الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                          صفحة جزء
                                                          لهف

                                                          لهف : اللهف واللهف : الأسى والحزن والغيظ ، وقيل : الأسى على شيء يفوتك بعدما تشرف عليه ؛ وأما قوله أنشده الأخفش وابن الأعرابي وغيرهما :


                                                          فلست بمدرك ما فات مني بلهف ولا بليت ولا لو اني



                                                          فإنما أراد بأن أقول والهفا فحذف الألف . الجوهري : لهف ، بالكسر ، يلهف لهفا أي حزن وتحسر ، وكذلك التلهف على الشيء . وقولهم : يا لهف فلان كلمة يتحسر بها على ما فات ؛ ورجل لهف ولهيف ؛ قال ساعدة بن جؤية :


                                                          صب اللهيف لها السبوب بطغية     تنبي العقاب كما يلط المجنب



                                                          قال ابن سيده : يجوز أن يكون اللهيف فاعلا بصب ، وأن يكون خبر مبتدأ مضمر كأنه قال : صب السبوب بطغية ، فقيل : من هو ؟ قال : هو اللهيف ، ولو قال اللهيف فنصب على الترحم لكان حسنا ، قال : وهذا كما حكاه سيبويه من قولهم إنه المسكين أحق ؛ وكذلك رجل لهفان وامرأة لهفى من قوم ونساء لهافى ولهف . ويقال : فلان يلهف نفسه وأمه إذا قال : وانفساه واأمياه والهفتاه والهفتياه ، واللهفان : المتحسر . واللهفان واللاهف : المكروب . وفي الحديث : اتقوا دعوة اللهفان ؛ هو المكروب . وفي الحديث : كان يحب إغاثة اللهفان . ومن أمثالهم : إلى أمه يلهف اللهفان ؛ قال شمر : يلهف من لهف . وبأمه يستغيث اللهف ، يقال ذلك لمن اضطر فاستغاث بأهل ثقته . قال : ويقال لهف فلان أمه وأميه ، يريدون أبويه ؛ قال الجعدي :


                                                          أشكى ولهف أميه وقد لهفت     أماه والأم فيما تنحل الخبلا



                                                          يريد أباه وأمه . ويقال : لهف لهفا ، فهو لهفان ، ولهف ، فهو ملهوف أي حزين قد ذهب له مال أو فجع بحميم ، وقال الزفيان :


                                                          يا ابن أبي العاصي إليك لهفت     تشكو إليك سنة قد جلفت



                                                          لهفت أي استغاثت . ويقال : نادى لهفه إذا قال يا لهفي ، وقيل في قولهم يا لهفا عليه : أصله يا لهفي ، ثم جعلت ياء الإضافة ألفا كقولهم : يا ويلي عليه ويا ويلا عليه . وفي نوادر الأعراب : أنا لهيف القلب ولاهف وملهوف أي محترق القلب . واللهيف : المضطر . والملهوف : المظلوم ينادي ويستغيث . وفي الحديث : أجب الملهوف . وفي الحديث الآخر : تعين ذا الحاجة الملهوف ؛ واستعاره بعضهم للربع من الإبل فقال :


                                                          إذا دعاها الربع الملهوف     نوه منها الزجلات الحوف



                                                          كأن هذا الربع ظلم بأنه فطم قبل أوانه ، أو حيل بينه وبين أمه بأمر آخر غير الفطام . واللهوف : الطويل .

                                                          التالي السابق


                                                          الخدمات العلمية