وقد حكى
الزهري وغيره أن
عثمان إنما أتم الصلاة خشية على الأعراب أن يعتقدوا أن فرض الصلاة ركعتان . وقيل : بل قد تأهل
بمكة . فروى أبو يعلى وغيره ، من حديث عكرمة بن إبراهيم ، حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن الحارث بن أبي ذباب ، عن أبيه أن عثمان صلى بهم بمنى أربع ركعات ، ثم أقبل عليهم ، فقال : إني سمعت رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، يقول :
إذا تزوج الرجل ببلد فهو من أهله وإني أتممت لأني تزوجت بها منذ قدمتها . وهذا الحديث لا يصح ، وقد تزوج رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، في عمرة القضاء بميمونة بنت الحارث ولم يتم الصلاة . وقد قيل : إن عثمان تأول أنه أمير المؤمنين حيث كان . وهكذا تأولت عائشة فأتمت . وفي هذا التأويل نظر ; فإن رسول الله ، صلى الله عليه وسلم ، هو رسول الله حيث كان ، ومع هذا ما أتم الصلاة في الأسفار .
ومما كان يعتمده
عثمان بن عفان أنه كان يلزم عماله بحضور الموسم كل عام ، ويكتب إلى الرعايا : من كانت له عند أحد منهم مظلمة فليواف إلى الموسم ، فإني آخذ له حقه من عامله . وكان
عثمان قد سمح لكثير من كبار الصحابة في المسير حيث شاءوا من البلاد ، وكان
عمر يحجر عليهم في ذلك ، حتى ولا في الغزو ويقول : إني أخاف أن تروا الدنيا أو أن يراكم أبناؤها . فلما
[ ص: 398 ] خرجوا في زمان
عثمان اجتمع عليهم الناس ، وصار لكل واحد أصحاب ، وطمع كل قوم في تولية صاحبهم الإمارة العامة بعد
عثمان ، فاستعجلوا موته ، واستطالوا حياته ، حتى وقع ما وقع من بعض أهل الأمصار ، كما تقدم ، فإنا لله وإنا إليه راجعون ، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم ، العلي العظيم .
فَصْلٌ (
nindex.php?page=treesubj&link=31270_31286_32391_32392مَنَاقِبُهُ الْكِبَارُ وَحَسَنَاتُهُ الْعَظِيمَةُ )
وَمِنْ مَنَاقِبِهِ الْكِبَارِ وَحَسَنَاتِهِ الْعَظِيمَةِ أَنَّهُ جَمَعَ النَّاسَ عَلَى قِرَاءَةٍ وَاحِدَةٍ ، وَكَتَبَ الْمُصْحَفَ عَلَى الْعَرْضَةِ الْأَخِيرَةِ ، الَّتِي دَرَّسَهَا
جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي آخِرِ سِنِي حَيَاتِهِ ، وَكَانَ سَبَبُ ذَلِكَ أَنَّ
حُذَيْفَةَ بْنَ الْيَمَانِ كَانَ فِي بَعْضِ الْغَزَوَاتِ ، وَقَدِ اجْتَمَعَ فِيهَا خَلْقٌ مِنْ
أَهْلِ الشَّامِ مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ
الْمِقْدَادِ بْنِ الْأَسْوَدِ nindex.php?page=showalam&ids=4وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَجَمَاعَةٌ مِنْ
أَهْلِ الْعِرَاقِ مِمَّنْ يَقْرَأُ عَلَى قِرَاءَةِ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ وَأَبِي مُوسَى ، وَجَعَلَ مَنْ لَا يَعْلَمُ بِسَوَغَانِ الْقِرَاءَةِ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ يُفَضِّلُ قِرَاءَتَهُ عَلَى قِرَاءَةِ غَيْرِهِ ، وَرُبَّمَا خَطَّأَ الْآخَرَ أَوْ كَفَّرَهُ ، فَأَدَّى ذَلِكَ إِلَى اخْتِلَافٍ شَدِيدٍ وَانْتِشَارٍ فِي الْكَلَامِ السَّيِّئِ بَيْنَ النَّاسِ ، فَرَكِبَ
حُذَيْفَةُ إِلَى
عُثْمَانَ ، فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ ، أَدْرِكْ هَذِهِ الْأُمَّةَ قَبْلَ أَنْ تَخْتَلِفَ فِي كِتَابِهَا كَاخْتِلَافِ
الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى فِي كُتُبِهِمْ . وَذَكَرَ لَهُ مَا شَاهَدَ مِنَ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي الْقِرَاءَةِ ، فَعِنْدَ ذَلِكَ جَمَعَ
عُثْمَانُ الصَّحَابَةَ وَشَاوَرَهُمْ فِي ذَلِكَ ، وَرَأَى أَنْ يَكْتُبَ الْمُصْحَفَ عَلَى حَرْفٍ وَاحِدٍ ، وَأَنْ يَجْمَعَ النَّاسَ فِي سَائِرِ الْأَقَالِيمِ عَلَى الْقِرَاءَةِ بِهِ دُونَ مَا سِوَاهُ ; لِمَا رَأَى فِي ذَلِكَ مِنْ مَصْلَحَةِ كَفِّ الْمُنَازَعَةِ وَدَفْعِ
[ ص: 394 ] الِاخْتِلَافِ ، فَاسْتَدْعَى بِالصُّحُفِ الَّتِي كَانَ
الصِّدِّيقُ أَمَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ بِجَمْعِهَا ، وَكَانَتْ عِنْدَ
الصِّدِّيقِ أَيَّامَ حَيَاتِهِ ، ثُمَّ كَانَتْ عِنْدَ
عُمَرَ ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ صَارَتْ إِلَى
حَفْصَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، فَاسْتَدْعَى بِهَا
عُثْمَانُ وَأَمَرَ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ الْأَنْصَارِيَّ أَنْ يَكْتُبَ ، وَأَنْ يُمْلِيَ عَلَيْهِ
nindex.php?page=showalam&ids=74سَعِيدُ بْنُ الْعَاصِ الْأُمَوِيُّ ، بِحَضْرَةِ
عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ الْأَسَدِيِّ وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ الْمَخْزُومِيِّ ، وَأَمَرَهُمْ إِذَا اخْتَلَفُوا فِي شَيْءٍ أَنْ يَكْتُبُوهُ بِلُغَةِ
قُرَيْشٍ ، فَكَتَبَ
لِأَهْلِ الشَّامِ مُصْحَفًا
وَلِأَهْلِ مِصْرَ آخَرَ ، وَبَعَثَ إِلَى
الْبَصْرَةِ مُصْحَفًا وَإِلَى
الْكُوفَةِ بِآخَرَ ، وَأَرْسَلَ إِلَى
مَكَّةَ مُصْحَفًا وَإِلَى
الْيَمَنِ مِثْلَهُ ، وَأَقَرَّ
بِالْمَدِينَةِ مُصْحَفًا ، وَيُقَالُ لِهَذِهِ الْمَصَاحِفِ : الْأَئِمَّةُ . وَلَيْسَتْ كُلُّهَا بِخَطِّ
عُثْمَانَ ، بَلْ وَلَا وَاحِدٌ مِنْهَا ، وَإِنَّمَا هِيَ بِخَطِّ
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَإِنَّمَا يُقَالُ لَهَا : الْمَصَاحِفُ الْعُثْمَانِيَّةُ ; نِسْبَةً إِلَى أَمْرِهِ وَزَمَانِهِ وَإِمَارَتِهِ . كَمَا يُقَالُ : دِينَارٌ هِرَقْلِيُّ . أَيْ ضُرِبَ فِي زَمَانِهِ وَدَوْلَتِهِ .
وَقَالَ
الْوَاقِدِيُّ : حَدَّثَنَا
ابْنُ أَبِي سَبْرَةَ ، عَنْ
سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - وَرَوَاهُ غَيْرُهُ ، مِنْ وَجْهٍ آخَرَ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=3أَبِي هُرَيْرَةَ - قَالَ :
لَمَّا نَسَخَ عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ دَخَلَ عَلَيْهِ nindex.php?page=showalam&ids=3أَبُو هُرَيْرَةَ ، فَقَالَ : أَصَبْتَ وَوُفِّقْتَ ، أَشْهَدُ لَسَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ : " إِنَّ أَشَدَّ أُمَّتِي حُبًّا لِي قَوْمٌ يَأْتُونَ مِنْ بَعْدِي يُؤْمِنُونَ بِي وَلَمْ يَرَوْنِي يَعْمَلُونَ بِمَا فِي الْوَرَقِ الْمُعَلَّقِ " فَقُلْتُ : أَيُّ وَرَقٍ ؟ حَتَّى رَأَيْتُ الْمَصَاحِفَ . قَالَ : فَأَعْجَبَ ذَلِكَ عُثْمَانَ ، وَأَمَرَ nindex.php?page=showalam&ids=3لِأَبِي هُرَيْرَةَ بِعَشَرَةِ آلَافٍ ، وَقَالَ : [ ص: 395 ] وَاللَّهِ مَا عَلِمْتُ أَنَّكَ لَتَحْبِسُ عَلَيْنَا حَدِيثَ نَبِيِّنَا ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ عَمَدَ إِلَى بَقِيَّةِ الْمَصَاحِفِ الَّتِي بِأَيْدِي النَّاسِ مِمَّا يُخَالِفُ مَا كَتَبَهُ فَحَرَقَهُ ; لِئَلَّا يَقَعَ بِسَبَبِهِ اخْتِلَافٌ ، فَقَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11939أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي دَاوُدَ فِي كِتَابِ " الْمَصَاحِفِ " : حَدَّثَنَا
nindex.php?page=showalam&ids=15573مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، ثَنَا
مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَالَا : ثَنَا
شُعْبَةُ ، عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ رَجُلٍ ، عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=16072سُوَيْدِ بْنِ غَفَلَةَ قَالَ : قَالَ لِي
عَلِيٌّ حِينَ حَرَقَ
عُثْمَانُ الْمَصَاحِفَ : لَوْ لَمْ يَصْنَعْهُ هُوَ لَصَنَعْتُهُ . وَهَكَذَا رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=14724أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ ،
وَعَمْرُو بْنُ مَرْزُوقٍ ، عَنْ
شُعْبَةَ مِثْلَهُ . وَقَدْ رَوَاهُ
nindex.php?page=showalam&ids=13933الْبَيْهَقِيُّ وَغَيْرُهُ ، مِنْ حَدِيثِ
مُحَمَّدِ بْنِ أَبَانَ - زَوْجِ أُخْتِ
حُسَيْنٍ - عَنْ
عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ قَالَ : سَمِعْتُ
الْعَيْزَارَ بْنَ جَرْوَلَ ، سَمِعْتُ
nindex.php?page=showalam&ids=16072سُوِيدَ بْنَ غَفَلَةَ قَالَ : قَالَ
عَلِيٌّ : أَيُّهَا النَّاسُ ، إِيَّاكُمْ وَالْغُلُوَّ فِي
عُثْمَانَ ، يَقُولُونَ : حَرَقَ الْمَصَاحِفَ . وَاللَّهِ مَا حَرَقَهَا إِلَّا عَنْ مَلَأٍ مِنْ أَصْحَابِ
مُحَمَّدٍ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَوْ وَلِيتُ مِثْلَ مَا وَلِيَ لَفَعَلْتُ مِثْلَ الَّذِي فَعَلَ .
[ ص: 396 ] وَقَدْ رُوِيَ عَنِ
ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ تَعَتَّبَ لَمَّا أُخِذَ مِنْهُ مُصْحَفُهُ فَحُرِّقَ ، وَتَكَلَّمَ فِي تَقَدُّمِ إِسْلَامِهِ عَلَى
nindex.php?page=showalam&ids=47زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ الَّذِي كَتَبَ الْمَصَاحِفَ ، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ أَنْ يَغُلُّوا مَصَاحِفَهُمْ ، وَتَلَا قَوْلَهُ تَعَالَى
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=161وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ [ آلِ عِمْرَانَ : 161 ] فَكَتَبَ إِلَيْهِ
عُثْمَانُ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، يَدْعُوهُ إِلَى اتِّبَاعِ الصَّحَابَةِ فِيمَا أَجْمَعُوا عَلَيْهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ فِي ذَلِكَ ، وَجَمْعِ الْكَلِمَةِ ، وَعَدَمِ الِاخْتِلَافِ ، فَأَنَابَ وَأَجَابَ إِلَى الْمُتَابَعَةِ وَتَرَكَ الْمُخَالَفَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ .
وَقَدْ قَالَ
أَبُو إِسْحَاقَ : عَنْ
عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ أَنَّ
nindex.php?page=showalam&ids=10عَبْدَ اللَّهِ بْنَ مَسْعُودٍ دَخَلَ مَسْجِدَ
مِنًى ، فَقَالَ : كَمْ صَلَّى أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ الظُّهْرَ ؟ قَالُوا : أَرْبَعًا . فَصَلَّى
ابْنُ مَسْعُودٍ أَرْبَعًا ، فَقَالُوا : أَلَمْ تُحَدِّثْنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ،
وَأَبَا بَكْرٍ وَعُمَرَ صَلَّوْا رَكْعَتَيْنِ ؟ فَقَالَ : نَعَمْ ، وَأَنَا أُحَدِّثُكُمُوهُ الْآنَ ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ الِاخْتِلَافَ .
وَفِي " الصَّحِيحِ " أَنَّ
ابْنَ مَسْعُودٍ قَالَ : لَيْتَ حَظِّي مِنْ أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ رَكْعَتَانِ مُتَقَبَّلَتَانِ .
وَقَالَ
الْأَعْمَشُ : حَدَّثَنِي
مُعَاوِيَةُ بْنُ قُرَّةَ -
بِوَاسِطٍ - عَنْ أَشْيَاخِهِ قَالُوا : صَلَّى
عُثْمَانُ الظُّهْرَ
بِمِنًى أَرْبَعًا ، فَبَلَغَ ذَلِكَ
ابْنَ مَسْعُودٍ ، فَعَابَ عَلَيْهِ ، ثُمَّ صَلَّى بِأَصْحَابِهِ الْعَصْرَ فِي رَحْلِهِ أَرْبَعًا ، فَقِيلَ لَهُ : عِبْتَ عَلَى
عُثْمَانَ وَصَلَّيْتَ أَرْبَعًا ؟ فَقَالَ : إِنِّي أَكْرَهُ الْخِلَافَ . وَفِي رِوَايَةٍ : الْخِلَافُ شَرٌّ . فَإِذَا كَانَ هَذَا مُتَابَعَةً مِنَ
[ ص: 397 ] ابْنِ مَسْعُودٍ عُثْمَانَ فِي هَذَا الْفَرْعِ ، فَكَيْفَ بِمُتَابَعَتِهِ إِيَّاهُ فِي أَصْلِ الْقُرْآنِ ، وَالِاقْتِدَاءِ بِهِ فِي التِّلَاوَةِ الَّتِي عَزَمَ عَلَى النَّاسِ أَنْ يَقْرَأُوا بِهَا لَا بِغَيْرِهَا ؟ وَقَدْ حَكَى
الزُّهْرِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ
عُثْمَانَ إِنَّمَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ خَشْيَةً عَلَى الْأَعْرَابِ أَنْ يَعْتَقِدُوا أَنَّ فَرْضَ الصَّلَاةِ رَكْعَتَانِ . وَقِيلَ : بَلْ قَدْ تَأَهَّلَ
بِمَكَّةَ . فَرَوَى أَبُو يَعْلَى وَغَيْرُهُ ، مِنْ حَدِيثِ عِكْرِمَةَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي ذُبَابٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّ عُثْمَانَ صَلَّى بِهِمْ بِمِنًى أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ ، ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَيْهِمْ ، فَقَالَ : إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ :
إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ بِبَلَدٍ فَهُوَ مِنْ أَهْلِهِ وَإِنِّي أَتْمَمْتُ لِأَنِّي تَزَوَّجْتُ بِهَا مُنْذُ قَدِمْتُهَا . وَهَذَا الْحَدِيثُ لَا يَصِحُّ ، وَقَدْ تَزَوَّجَ رَسُولُ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فِي عُمْرَةِ الْقَضَاءِ بِمَيْمُونَةَ بِنْتِ الْحَارِثِ وَلَمْ يُتِمَّ الصَّلَاةَ . وَقَدْ قِيلَ : إِنَّ عُثْمَانَ تَأَوَّلَ أَنَّهُ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ حَيْثُ كَانَ . وَهَكَذَا تَأَوَّلَتْ عَائِشَةُ فَأَتَمَّتْ . وَفِي هَذَا التَّأْوِيلِ نَظَرٌ ; فَإِنَّ رَسُولَ اللَّهِ ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، هُوَ رَسُولُ اللَّهِ حَيْثُ كَانَ ، وَمَعَ هَذَا مَا أَتَمَّ الصَّلَاةَ فِي الْأَسْفَارِ .
وَمِمَّا كَانَ يَعْتَمِدُهُ
عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ أَنَّهُ كَانَ يُلْزِمُ عُمَّالَهُ بِحُضُورِ الْمَوْسِمِ كُلَّ عَامٍ ، وَيَكْتُبُ إِلَى الرَّعَايَا : مَنْ كَانَتْ لَهُ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ مَظْلِمَةٌ فَلْيُوَافِ إِلَى الْمَوْسِمِ ، فَإِنِّي آخُذُ لَهُ حَقَّهُ مِنْ عَامِلِهِ . وَكَانَ
عُثْمَانُ قَدْ سَمَحَ لِكَثِيرٍ مِنْ كِبَارِ الصَّحَابَةِ فِي الْمَسِيرِ حَيْثُ شَاءُوا مِنَ الْبِلَادِ ، وَكَانَ
عُمَرُ يَحْجُرُ عَلَيْهِمْ فِي ذَلِكَ ، حَتَّى وَلَا فِي الْغَزْوِ وَيَقُولُ : إِنِّي أَخَافُ أَنْ تَرَوُا الدُّنْيَا أَوْ أَنْ يَرَاكُمْ أَبْنَاؤُهَا . فَلَمَّا
[ ص: 398 ] خَرَجُوا فِي زَمَانِ
عُثْمَانَ اجْتَمَعَ عَلَيْهِمُ النَّاسُ ، وَصَارَ لِكُلِّ وَاحِدٍ أَصْحَابٌ ، وَطَمِعَ كُلُّ قَوْمٍ فِي تَوْلِيَةِ صَاحِبِهِمُ الْإِمَارَةَ الْعَامَّةَ بَعْدَ
عُثْمَانَ ، فَاسْتَعْجَلُوا مَوْتَهُ ، وَاسْتَطَالُوا حَيَاتَهُ ، حَتَّى وَقَعَ مَا وَقَعَ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْأَمْصَارِ ، كَمَا تَقَدَّمَ ، فَإِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ ، وَلَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَكِيمِ ، الْعَلِيِّ الْعَظِيمِ .