الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                            معلومات الكتاب

                                                                                                                                            الحاوي الكبير في فقه مذهب الإمام الشافعي

                                                                                                                                            الماوردي - أبو الحسن علي بن محمد بن حبيب الماوردي

                                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                                            فصل : إذا أصابت نجاسة شعره أو بدنه

                                                                                                                                            فأما إذا بل خضابا بنجاسة من بول أو خمر وخضب به شعره أو بدنه ثم غسله وبقي لونه فذلك ضربان :

                                                                                                                                            أحدهما : أن يكون لون النجاسة باقيا ، فالمحل المخضوب نجس ، لا يطهر بالغسل حتى يزول اللون .

                                                                                                                                            والضرب الثاني : أن يكون لون الخضاب باقيا دون النجاسة ففي نجاسته وجهان :

                                                                                                                                            أحدهما : نجس ، لأن الخضاب قد صار نجسا فدل بقاء لونه على بقاء النجاسة .

                                                                                                                                            والوجه الثاني : أنه طاهر : لأن نجاسة الخضاب نجاسة مجاورة لا نجاسة عين ، وهذا لون الخضاب لا لون النجاسة ، واللون عرض لا تحله نجاسة ، فإن قلنا : بطهارته صلى ، ولم يعد وإن قلنا : بنجاسته ، فإن كان الخضاب على شعر كشعر اللحية لم يلزمه حلقه ، ومكث حتى ينصل لونه : لأن لون الشعر المخضوب ينصل لا محالة ، والمستحق في النجاسة تطهير المحل منها لإزالة المحل بها ، فإذا نصل الشعر أعاد ما صلاه ، وإن كان الخضاب على بدن فإن كان مما يزول كالحناء إذا اختضب به مكث حتى يزول فيطهر ، ثم يعيد ما صلى ، وإن كان مما لا يزول ، ولا ينصل كالوشم بالنيل فيصير خضرة مؤبدة ، نظر فإذا أمن التلف في إزالته وكشطه لزمه أن يزيله ويكشطه ، بخلاف الشعر : لأن ترك الشعر مفض إلى زوال النجاسة عنه ، [ وليس ذلك مفض إلى زوال النجاسة عنه ] ، وإن كان يخاف التلف من كشطه ، وإزالته ، فإن كان غيره الذي أكرهه على الخضاب به ، أقر على حاله وإن كان هو المختضب به ففي وجوب إزالته وجهان من الواصل بعظم نجس ، والله أعلم .

                                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                                            الخدمات العلمية