مسألة : قال الشافعي رضي الله عنه : " وتغتسل الحائض إذا طهرت والنفساء إذا ارتفع دمها " .
قال الماوردي : وقد مضى الكلام فيما يوجب الغسل مما يشترك فيه الرجال والنساء ، فأما الآخران اللذان يوجبان الغسل على النساء دون الرجال .
فأحدهما : انقطاع دم الحيض .
والثاني : انقطاع دم النفاس .
فأما وجوب فبقوله تعالى : الغسل من انقطاع دم الحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله [ البقرة : 222 ] . يعني بقوله : فإذا تطهرن : يعني : " اغتسلن " وقال النبي صلى الله عليه وسلم لفاطمة بنت أبي حبيش : ، فأما فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة ، وإذا أدبرت فاغتسلي وصلي فلما كان حكم دم الحيض في [ ص: 217 ] الصلاة والصيام وسائر الأحكام كان كدم الحيض ، في وجوب الغسل على أن وجوب الغسل منه إجماع فلو دم النفاس ففي وجوب الغسل عليها وجهان : ولدت الحامل ولدا لم تر معه دما
أحدهما : لا غسل عليها لعدم موجبه من الدم .
والوجه الثاني : عليها الغسل ، لأن الولد مخلوق من مائها . قال الله تعالى : فلينظر الإنسان مم خلق ، خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب [ الطارق : 5 ، 6 ، 7 ] . يعني أصلاب الرجال وترائب النساء ، وقال : من نطفة أمشاج نبتليه [ الإنسان : 2 ] . يعني اختلاطا ، فإذا ولدت والولد مخلوق من مائها فقد أنزلت والإنزال ، موجب للغسل ، فكذلك ولادتها موجبة للغسل .