الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
معلومات الكتاب

في المنظور الحضاري (المنظمات الدولية رؤية تأصيلية)

الدكتور / سامي الخزندار

أولا: الأهداف والغايات:

بين المنظمات الدولية المعاصرة والرؤية الحضارية الإسلامية:

سنتناول هنا تحديد طبيعة أهداف وغايات المنظمات الدولية، مع الإشارة إلى مدى توافقها واشتراكها مع الرؤية الإسلامية. [ ص: 44 ]

المنظمات الدولية المعاصرة تدور أهدافها وغاياتها ومبررات وجودها المعلنة -بشكل عام- حول غايتين أساسيتين، هما: تحقيق "الأمن والسلم"، وتحقيق "التعاون" بين أعضائها في جميع أو بعض المجالات التي يتفق عليها بين الأعضاء [1] .

ولكن هذين الهدفين مفتوحا الضوابط؛ فهما يخضعان لتفسير أعضائها، ولا يعني براءتهما من سوء الاستخدام، أو خضوعهما لتفسير يخضع لمصالح بعض أعضاء المنظمات فقط، أو توجيههما نحو المصلحة الذاتية الأنانية التي تقوم على تمجيد الذات والهيمنة، أو تسخير الآخرين، بحيث يتحقق الأمن والسـلم والتعـاون لمجموعـة محدودة من الأعضاء أو لبعض الأعضاء المتنفذين، ممن يملكون عناصر القوة والهيمنة، ولا يفهم الأمن والسلم إلا بما تفسره هذه المجموعة، وما تراه وتقرره لها أو للأعضاء الأقوياء في بعض المنظمات الدولية.

ووفق المنظور الإسلامي، فإن تحقيق هدف "الأمن والسلم"، وتحقيق غاية "التعاون" بين أعضاء المجتمع الإنساني أو مجموعة من الدول، هو غاية ومبدأ يحكم الحراك الإسلامي في السياسة أو العلاقات الدولية، ولكنه مرتبط بإطار التعاون على "البر والتقوى"؛ أي الخيرية للصـالح [ ص: 45 ] الإنسـاني العـام، أو لصـالح مجمـوعة دول، بشرط عدم إلحاق ضرر أو إضرار بالآخرين، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( لا ضرر ولا ضرار )

[2] ؛ وكذلك عدم الإخلال بمنظومة القيم الإنسانية الأساسية عموما، ومنظومة القيم الإسلامية في العلاقات الدولية خصوصا، (مثل: المساواة، ووحدة الأصل الإنساني، العدالة، الوفاء بالعهود،... وغيرها).

من جـانب آخر، إن القول: بسمو هذه الأهداف أو الغايات في المنظمات الدولية لا ينفي ضـرورة النظر إلى طبيعة الممارسات ونتائجها، ومدى تطابقها مع هذه الأهداف، وهو ما يسميه علماء أصول الفقه الإسـلامي بـ "مآلات الأفعـال" [3] ، وكما يقول الإمـام الشاطـبي مما هـو معلوم أن "الـنظر في مآلات الأفعال معتبر مقصود شرعا، كانت الأفعال موافقة أو مخالفة" [4] . [ ص: 46 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية