الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
صفحة جزء
وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال: "أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطوا كل من رآه حكم الصحبة ".

وذكر أن اسم الصحابي - من حيث اللغة، والظاهر - يقع على من طالت صحبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكثرت مجالسته له على طريق التبع له والأخذ عنه ، قال: "وهذا طريق الأصوليين ".

[ ص: 876 ]

التالي السابق


[ ص: 876 ] 139 - قوله: (وبلغنا عن أبي المظفر السمعاني المروزي أنه قال: "أصحاب الحديث يطلقون اسم الصحابة على كل من روى عنه حديثا أو كلمة، ويتوسعون حتى يعدون من رآه رؤية من الصحابة، وهذا لشرف منزلة النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطوا كل من رآه حكم الصحبة ".

وذكر أن اسم الصحابي - من حيث اللغة والظاهر - يقع على من طالت صحبته للنبي - صلى الله عليه وسلم - وكثرت مجالسته له على طريق التبع له والأخذ عنه ، قال: "وهذا طريق الأصوليين ") انتهى.

وفيما قاله ابن السمعاني نظر من وجهين:

أحدهما: أن ما حكاه عن أهل اللغة قد نقل القاضي أبو بكر الباقلاني إجماع أهل اللغة على خلافه، كما نقله عنه الخطيب في (الكفاية) أنه قال: "لا خلاف بين أهل اللغة أن الصحابي مشتق من الصحبة، وأنه ليس بمشتق من قدر منها مخصوص، بل هو جار على كل من صحب غيره، قليلا كان أو كثيرا، [ ص: 877 ] يقال: صحبت فلانا حولا، ودهرا، وسنة، وشهرا، ويوما، وساعة" قال: "وذلك يوجب في حكم اللغة إجراءها على من صحب النبي صلى الله عليه وسلم ساعة من نهار. هذا هو الأصل في اشتقاق الاسم، ومع ذلك فقد تقرر للأئمة عرف في أنهم لا يستعملون هذه التسمية إلا فيمن كثرت صحبته، واستمر لقاؤه، ولا يجرون ذلك على من لقي المرء ساعة، ومشى معه خطا، وسمع منه حديثا، فوجب لذلك أن لا يجري هذا الاسم في عرف الاستعمال إلا على من هذه حاله" انتهى.

الوجه الثاني: أن ما حكاه عن الأصوليين هو قول بعض أئمتهم، والذي حكاه الآمدي عن أكثر أصحابنا أن الصحابي من رآه، وقال: "إنه الأشبه" واختاره ابن الحاجب، نعم الذي اختاره القاضي أبو بكر ونقله عن الأئمة أنه [ ص: 878 ] يعتبر في ذلك كثرة الصحبة، واستمرار اللقاء. وتقدم أن ابن عبد البر حكى عن العلماء نحو ذلك، وبه جزم ابن الصباغ في كتاب (العدة في أصول الفقه) فقال: "الصحابي هو الذي لقي النبي صلى الله عليه وسلم، وأقام عنده، واتبعه. فأما من وفد عليه، وانصرف عنه من غير مصاحبة ومتابعة - فلا ينصرف إليه هذا الاسم .




الخدمات العلمية