الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                      صفحة جزء
                                                                      3751 حدثنا مسدد حدثنا يحيى عن شعبة حدثني أبو الجودي عن سعيد بن أبي المهاجر عن المقدام أبي كريمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل أضاف قوما فأصبح الضيف محروما فإن نصره حق على كل مسلم حتى يأخذ بقرى ليلة من زرعه وماله

                                                                      التالي السابق


                                                                      ( حدثني أبو الجودي ) بضم الجيم وسكون الواو مشهور بكنيته واسمه الحارث بن عمير ثقة ( أيما رجل ضاف قوما ) أي : نزل عليهم ضيفا . وفي بعض النسخ [ ص: 172 ] أضاف من باب الإفعال ( فأصبح ) أي : صار ( الضيف محروما ) الضيف مظهر أقيم مقام المضمر إشعارا بأن المسلم الذي ضاف قوما يستحق لذاته أن يقرى فمن منع حقه فقد ظلمه ، فحق لغيره من المسلمين نصره ، قاله الطيبي ( حتى يأخذ بقرى ليلة ) بكسر القاف أي : بقدر أن يصرف في ضيافته في ليلة في المصباح : قريت الضيف أقريه من باب رمى قرى بالكسر والقصر والاسم القراء بالفتح والمد ، انتهى .

                                                                      وفي مجمع البحار قرى بكسر القاف مقصورا ما يصنع للضيف من مأكول أو مشروب ، والقراء بالمد وفتح القاف طعام تضيفه به ، انتهى ( من زرعه وماله ) توحيد الضمير مع ذكر القوم باعتبار المنزل عليه أو المضيف وهو واحد ، قال الإمام الحافظ الخطابي : يشبه أن يكون هذا في المضطر الذي لا يجد ما يطعمه ويخاف التلف على نفسه من الجوع ، فإذا فعل ذلك فقد اختلف الناس فيما يلزم له ، فذهب بعضهم إلى أنه يؤدي إليه قيمته ، وهذا أشبه بمذهب الشافعي .

                                                                      وقال آخرون لا يلزمه له قيمة ، وذهب إلى هذا القول نفر من أصحاب الحديث ، واحتجوا بأن أبا بكر الصديق حلب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - لبنا من غنم لرجل من قريش له فيها عبد يرعاها وصاحبها غائب ، فشرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ، وذلك في مخرجه من مكة إلى المدينة ، واحتجوا أيضا بحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال : " من دخل حائطا فليأكل منه ولا يأخذ منه خبنة " .

                                                                      وعن الحسن أنه قال : " إذا مر الرجل بالإبل وهو عطشان صاح برب الإبل ثلاثا فإن أجاب وإلا حلب وشرب " .

                                                                      وقال زيد بن أسلم : " ذكروا الرجل يضطر إلى الميتة وإلى مال المسلم ، فقال : يأكل الميتة " وقال عبد الله بن دينار : " يأكل الرجل مال الرجل المسلم فقال سعيد ما أحب أن الميتة تحل إذا اضطر إليها ولا يحل له مال المسلم " ، انتهى كلامه . قال المنذري : ذكر البخاري أن سعيد بن المهاجر سمع المقدام ، انتهى .




                                                                      الخدمات العلمية