36 - 33 - باب إخباره - صلى الله عليه وسلم - بالمغيبات .
14063 عن محمد بن جعفر بن الزبير قال : عمير بن وهب الجمحي بعد مصاب وصفوان بن أمية أهل بدر من قريش في الحجر بيسير ، وكان عمير بن وهب شيطانا من شياطين قريش ، وكان ممن يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه ويلقون منه عناء أذاهم بمكة ، وكان ابن وهب بن عمير في أسارى أصحاب بدر . قال : فذكروا أصحاب القليب بمصابهم فقال : والله إن في العيش خيرا بعدهم . فقال عمير بن وهب : صدقت والله لولا دين علي ليس عندي قضاؤه ، وعيالي أخشى عليهم الضيعة بعدي لركبت إلى محمد حتى [ ص: 285 ] أقتله فإن لي فيهم علة ابني عندهم أسيرا في أيديهم . قال : فاغتنمها صفوان فقال : علي دينك أنا أقضيه عنك ، وعيالك مع عيالي أسويهم ما بقوا لا نسعهم بعجز عنهم . قال عمير : اكتم عني شأني وشأنك . قال : أفعل ، ثم أمر عمير بسيفه فشحذ وسم ثم انطلق إلى المدينة . فبينما عمر - رضي الله عنه - بالمدينة في نفر من المسلمين يتذاكرون يوم بدر وما أكرمهم الله به وما أراهم من عدوهم ، إذ نظر إلى عمير بن وهب قد أناخ بباب المسجد متوشحا السيف فقال : هذا الكلب والله عمير بن وهب ، ما جاء إلا لشر ، هذا الذي حرش بيننا وحرزنا للقوم يوم بدر . ثم دخل عمر على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال : يا رسول الله ، هذا عمير بن وهب قد جاء متوشحا بالسيف قال : " فأدخله " . فأقبل عمر حتى أخذ بحمالة سيفه في عنقه فلبه بها ، وقال عمر لرجال من الأنصار ممن كان معه : ادخلوا على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجلسوا عنده ، واحذروا هذا الكلب عليه ; فإنه غير مأمون . ثم دخل على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به وعمر آخذ بحمالة سيفه فقال : " أرسله يا عمر ، ادن يا عمير " . فدنا فقال : أنعموا صباحا . وكانت تحية أهل الجاهلية بينهم . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " قد أكرمنا الله بتحية خير من تحيتك يا عمير ، السلام تحية أهل الجنة " . فقال : أما والله يا محمد إن كنت لحديث عهد بها . قال : " فما جاء بك ؟ " . قال : جئت لهذا الأسير الذي في أيديكم فأحسبه قال : " فما بال السيف في عنقك ؟ " . قال : قبحها الله من سيوف فهل أغنت عنا شيئا ؟ قال : " اصدقني ما الذي جئت له ؟ " . قال : ما جئت إلا لهذا . قال : " في الحجر فتذاكرتما أصحاب القليب من وصفوان بن أمية قريش فقلت : لولا دين علي وعيالي لخرجت حتى أقتل محمدا . فتحمل بلى قعدت أنت صفوان لك بدينك وعيالك على أن تقتلني ، والله حائل بينك وبين ذلك " . قال عمير : أشهد أنك رسول الله ، قد كنا يا رسول الله ، نكذبك بما كنت تأتينا به من خبر السماء ، وما ينزل عليك من الوحي ، وهذا أمر لم يحضره إلا أنا وصفوان ، فوالله إني لأعلم ما أنبأك به إلا الله ، فالحمد لله الذي هداني للإسلام وساقني هذا المساق . ثم شهد شهادة الحق . فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : " " . ثم قال : يا رسول [ ص: 286 ] الله إني كنت جاهدا على إطفاء نور الله ، شديد الأذى لمن كان على دين الله ، وإني أحب أن تأذن لي فأقدم فقهوا أخاكم في دينه وأقرئوه القرآن وأطلقوا له أسيره مكة فأدعوهم إلى الله وإلى الإسلام ، لعل الله أن يهديهم ولا أؤذيهم كما كنت أؤذي أصحابك في دينهم . فأذن له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلحق بمكة . وكان صفوان حين خرج عمير بن وهب قال لقريش : أبشروا بوقعة تنسيكم وقعة بدر . وكان صفوان يسأل عنه الركبان ، حتى قدم راكب فأخبره بإسلامه فحلف أن لا يكلمه أبدا ولا ينفعه بنفع أبدا . فلما قدم عمير مكة أقام بها يدعو إلى الإسلام ، ويؤذي من خالفه أذى شديدا ، فأسلم على يديه ناس كثير . رواه جلس مرسلا وإسناده جيد . الطبراني