فصل في أحكامه
( ) وقال وإذا قبض المشتري المبيع في البيع الفاسد بأمر البائع وفي العقد [ ص: 477 ] عوضان كل واحد منهما مال ملك المبيع ولزمته قيمته رحمه الله : لا يملكه إن قبضه لأنه محظور فلا ينال به نعمة الملك ، ولأن النهي نسخ للمشروعية للتضاد ولهذا لا يفيده قبل القبض وصار كما إذا باع بالميتة أو باع الخمر بالدراهم . ولنا أن ركن البيع صدر من أهله مضافا إلى محله فوجب القبول بانعقاده ، ولا خفاء في الأهلية والمحلية . وركنه مبادلة المال بالمال وفيه الكلام ، والنهي يقرر المشروعية عندنا لاقتضائه التصور فنفس البيع مشروع وبه تنال نعمة الملك ، وإنما المحظور ما يجاوره كما في البيع وقت النداء ، وإنما لا يثبت الملك قبل القبض كي لا يؤدي إلى تقرير الفساد المجاور ، إذ هو واجب الرفع بالاسترداد فبالامتناع عن المطالبة أولى ولأن السبب قد ضعف لمكان اقترانه بالقبيح فيشترط اعتضاده بالقبض في إفادة الحكم بمنزلة الهبة ، والميتة ليست بمال فانعدم الركن ولو كان الخمر مثمنا فقد خرجناه وشيء آخر ، وهو أن في الخمر الواجب هو القيمة وهي تصلح ثمنا لا مثمنا ثم شرط أن يكون القبض بإذن البائع وهو الظاهر إلا أنه يكتفى به دلالة كما إذا قبضه في مجلس العقد استحسانا ، وهو الصحيح لأن البيع تسليط منه على القبض فإذا قبضه بحضرته قبل الافتراق ولم ينهه كان بحكم التسليط السابق ، فكذا القبض في الهبة في مجلس العقد يصح استحسانا ، وشرط أن يكون في العقد عوضان كل واحد منهما مال ليتحقق ركن البيع ، وهو مبادلة المال بالمال ، فيخرج عليه البيع بالميتة والدم والحر والريح والبيع مع نفي الثمن ، وقوله لزمته قيمته في ذوات القيم ، فأما في ذوات الأمثال فيلزمه المثل لأنه مضمون بنفسه بالقبض فشابه الغصب ، وهذا لأن المثل صورة ومعنى أعدل من المثل معنى . [ ص: 478 ] قال : ( ولكل واحد من المتعاقدين فسخه ) رفعا للفساد ، وهذا قبل القبض ظاهر لأنه لم يفد حكمه فيكون الفسخ امتناعا منه وكذا بعد القبض إذا كان الفساد في صلب العقد لقوته وإن كان الفساد بشرط زائد فلمن له الشرط ذلك دون من عليه لقوة العقد إلا أنه لم تتحقق المراضاة في حق من له الشرط . الشافعي
قال : ( فإن باعه المشتري نفذ بيعه ) لأنه ملكه فملك التصرف فيه وسقط حق الاسترداد لتعلق حق العبد بالثاني ونقض الأول لحق الشرع وحق العبد مقدم لحاجته ، ولأن الأول مشروع بأصله دون وصفه والثاني مشروع بأصله ووصفه فلا يعارضه مجرد الوصف ، ولأنه حصل بتسليط من جهة البائع بخلاف تصرف المشتري في الدار المشفوعة ، لأن كل واحد منهما حق العبد ويستويان في المشروعية وما حصل بتسليط من الشفيع .