الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                        معلومات الكتاب

                                                                                                        نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية

                                                                                                        الزيلعي - جمال الدين عبد الله بن يوسف الزيلعي

                                                                                                        صفحة جزء
                                                                                                        [ ص: 472 - 473 ] قال : ( وكل شيء أخرجته الأرض مما فيه العشر لا يحتسب فيه أجر العمال ونفقة البقر ) لأن النبي عليه الصلاة والسلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت المؤنة ، فلا معنى لرفعها . قال ( تغلبي له أرض عشر فعليه العشر مضاعفا ) عرف ذلك بإجماع الصحابة رضوان الله عليهم.

                                                                                                        وعن محمد رحمه الله أن فيما اشتراه التغلبي من المسلم عشرا واحدا ; لأن الوظيفة عنده لا تتغير بتغير المالك ( فإن اشتراها منه ذمي فهي على حالها عندهم ) لجواز التضعيف عليه في الجملة كما إذا مر على العاشر ( وكذا إذا اشتراها منه مسلم ، أو أسلم التغلبي عند أبي حنيفة رحمه الله ) سواء كان التضعيف أصليا أو حادثا ; لأن التضعيف صار وظيفة لها فتنتقل إلى المسلم بما فيها كالخراج ( وقال أبو يوسف رحمه الله : يعود إلى عشر واحد ) لزوال الداعي إلى التضعيف ، قال في الكتاب : وهو قول محمد فيما صح عنه ، قال رضي الله عنه : اختلف النسخ في بيان قوله ، والأصح أنه مع أبي حنيفة في بقاء التضعيف ، إلا أن قوله لا يتأتى إلا في الأصلي ، لأن التضعيف الحادث لا يتحقق عنده ; لعدم تغير الوظيفة .

                                                                                                        التالي السابق


                                                                                                        الحديث الثالث والثلاثون : روي أن النبي عليه السلام حكم بتفاوت الواجب لتفاوت [ ص: 474 ] المؤنة ، قلت : يشير إلى ما رواه البخاري في " صحيحه " من حديث الزهري عن سالم عن ابن عمر ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " { فيما سقت السماء والعيون ، أو كان عثريا العشر ، وما سقي بالنضح نصف العشر } . انتهى . وأخرج مسلم عن أبي الزبير عن جابر مرفوعا : { فما سقت الأنهار والغيم العشر ، وفيما سقي بالسانية نصف العشر . }انتهى .

                                                                                                        وروى أبو داود حديث ابن عمر ، بلفظ : { فيما سقت السماء والأنهار والعيون ، أو كان بعلا ، العشر ، وفيما سقي بالسواني ، أو النضح نصف العشر }. انتهى .

                                                                                                        وروى الترمذي من حديث عاصم بن عبد العزيز المديني ثنا الحارث بن عبد الرحمن بن أبي ذباب عن سليمان بن يسار ، وبسر بن سعيد عن أبي هريرة ، قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : { فيما سقت السماء والعيون العشر ، وفيما سقي بالنضح نصف العشر }. انتهى .

                                                                                                        قال الشيخ في " الإمام " وعاصم هذا أثنى عليه معن بن عيسى ، فيما ذكره ابن أبي حاتم ، وأما الحارث هذا ، فقال ابن معين : هو مشهور ، وقال أبو زرعة : لا بأس به ، وقال أبو حاتم : ليس بالقوي ، ويكتب حديثه . انتهى .

                                                                                                        وأخرج ابن ماجه عن مسروق عن { معاذ بن جبل ، قال : بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن ، وأمرني أن آخذ مما سقت السماء ، وما سقي بعلا العشر ، وما سقي بالدوالي نصف العشر }. انتهى . لأن ما خفت مؤنته وعمت منفعته كان أحمل للمواساة ، فأوجب فيه العشر ، توسعة على الفقراء ، وجعل فيما كثرت مؤنته نصف العشر ، رفقا بأهل الأموال .




                                                                                                        الخدمات العلمية