الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 363 - 364 ] ( وصفة الأذان معروفة ) وهو كما أذن الملك النازل من السماء ( ولا ترجيع فيه ) وهو أن يرجع فيرفع صوته بالشهادتين بعدما خفض بهما ، وقال الشافعي رحمه الله تعالى: فيه ذلك . [ ص: 365 - 369 ] لحديث أبي محذورة رضي الله عنه { أن النبي عليه الصلاة والسلام أمره بالترجيع }ولنا أنه لا ترجيع في المشاهير ، وكان ما رواه تعليما فظنه ترجيعا .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        { الحديث الأول } : حديث أذان الملك النازل من السماء ، قلت : رواه أبو داود في " سننه " من طريق محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه حدثني أبي عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، قال : { لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة ، طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده ، فقلت : يا عبد الله أتبيع الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ فقلت : ندعو به إلى الصلاة ، قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت : بلى ، قال : فقال : الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر . أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح . حي على الفلاح ، الله أكبر . الله أكبر ، لا إله إلا الله قال : ثم استأخر عني غير بعيد ، ثم قال : ثم تقول إذا أقيمت الصلاة : الله أكبر . الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، قد قامت الصلاة ، قد قامت الصلاة ، الله أكبر . الله أكبر ، لا إله إلا الله ، قال : فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت ، فقال : إنها لرؤيا حق إن شاء الله ، فقم مع بلال ، فألق عليه ما رأيت ، فليؤذن به ، فإنه أندى صوتا منك ، فقمت مع بلال ، فجعلت ألقيه إليه ، ويؤذن به ، قال : فسمع عمر ذلك وهو في بيته ، فجعل يجر رداءه ، ويقول : والذي بعثك بالحق ، لقد رأيت مثل ما رأى ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : فلله الحمد }انتهى .

                                                                                                        ورواه الترمذي ، فلم يذكر فيه كلمات الأذان ولا الإقامة ، وقال : حديث حسن صحيح ، ورواه ابن ماجه ، فلم يذكر فيه لفظ الإقامة ، وزاد فيه شعرا ، ورواه ابن حبان في " صحيحه " في النوع [ ص: 365 ] الرابع والتسعين ، من القسم الأول ، فذكره بتمامه ، قال البيهقي في " المعرفة " : قال محمد بن يحيى الذهلي : ليس في أخبار عبد الله بن زيد في فضل الأذان خبر أصح من هذا ، لأن محمدا سمعه من أبيه ، وابن أبي ليلى لم يسمع من عبد الله بن زيد انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن خزيمة في " صحيحه " ، ثم قال : سمعت محمد بن يحيى الذهلي يقول : ليس في أخبار عبد الله ، إلى آخر لفظ البيهقي ، وزاد : خبر ابن إسحاق هذا ثابت صحيح . لأن محمد بن عبد الله بن زيد سمعه من أبيه ، ومحمد بن إسحاق سمعه من محمد بن إبراهيم التيمي ، وليس هو مما دلسه ابن إسحاق انتهى .

                                                                                                        وقال الترمذي في " علله الكبير " : سألت محمد بن إسماعيل عن هذا الحديث ، فقال : هو عندي صحيح انتهى .

                                                                                                        ورواه أحمد في " مسنده " وزاد في آخره : { ثم أمر بالتأذين ، وكان بلال يؤذن بذلك ، ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ، قال فجاءه ذات غداة فدعاه إلى الفجر ، فقيل له : إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم . قال : فصرخ بلال بأعلى صوته : الصلاة خير من النوم ، قال سعيد : فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر }انتهى .

                                                                                                        رواه من طريق محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه ، فذكره . ورواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل بنحو حديث عبد الله بن زيد ، وسيأتي في " الحديث الرابع " .

                                                                                                        وقال الحاكم في " المستدرك " في فضائل عبد الله بن زيد بن عبد ربه " : وإنما اشتهر عبد الله بن زيد بن عبد ربه بحديث الأذان ، ولم يخرجاه في " الصحيحين " لاختلاف الناقلين في أسانيده ، وقد تداوله فقهاء الإسلام بالقبول ، وأمثل الروايات فيه رواية سعيد بن المسيب ، وقد توهم بعض أئمتنا أن سعيدا لم يلحق عبد الله بن زيد ، وليس كذلك ، وإنما توفي عبد الله بن زيد في أواخر خلافة عثمان . حديث الزهري :

                                                                                                        عن سعيد بن المسيب مشهور ، رواه يونس بن يزيد . ومعمر بن راشد وشعيب بن أبي حمزة . ومحمد بن إسحاق . وغيرهم ، وأما أخبار الكوفيين في [ ص: 366 ] هذا الباب فمدارها على حديث عبد الرحمن بن أبي ليلى ، فمنهم من قال : عن معاذ بن جبل أن عبد الله بن زيد ، ومنهم من قال : عن عبد الرحمن عن عبد الله بن زيد ، وأما رواية ولد عبد الله بن زيد عن آبائهم عنه ، فغير مستقيمة الأسانيد ، وقد أسند عبد الله بن زيد هذا حديثا غير هذا ، ثم أسند عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم { عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الذي أري الأذان أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله هذا حائطي صدقة إلى الله ورسوله ، فجاء أبواه ، فقالا : يا رسول الله كان قوام عيشنا ، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهما ، ثم ماتا فورثهما ابنهما بعد }انتهى كلامه . قال الذهبي في " مختصره " : وهذا فيه إرسال انتهى .

                                                                                                        ونقل عن البخاري أنه قال : لا يعرف لعبد الله بن زيد بن عبد ربه إلا حديث الأذان ، انتهى .

                                                                                                        أحاديث في أن الأذان كان وحيا لا مناما روى البزار في " مسنده " حدثنا محمد بن عثمان بن مخلد الواسطي ثنا أبي حدثنا زياد بن المنذر عن محمد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب ، قال : { لما أراد الله أن يعلم رسوله الأذان أتاه جبرائيل عليه السلام بدابة يقال لها : البراق ، فذهب يركبها فاستصعبت ، فقال لها : اسكني فوالله ما ركبك عبد أكرم على الله من محمد ، قال : فركبها حتى انتهى إلى الحجاب الذي يلي الرحمن تبارك وتعالى ، فبينما هو كذلك إذ خرج ملك من الحجاب ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : يا جبرائيل من هذا ؟ قال : والذي بعثك بالحق إني لأقرب الخلق مكانا . وأن هذا الملك ما رأيته منذ خلقت قبل ساعتي هذه ، فقال الملك : الله أكبر . الله أكبر ، قال : فقيل له من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا أكبر أنا أكبر . ثم قال الملك : أشهد أن لا إله إلا الله ، قال : فقيل له من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا لا إله إلا أنا ، ثم قال الملك : أشهد أن محمدا رسول الله ، فقيل له من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا أرسلت محمدا ، ثم قال الملك : حي على الصلاة . حي على الفلاح ، ثم قال الملك : الله أكبر . الله أكبر ، فقيل له من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا أكبر أنا أكبر ، ثم قال : لا إله إلا الله ، قال : فقيل من وراء الحجاب : صدق عبدي ، أنا لا إله إلا أنا ، قال : ثم أخذ الملك بيد محمد صلى الله عليه وسلم فقدمه ، فأم أهل السماء : فمنهم آدم ونوح ، }انتهى .

                                                                                                        قال البزار : لا نعلمه يروى بهذا اللفظ عن علي إلا بهذا الإسناد ، وزياد بن المنذر [ ص: 367 ] فيه شيعية وقد روى عنه مروان بن معاوية . وغيره ، انتهى .

                                                                                                        ورواه أبو القاسم الأصبهاني في " كتاب الترغيب والترهيب " ، وقال : حديث غريب لا أعرفه إلا من هذا الوجه انتهى . ولم يعزه في " الإمام " إلا للأصبهاني ، ثم قال : والخبر الصحيح أن بدء الأذان كان بالمدينة أخرجه مسلم عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر ، قال : { كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون ويتحينون بالصلاة ، وليس ينادي لها أحد ، فتكلموا في ذلك ، }الحديث .

                                                                                                        فائدة أخرى :

                                                                                                        قال الشيخ في " الإمام " : قد اشتهر في خبر الرؤيا في الأذان كلمة الشهادتين . وأمره عليه السلام لبلال بها ، وقد أخرج ابن خزيمة في " صحيحه " عن عبد الله بن نافع عن أبيه { عن ابن عمر أنه كان يقول : أول ما أذن : أشهد أن لا إله إلا الله ، حي على الصلاة . فقال عمر : قل في إثرها : أشهد أن محمدا رسول الله ، فقال له عليه الصلاة والسلام قل كما أمرك عمر }انتهى . قال الشيخ : وعبد الله بن نافع ، قال فيه النسائي : متروك الحديث انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر }

                                                                                                        أخرجه الحاكم في " المستدرك في الفضائل " عن نوح بن دراج عن الأجلح عن البهي عن سفيان بن الليل ، قال : { لما كان من أمر الحسين بن علي ومعاوية ما كان قدمت عليه المدينة ، وهو جالس في أصحابه ، فذكر الحديث بطوله ، قال : فتذاكرنا عنده الأذان ، فقال بعضنا : إنما كان بدء الأذان رؤيا عبد الله بن زيد بن عاصم ، فقال له الحسن بن علي : إن شأن الأذان أعظم من ذلك ، أذن جبرائيل في السماء مثنى مثنى ، وعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام مرة مرة ، فعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن به الحسن حتى ولى }انتهى .

                                                                                                        وسكت عنه ، قال الذهبي في " مختصره " : نوح بن دراج كذاب انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : روى الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا النعمان بن أحمد الواسطي ثنا أحمد بن محمد بن ماهان حدثني أبي ثنا طلحة بن زيد عن يونس بن يزيد عن الزهري عن سالم عن أبيه { أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أسري به إلى السماء أوحي إليه بالأذان ، فنزل به ، فعلمه جبرائيل ، }انتهى .

                                                                                                        وقال : تفرد به محمد بن ماهان الواسطي ، انتهى .

                                                                                                        [ ص: 368 ] ورواه في موضع آخر ، حدثنا محمد بن حنيفة الواسطي ثنا عمي أحمد بن محمد بن ماهان الواسطي ثنا أبي به ، وقال : تفرد به طلحة بن زيد . قوله : ولنا أنه لا ترجيع فيه في " المشاهير " قلت : فيه أحاديث : منها حديث عبد الله بن زيد ، وقد تقدم بألفاظه وطرقه ، قال ابن الجوزي في " التحقيق " : حديث عبد الله بن زيد هو أصل التأذين . وليس فيه ترجيع ، فدل على أن الترجيع غير مسنون انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } رواه أبو داود . والنسائي من حديث شعبة ، قال : سمعت أبا جعفر مؤذن مسجد العربان في مسجد بني هلال يحدث عن مسلم أبي المثنى مؤذن المسجد الجامع عن ابن عمر أنه قال : { إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين ، والإقامة مرة ، غير أنه يقول : قد قامت الصلاة ، فكنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ، ثم خرجنا إلى الصلاة ، }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن خزيمة . وابن حبان في " صحيحيهما " وله طريق آخر عند الدارقطني والبيهقي في " سننهما " أخرجه عن سعيد بن المغيرة الصياد ثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ، قال : { كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين ، والإقامة مرة مرة }انتهى .

                                                                                                        قال ابن الجوزي : وهذا إسناد صحيح ، سعيد بن المغيرة وثقه ابن حبان وغيره ، وهو دليل على أنه لم يكن فيه ترجيع انتهى .

                                                                                                        وقال في " الإمام " : قال ابن أبي حاتم : قال أبو سعيد بن المغيرة ثقة ، ورواه أبو عوانة في " مسنده " بلفظ : مثنى مثنى ، والإقامة فرادى ، انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } رواه الطبراني في " معجمه الوسط " حدثنا أحمد بن عبد بن عبد الرحمن بن عبد الله البغدادي ثنا أبو جعفر النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن عبد الملك بن أبي محذورة ، قال : سمعت جدي عبد الملك بن أبي محذورة يقول : إنه سمع أباه { أبا محذورة يقول : ألقى علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان حرفا حرفا : الله أكبر . الله أكبر ، إلى آخره ، لم يذكر فيه ترجيعا } ، وهذا معارض للرواية المتقدمة التي عند مسلم وغيره ، ورواه أبو داود في " سننه " حدثنا النفيلي ثنا إبراهيم بن إسماعيل ، فذكره بهذا الإسناد ، وفيه ترجيع . [ ص: 369 ]

                                                                                                        { الحديث الثاني } : حديث أبي محذورة أنه عليه السلام أمره بالترجيع ، قلت : رواه الجماعة إلا البخاري من حديث عبد الله بن محيريز { عن أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان : الله أكبر . الله أكبر ، أشهد أن لا إله إلا الله . أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ثم يعود فيقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، حي على الصلاة ، حي على الصلاة ، حي على الفلاح ، حي على الفلاح ، الله أكبر . الله أكبر ، لا إله إلا الله }انتهى .

                                                                                                        وفي بعض ألفاظهم : علمه الأذان تسع عشرة كلمة ، فذكرها ، ولفظ أبي داود : { قلت : يا رسول الله علمني سنة الأذان ، قال : تقول : الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر . الله أكبر ، ثم تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، تخفض بهما صوتك ، ثم ترفع صوتك بهما } ، الحديث ، وهو لفظ ابن حبان في " صحيحه " واختصره الترمذي ، ولفظه { عن أبي محذورة : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقعده وألقى عليه الأذان حرفا حرفا ، قال بشر : فقلت له : أعد علي ، فوصف الأذان بالترجيع }انتهى .

                                                                                                        وطوله النسائي . وابن ماجه ، وأوله : { خرجت في نفر ، فلما كنا ببعض الطريق أذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن قال : ثم قال لي : ارجع فامدد من صوتك أشهد أن لا إله إلا الله ، }الحديث ، قوله : وكان ما رواه تعليما ، فظنه ترجيعا ، هذا فيه نظر .

                                                                                                        وقال الطحاوي في " شرح الآثار " : يحتمل أن الترجيع إنما كان لأن أبا محذورة يمد بذلك صوته ، كما أراده النبي صلى الله عليه وسلم فقال له عليه السلام { ارجع فامدد من صوتك } ، وهذا قريب مما قاله صاحب الكتاب ، وقال ابن الجوزي في " التحقيق " : إن أبا محذورة كان كافرا قبل أن يسلم ، فلما أسلم ولقنه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان أعاد عليه الشهادة ، وكررها لتثبت عنده ويحفظها ، ويكررها على أصحابه المشركين ، فإنهم كانوا ينفرون منها ، خلاف نفورهم من غيرها ، فلما كررها عليه ظنها من الأذان فعده تسع عشرة كلمة ، وأيضا فأذان أبي محذورة عليه أهل مكة ، وما ذهبنا إليه عليه عمل أهل المدينة ، والعمل على المتأخر من الأمور انتهى كلامه .

                                                                                                        وهذه الأقوال الثلاثة متقاربة في المعنى ، ويردها لفظ أبي داود ، { قلت : يا رسول الله [ ص: 370 ] علمني سنة الأذان ، وفيه : ثم تقول : أشهد أن لا إله إلا الله ، أشهد أن محمدا رسول الله ، تخفض بها صوتك ، ثم ترفع صوتك بها }فجعله من سنة الأذان ، وهو كذلك في " صحيح ابن حبان ، ومسند أحمد " لكنه معارض بما أخرجه الطبراني عن أبي محذورة ، وليس فيه ترجيع ، وسيأتي .

                                                                                                        { حديث آخر } للخصم أخرجه الدارقطني في " سننه " عن عبد الله بن محمد بن عمار بن سعد القرظ { عن سعد القرظ أنه وصف أذان بلال ، وفيه الترجيع } ، قال ابن الجوزي في " التحقيق " : هذا لا يصح ، والصحيح أن بلالا كان لا يرجع ، وعبد الله محمد بن عمار بن سعد القرظ ، قال ابن معين فيه : ليس بشيء ، انتهى كلامه .




                                                                                                        الخدمات العلمية