الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                                                                                                                      قالت يا ويلتى أألد وأنا عجوز وهذا بعلي شيخا إن هذا لشيء عجيب

                                                                                                                                                                                                                                      قالت استئناف ورد جوابا عن سؤال من سأل وقال: فما فعلت إذ بشرت بذلك؟ فقيل: "قالت": يا ويلتى أصل الويل الخزي، ثم شاع في كل أمر فظيع، والألف مبدلة من ياء الإضافة، كما في (يا لهفا) و(يا عجبا)، وقرأ الحسن على الأصل، وأمالها أبو عمرو، وعاصم في رواية، ومعناه: يا ويلتي احضري فهذا أوان حضورك، وقيل: هي ألف الندبة، ويوقف عليها بهاء السكت.

                                                                                                                                                                                                                                      أألد وأنا عجوز بنت تسعين، أو تسع وتسعين سنة وهذا الذي تشاهدونه بعلي أي: زوجي، وأصل البعل القائم بالأمر شيخا وكان ابن مائة وعشرين سنة، ونصبه على الحال، والعامل معنى الإشارة، وقرئ بالرفع على أنه خبر مبتدأ محذوف، أي: هو شيخ، أو خبر بعد خبر، أو هو الخبر وبعلي بدل من اسم الإشارة، أو بيان له، وكلتا الجملتين وقعت حالا من الضمير في "أألد" لتقرير ما فيه من الاستبعاد وتعليله، أي: أألد وكلانا على حالة منافية لذلك، وإنما قدمت بيان [ ص: 226 ] حالها على بيان حاله - عليه الصلاة والسلام - لأن مباينة حالها لما ذكر من الولادة أكثر، إذ ربما يولد للشيوخ من الشواب، أما العجائز داؤهن عقام؛ ولأن البشارة متوجهة إليها صريحا؛ ولأن العكس في البيان ربما يوهم من أول الأمر نسبة المانع من الولادة إلى جانب إبراهيم - عليه الصلاة والسلام - وفيه ما لا يخفي من المحذور، واقتصارها الاستبعاد على ولادتها من غير تعرض لحال النافلة؛ لأنها المستبعد، وأما ولادة ولدها فلا يتعلق بها استبعاد.

                                                                                                                                                                                                                                      إن هذا أي: ما ذكر من حصول الولد من هرمين مثلنا لشيء عجيب بالنسبة إلى سنة الله تعالى المسلوكة فيما بين عباده، وهذه الجملة لتعليل الاستبعاد بطريق الاستئناف التحقيقي، ومقصدها استعظام نعمة الله تعالى عليها في ضمن الاستعجاب العادي لا استبعاد ذلك بالنسبة إلى قدرته سبحانه وتعالى.

                                                                                                                                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                                                                                                                                      الخدمات العلمية