الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 22 - 28 ] باب الإمامة ( الجماعة سنة مؤكدة ) لقوله عليه الصلاة والسلام { الجماعة سنة من سنن الهدى لا يتخلف عنها إلا منافق } .

                                                                                                        [ ص: 28 ]

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        [ ص: 28 ] الحديث التاسع والخمسون : قال النبي صلى الله عليه وسلم : { الجماعة من سنن الهدى ، لا يتخلف عنها إلا منافق } ، قلت : غريب بهذا اللفظ ، وأخرج مسلم عن أبي الأحوص ، قال : { قال ، عبد الله بن مسعود : لقد رأيتنا ، وما يتخلف عن الصلاة إلا منافق ، قد علم نفاقه ، أو مريض ، إن كان المريض ليمشي بين رجلين حتى يأتي الصلاة ، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمنا سنن الهدى ، وأن من سنن الهدى الصلاة في المسجد الذي يؤذن فيه }انتهى .

                                                                                                        وأخرج أيضا عنه ، قال : من سره أن يلقى الله غدا مسلما فليحافظ على هؤلاء الصلوات ، حيث ينادى بهن ، فإن الله شرع لنبيكم سنن الهدى وإنهن من سنن الهدى ، ولو أنكم صليتم في بيوتكم ، كما يصلي هذا المتخلف في بيته لتركتم سنة نبيكم ولو تركتم سنة نبيكم لضللتم ، وما من رجل يتطهر فيحسن الطهور ، ثم يعمد إلى مسجد من هذه المساجد ، إلا كتب الله له بكل خطوة يخطوها حسنة ، ويرفعه بها درجة ، ويحط عنه بها سيئة ، ولقد رأيتنا ، وما يتخلف عنها إلا منافق معلوم النفاق ، ولقد كان الرجل يؤتى به يهادى بين الرجلين حتى يقام في الصف انتهى .

                                                                                                        أحاديث الباب : في " الصحيحين عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { لقد هممت أن آمر بالمؤذن فيؤذن ، ثم آمر رجلا ، فيصلي بالناس ، ثم أنطلق معي برجال معهم حزم الحطب ، إلى قوم يتخلفون عن الصلاة ، فأحرق عليهم بيوتهم بالنار }. انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرج مسلم عن ابن مسعود نحوه ، إلا أنه قال : { يتخلفون عن الجمعة } ، [ ص: 29 ] قال البيهقي : والذي يدل عليه سائر الروايات أنه عبر بالجمعة عن الجماعة ، قال النووي في " الخلاصة " : بل هما روايتان : رواية في الجمعة . ورواية في الجماعة وكلاهما صحيح انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه مسلم عن أبي هريرة ، قال : { أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل أعمى ، فقال : يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد ، فرخص له عليه السلام أن يصلي في بيته ، فلما ولى دعاه ، فقال له : هل تسمع النداء بالصلاة ؟ قال : نعم ، قال : فأجبه }انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرج أبو داود . وابن ماجه عن عاصم عن أبي رزين عن { عمرو ابن أم مكتوم . قال : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت : يا رسول الله أنا ضرير شاسع الدار ، ولي قائد لا يلائمني ، فهل تجد لي رخصة أن أصلي في بيتي ؟ قال : أتسمع النداء ؟ قلت : نعم ، قال : ما أجد لك رخصة }انتهى .

                                                                                                        وأخرجه أبو داود . والنسائي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن { ابن أم مكتوم ، أنه قال : قال : يا رسول الله ، إن المدينة كثيرة الهوام والسباع ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : تسمع حي على الصلاة . حي على الفلاح ؟ قال : نعم ، قال : فحي هلا }. انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم في " المستدرك " ، وصححه . وقال النسائي : وقد رواه بعضهم عن ابن أبي ليلى مرسلا ، انتهى .

                                                                                                        قال البيهقي : معناه لا أجد لك رخصة تحصل لك فضيلة الجماعة من غير حضورها ، وليس معناه إيجاب الحضور على الأعمى ، فقد رخص لعتبان بن مالك انتهى .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود في " سننه " عن أبي جناب الكلبي عن مغراء العبدي عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { من سمع النداء فلم يمنعه من اتباعه عذر قالوا : وما العذر ؟ قال : خوف ، أو مرض لم يقبل منه الصلاة التي صلى }انتهى .

                                                                                                        ورواه ابن حبان . والحاكم ، وأكثر الناس على [ ص: 30 ] تضعيف الكلبي ، ولكن قال ابن معين : هو صدوق ، إلا أنه يدلس ، وأخرجه ابن ماجه عن شعبة عن عدي بن ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { من سمع النداء ، فلم يأته ، فلا صلاة له ، إلا من عذر }. انتهى .

                                                                                                        ورواه الحاكم ، وقال : على شرطهما . وبه أخذ داود في أن الجماعة شرط والحنابلة في أنها فرض عين ، والله أعلم .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه البخاري . ومسلم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " { صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفذ بسبع وعشرين درجة }. انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ : { يزيد على صلاته وحده سبعا وعشرين درجة }" ، وأخرجا عن أبي هريرة مرفوعا : { صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده بخمسة وعشرين جزءا } ، وفي لفظ : " { تفضل صلاة الجميع على صلاة الرجل وحده خمسا وعشرين درجة } ، وأخرج البخاري عن أبي سعيد ، نحوه ، وقال : { بخمس وعشرين درجة } ، وزاد أبو داود فيه : { فإن صلاها في فلاة فأتم ركوعها وسجودها بلغت خمسين صلاة } ، وإسنادها جيد ، وقال الحاكم : صحيح على شرط الشيخين . انتهى .

                                                                                                        وفي لفظ آخر أخرجه البخاري . ومسلم أيضا عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { صلاة الرجل في جماعة تضعف على صلاته في بيته ، وفي سوقه ، خمسا وعشرين ضعفا ، وذلك أنه إذا توضأ فأحسن الوضوء ، ثم خرج إلى المسجد ، لا تخرجه إلا الصلاة ، لم يخط خطوة إلا رفعت له بها درجة ، وحط عنه بها خطيئة ، فإذا صلى لم تزل الملائكة تصلي عليه ما دام في مصلاه ، ما لم يحدث فيه : اللهم صل عليه . اللهم ارحمه ، ولا يزال العبد في صلاته ما انتظر الصلاة }انتهى .

                                                                                                        وفي رواية لهما : { وبخمسة وعشرين جزءا } ، وفي رواية لمسلم : " درجة " .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه مسلم عن عثمان بن عفان عن النبي صلى الله عليه وسلم { من صلى العشاء في جماعة ، فكأنما قام نصف الليل ، ومن صلى الصبح في جماعة ، فكأنما صلى الليل كله }انتهى .

                                                                                                        وهو عند أبي داود والترمذي : { ومن صلى العشاء . والصبح في جماعة ، [ ص: 31 ] فكأنما قام الليل كله }انتهى . وقال الترمذي : حديث حسن صحيح .

                                                                                                        { حديث آخر } : أخرجه أبو داود . والنسائي . وابن ماجه عن عبد الله بن أبي بصير عن أبي بن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده ، وصلاة الرجل مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل ، وما زاد فهو أحب إلى الله تعالى }. انتهى .

                                                                                                        قال النووي في " الخلاصة " : إسناده صحيح ، إلا أن ابن أبي بصير سكتوا عنه ، ولم يضعفه أبو داود ، وروى البيهقي معناه من حديث قباث بن أشيم الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو " بفتح القاف ، وضمها ، بعدها باء موحدة ، وآخره ثاء مثلثة " . انتهى كلامه .

                                                                                                        { حديث آخر } : عن أبي الدرداء ، قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { ما من ثلاثة في قرية ولا بدو ، لا يقام فيهما الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان ، فعليكم بالجماعة ، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية } ، انتهى .

                                                                                                        أخرجه أبو داود . والنسائي ، قال النووي : إسناده صحيح ، ذكره في " الخلاصة " .




                                                                                                        الخدمات العلمية