الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                                                                                                                              1703 [ ص: 255 ] 12 - باب : ما يقول إذا رجع من الحج أو العمرة أو الغزو

                                                                                                                                                                                                                              1797 - حدثنا عبد الله بن يوسف ، أخبرنا مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: " لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون، عابدون ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده". [2995، 3084، 4116، 6385 - مسلم: 1344 - فتح: 3 \ 618]

                                                                                                                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                              ذكر فيه حديث ابن عمر : أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف من الأرض ثلاث تكبيرات، ثم يقول: "لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون، عابدون ساجدون، لربنا حامدون، صدق الله وعده، ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده".

                                                                                                                                                                                                                              هذا الحديث أخرجه مسلم، وعنده: كان إذا قفل من الجيوش، أو السرايا أو الحج، أو العمرة إذا أوفى على ثنية أو فدفد كبر ثلاثا، ثم قال، الحديث، وفي رواية أنه كبر مرتين، وذكره البخاري في آواخر غزوة الخندق أيضا، وأخرج معناه من حديث أنس وجابر، [ ص: 256 ] وأخرجه الترمذي من حديث البراء وصححه.

                                                                                                                                                                                                                              ومعنى: قفل: رجع إلى بلده، ولا يسمى المتوجه من بلده قافلا بل صائبة، وقال في "النهاية": أكثر ما يستعمل في الرجوع، ويقال: قفول فيها الشرف العالي.

                                                                                                                                                                                                                              آيبون: يريد نفسه ومن معه من سفرهم، وقيل: لا يكون إلا الرجوع إلى أهله، حكاه في "المحكم": تائبون من كل منهي، عابدون له وحده، حامدون على ما تفضل من النصرة.

                                                                                                                                                                                                                              وقوله: ("وهزم الأحزاب وحده") يريد أنه تعالى وعده بإعزاز دينه، وإهلاك عدوه، وغلبة الأحزاب، فيحتمل إرادة الأحزاب، ويحتمل أن يريد به أحزاب الكفر في جميع الأيام والمواطن، ويحتمل أن يريد الدعاء كأنه قال: اللهم افعل ذلك وحدك، وخص استعمال هذا الذكر هنا; لأنه أفضل ما قاله النبيون قبله.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه من الفقه: استعمال حمد الله تعالى، والإقرار بنعمه، والخضوع له، والثناء عليه عند القدوم من الحج والجهاد على ما وهب من تمام المناسك، وما رزق من النصر على العدو، والرجوع إلى الموطن سالمين; وكذلك يجب إحداث الحمد لله والشكر له على ما يحدث على عباده من نعمه، فقد رضي من عباده بالإقرار له بالوحدانية، والخضوع له بالربوبية، والحمد والشكر عوضا عما وهبهم من نعمه [ ص: 257 ] تفضلا عليهم ورحمة لهم.

                                                                                                                                                                                                                              وفيه: بيان أن نهيه عن السجع في الدعاء أنه على غير التحريم; لوجود السجع في دعائه ودعاء أصحابه، فيحتمل أن يكون نهيه عن السجع متوجها إلى حين الدعاء خاصة؛ خشية أن يشتغل الداعي بطلب الألفاظ، وتعديل الأقسام عن إخلاص النية، وإفراغ القلب في الدعاء، والاجتهاد فيه، وسيأتي -إن شاء الله- مزيد بيان ذلك في باب ما يكره من السجع في الدعاء، إن شاء الله ذلك وقدره.




                                                                                                                                                                                                                              الخدمات العلمية