الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                2445 حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي وحدثنا عبد بن حميد كلاهما عن أبي نعيم قال عبد حدثنا أبو نعيم حدثنا عبد الواحد بن أيمن حدثني ابن أبي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة على عائشة وحفصة فخرجتا معه جميعا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان بالليل سار مع عائشة يتحدث معها فقالت حفصة لعائشة ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك فتنظرين وأنظر قالت بلى فركبت عائشة على بعير حفصة وركبت حفصة على بعير عائشة فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جمل عائشة وعليه حفصة فسلم ثم سار معها حتى نزلوا فافتقدته عائشة فغارت فلما نزلوا جعلت تجعل رجلها بين الإذخر وتقول يا رب سلط علي عقربا أو حية تلدغني رسولك ولا أستطيع أن أقول له شيئا [ ص: 578 ]

                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                [ ص: 578 ] قولها ( كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا خرج أقرع بين نسائه فطارت القرعة على عائشة وحفصة ) أي خرجت القرعة لهما . ففيه صحة الإقراع في القسم بين الزوجات ، وفي الأموال ، وفي العتق ، ونحو ذلك مما هو مقرر في كتب الفقه مما في معنى هذا ، وبإثبات القرعة في هذه الأشياء قال الشافعي وجماهير العلماء .

                                                                                                                وفيه أن من أراد سفرا ببعض نسائه أقرع بينهن كذلك ، وهذا الإقراع عندنا واجب في حق غير النبي صلى الله عليه وسلم ، وأما النبي صلى الله عليه وسلم ففي وجوب القسم في حقه خلاف قدمناه مرات ، فمن قال بوجوب القسم يجعل إقراعه واجبا ، ومن لم يوجبه يقول : إقراعه صلى الله عليه وسلم من حسن عشرته ومكارم أخلاقه .

                                                                                                                قولها : ( إن حفصة قالت لعائشة : ألا تركبين الليلة بعيري وأركب بعيرك ) قال القاضي : قال المهلب : هذا دليل على أن القسم لم يكن واجبا عليه صلى الله عليه وسلم ، فلهذا تحيلت حفصة على عائشة بما فعلت ، ولو كان واجبا لحرم ذلك على حفصة . وهذا الذي ادعاه ليس بلازم ، فإن القائل بأن القسم واجب عليه لا يمنع حديث الأخرى في غير وقت عماد القسم . قال أصحابنا : يجوز أن يدخل في غير وقت عماد القسم إلى غير صاحبة النوبة ، فيأخذ المتاع أو يضعه ، أو نحوه من الحاجات ، وله أن يقبلها ويلمسها من غير إطالة . وعماد القسم في حق المسافر هو وقت النزول ، فحالة السير ليست منه ، سواء كان ليلا أو نهارا .

                                                                                                                [ ص: 579 ] قولها : ( جعلت رجلها بين الإذخر وتقول إلى آخره ) هذا الذي فعلته وقالته حملها عليه فرط الغيرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد سبق أن أمر الغيرة معفو عنه .




                                                                                                                الخدمات العلمية