الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ( ولا يكبر الحاج ليلة الأضحى ) خلافا للقفال ( بل يلبي ) ; لأن التلبية شعاره والمعتمر يلبي إلى أن يشرع في الطواف ( ولا يسن ليلة الفطر عقب الصلوات في الأصح ) ; لأنه تكرر في زمنه صلى الله عليه وسلم ، ولم ينقل أنه كبر فيه عقب الصلاة ، وإن خالفالمصنف في أذكاره فسوى في التكبير بين الفطر والأضحى ، وهذا هو النوع الثاني المسمى بالتكبير المقيد بإدبار الصلاة ، ومقابل الأصح الاستحباب تسوية بين المطلق والمقيد بجامع الاستحباب وعليه عمل الناس فيكبر خلف المغرب والعشاء والصبح ( ويكبر الحاج من ظهر ) يوم ( النحر ) لقوله تعالى { فإذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله } والمناسك تنقضي يوم النحر ضحوة بالرمي ، فالظهر أول صلاة تأتي عليه بعد انتهاء وقت التلبية ( ويختم بصبح آخر ) أيام ( التشريق ) ; لأنها آخر صلاة يصليها بمنى ( وغيره كهو ) أي غير الحاج ( في الأظهر ) تبعا له ( وفي قول ) يكبر غير الحاج ( من مغرب ليلة النحر ) قياسا على التكبير ويختم أيضا بصبح آخر أيام التشريق ( وفي قول ) يكبر ( من صبح يوم عرفة ويختم بعصر آخر ) أيام ( التشريق ) للاتباع [ ص: 399 ] ( والعمل على هذا ) في الأعصار والأمصار ، وفيه إشارة لترجيحه لا سيما أنه صححه في مجموعه واختاره في تصحيحه .

                                                                                                                            وقال في الأذكار إنه الأصح وفي الروضة إنه الأظهر عند المحققين ، وما اقتضاه كلامه من انقطاع التكبير بعد صلاة العصر ليس بمراد ، وإنما مراده به انقضاء وقت العصر ، فقد قال الجويني في مختصره والغزالي في خلاصته إنه يكبر عقب فرض الصبح من يوم عرفة إلى آخر نهار الثالث عشر في أكمل الأقوال ، وهذه العبارة تفهم أنه يكبر إلى الغروب كما قلناه ، ويظهر التفاوت بين العبارتين في القضاء بعد فعل العصر وما يفعل من ذوات الأسباب ( والأظهر أنه ) أي الشخص ذكرا كان أم غيره حاضرا كان أم مسافرا منفردا أم غيره ( يكبر في هذه الأيام للفائتة والراتبة ) والمنذورة ( والنافلة ) تعميم بعد تخصيص المطلقة والمقيدة وذات السبب كتحية المسجد والجنازة ; لأنه شعار الوقت ، ولا يلحق بذلك سجود التلاوة والشكر كما استثناهما المحاملي وجرى عليه الشيخ في تحريره ومقابل الأظهر يكبر عقب الفرائض خاصة مؤداة كانت أم مقضية من هذه الأيام أم من غيرها ; لأن الفرائض محصورة فلا يشق طلب ذلك فيها كالأذان في أول الفرائض والأذكار في آخرها ، واحترز بقوله في هذه الأيام عما لو فاتته صلاة منها فقضاها في غيرها فلا يكبر كما في المجموع ، بل قال : إنه لا خلاف فيه ; لأن التكبير شعار الوقت كما مر ، ولو ترك التكبير عمدا ، أو سهوا عقب الصلاة تداركه وإن طال الفصل لأنه شعار الأيام لا تتمة للصلاة ، بخلاف سجود السهو .

                                                                                                                            وهذا كله في التكبير الذي يرفع به صوته ويجعله شعارا لليوم ، أما لو استغرق عمره بالتكبير في نفسه لم يمنع منه كما نقله في الروضة عن الإمام ، وأقره ولو اختلف رأي الإمام والمأموم في وقت ابتداء التكبير تبع اعتقاد نفسه .

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            حاشية الشبراملسي

                                                                                                                            ( قوله : ولا يسن ليلة الفطر عقب الصلوات ) أي من حيث الصلاة لا من حيث كونها ليلة العيد وعليه فيقدم أذكار الصلاة عليه كما تقدم عن حج ( قوله : المسمى بالتكبير المقيد ) أي وهو أفضل من المرسل مطلقا لشرفه بتبعيته للصلاة ( قوله : ويختم بصبح آخر أيام التشريق ) معتمد ( قوله : كهو ) ضعيف ( قوله : قياسا على التكبير ) أي المرسل ( قوله : يكبر من صبح يوم عرفة ) سكتوا عما لو أحرم بالحج في ميقاته الزماني [ ص: 399 ] وهو أول شوال فهل يلبي ; لأنها شعار الحاج أو يكبر ؟ فيه نظر ، والأقرب الأول لما ذكر من التعليل ( قوله : والعمل على هذا ) معتمد ( قوله : كما قلناه ) لكنها تفهم أنه لا يكبر بعد فجر عرفة وقبل فرض الصبح ، وقد نقل سم على منهج خلافه وعبارته الوجه وفاقا ل م ر أنه يدخل وقت التكبير بفجر يوم عرفة وإن لم يصل الصبح حتى لو صلى فائتة مثلا قبل الصبح كبر عقبها والله أعلم ، وأنه لا يخرج إلا بالغروب آخر أيام التشريق كالذبح ا هـ .

                                                                                                                            ( قوله : تعميم بعد تخصيص ) أي ذكر النافلة بعد الراتبة تعميم بعد إلخ ، وقوله المطلقة بدل من قول المصنف النافلة ( قوله تداركه ) أي فيما بقي إلى آخر أيام التشريق ( قوله : أما لو استغرق عمره بالتكبير ) أي ولو بالهيئة الآتية .



                                                                                                                            حاشية المغربي

                                                                                                                            [ ص: 397 ] فصل [ ص: 398 ] قوله : وإن خالف المصنف في أذكاره إلخ ) كان الأولى تأخيره عن حكاية مقابل الأصح ; لأنه عينه ، ثم يقول : واختاره في الأذكار أو نحو ذلك ( قوله : بجامع الاستحباب ) أي أصل الطلب في تلك الليلة لمطلق التكبير ، فالاستحباب هنا غير الاستحباب المذكور قبله إذ المراد به الاستحباب الخاص بأدبار الصلوات فاندفع ما قد يتوهم من لزوم الدور ( قوله : ويختم بصبح آخر التشريق ) أي من حيث كونه حاجا كما يؤخذ من العلة ، وإلا فمن [ ص: 399 ] المعلوم أنه بعد ذلك كغيره فيطلب منه التكبير المطلوب من كل أحد إلى آخر ما يأتي فتنبه ( قوله : والجنازة ) معطوف على قول المتن للفائتة .




                                                                                                                            الخدمات العلمية