الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
3- نمو الإرادة ونضجها

تنمو " الإرادة " عند الفرد حين يعرض عليه " المثل الأعلى " الذي يجد فيه الأدلة والشواهد التي تقنعه بصحة هـذا المثل الأعلى، وتمثيله لتطلعاته وآماله.

وتبلغ الإرادة درجة النضج، حين يصبح الفرد مستعدا لبذل النفس والمال في سبيل المثل الأعلى. ويشير القرآن الكريم إلى هـذه الحالة من الاستعداد في مواضع كثيرة جدا، كذلك تدل وقائع التربية النبوية، على أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان يشترطها، ويجعلها شارة الإيمان وصدقه.

والإنسان عنده ميل فطري إلى أن يضحى بنفسه وماله في سبيل المثل الأعلى، بل إن هـذه التضحية هـي أمر راسخ في فطرة الإنسان، وجزء من وجوده، وما تعظيم الشجاعة عند البشر، إلا تقدير لقيمة التضحية في سبيل [ ص: 107 ] المثل الأعلى ، ولذلك جعل الجهاد أفضل الأعمال.

والتربية الإسلامية لا تجيز هـذه التضحية في سبيل " مثل السوء " يحط بالنوع الإنساني، ويثقل بها ميزان الشر. ومن هـنا كان التنديد بالقتال في سبيل مثل الجاهلية، وميتات العصبية والانتحار. ومثله التنديد بالذين يفتقدون إرادة التضحية في سبيل المثل الأعلى، ويحرصون على أية حياة، ولو كانت حياة الهوان والاستضعاف.

ولكن نمو الإرادة ونضجها يحتاجان الى شروط معينة. وأي خلل في هـذه الشروط تنعكس آثاره سلبيا على الإرادة التي يراد تنميتها.. أما هـذه الشروط فهي:

أولا: أن تنمو لدى الفرد القدرات العقلية، وتزكو أساليب التفكير وخطواته، التي عرضت في تربية وظيفة العقل.

ثانيا: توفير البيئة التي تسهل للفرد أن يعيش تطبيقات المثل الأعلى ويمارسها.

ثالثا: الاستمرار في عرض المثل الأعلى على الفرد، حتى درجة الرسوخ والإحاطة بالكليات والجزئيات.

رابعا: اقتناع الفرد بحاجته الى المثل الأعلى المعروض، وبأضرار " مثل السوء " الذي يعارضه ويتنافى معه.

خامسا: تحرير الفرد من الموروثات الاجتماعية والثقافية التي تخالف المثل الأعلى المعروض.

التالي السابق


الخدمات العلمية