الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                              صفحة جزء
                                                                                                                              ثم ( و ) الأصح ( أن للولي ) الأب وغيره ( إلباسه ) كحلي الذهب وغيره ( الصبي ) ما لم يبلغ والمجنون إذ لا شهامة لهما تنافي تلك الخنوثة نعم لا خلاف في جواز ذلك يوم العيد ؛ لأنه يوم زينة ( قلت الأصح حل افتراشها ) إياه ( وبه قطع العراقيون وغيرهم والله أعلم ) لعموم الخبر الصحيح أنه حل لإناث أمته [ ص: 22 ] وأطلق بعضهم أن للرجل أن يعلو لابسته ؛ لأنه لا يعد استعمالا له وظاهره أنه لا فرق بين طول بقائه على ما علا عليه منها وعدمه ولو لغير حاجة وفيه ما فيه ( ويحل للرجل لبسه ) فضلا عن غيره من بقية أنواع الاستعمال ( للضرورة كحر وبرد مهلكين ) أو خشي منهما ضررا يبيح التيمم وألحق به جميع الألم الشديد ؛ لأنه أولى من نحو الجرب الآتي ( أو فجأة ) بضم ففتح والمد ، وبفتح فسكون وهي البغتة ( حرب ) جائز ( ولم يجد غيره ) ولا أمكنه طلب غيره يقوم مقامه للضرورة وصحح في الكفاية قول جمع يجوز القباء وغيره مما يصلح للقتال وإن وجد غيره إرهابا لهم كتحلية السيف وهذا غير الشاذ الذي مر أنه مخالف للإجماع ؛ لأن الظاهر أن ذلك يكتفي بمجرد الإغاظة وإن لم يكن إرهاب ولا صلاحية للقتال ( وللحاجة ) كستر العورة ولو في الخلوة و ( كجرب وحكة ) وقد آذاه لبس غيره أي تأذيا لا يحتمل عادة فيما يظهر ، ولم يحتج هنا لمبيح التيمم ؛ لأنه رخصة فسومح فيه أكثر ، وكذا إن لم يؤذه غيره [ ص: 23 ] لكنه يزيلها كما هو ظاهر كالتداوي بالنجاسة ، بل لو قيل إن تخفيفه لألمها كإزالتها لم يبعد وكون الحكة غير الجرب الذي أفاده العطف صحيح وقوله في مجموعه وغيره كالصحاح أنها هو يحمل على اتحاد أصل المادة دون صورتها وكيفيتها . .

                                                                                                                              التالي السابق


                                                                                                                              حاشية ابن قاسم

                                                                                                                              ( قوله في المتن : أو فجأة حرب ولم يجد غيره ) قال في التنبيه ويجوز للمحارب لبس الديباج الثخين الذي لا يقوم غيره مقامه في دفع السلاح ولبس المنسوج بالذهب إذا فاجأته الحرب ولم يجد غيره ا هـ ، قال ابن النقيب في شرحه قوله إذا فاجأته الحرب ولم يجد غيره شرط في المنسوج بالذهب وهل هو شرط في الديباج الثخين قيل نعم والأصح أنه لا يشترط فيه ذلك ويشترط فيه على الأصح أن لا يقوم غيره مقامه إلى آخر ما أطال به ا هـ ولعل الأوجه عدم اشتراط المفاجأة في المنسوج بالذهب أيضا ، بل الشرط أن لا يجد ما يقوم مقامه فيجوز لبسه حينئذ ، وإن تسبب في الخروج للحرب ولم تفاجئه وهو ظاهر ما نقله الشارح عن شرح المهذب كما في الحاشية الأخرى ، وقول الشارح ولا أمكنه طلب غيره يقوم مقامه الظاهر أن التقييد بالفجأة ليس بشرط بل إذا احتاج للخروج إلى القتال باختياره ولم يجد غيره جاز له لبسه ، وفي العباب لا إن كان لضرورة أو حاجة كفجأة قتال ، وإن وجد غيره خلافا للشيخين ، وكذا ما هو جنة فيه كديباج صفيق ، وإن لم تفاجئه الحرب ا هـ وبين الشارح في شرحه أن المعتمد ما قاله الشيخان ثم قال والأوجه أن من الحاجة أن يجد غيره كالدرع لكنه ضعيف عن حمله لنحو ضعفه أو ضعف مركوبه ، وقوله كديباج إلخ قال في شرحه لا يقي غيره وقايته في دفع السلاح وقوله : وإن لم تفاجئه قال في شرحه إن أراد به حله مع تيسر ما يقوم مقامه كان ماشيا فيه على الضعيف الذي مشى عليه أولا ، وإن أراد حله وقت الحرب ، وإن تسبب فيها إذا لم يجد غيره كان معتمدا ثم قال وكالدرع المنسوجة بذهب فإنها لا تحل في الحرب إلا إذا لم يجد ما يقوم مقامها اتفاقا كما قاله في المجموع ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله كستر العورة ) أي بأن فقد ساترا غيره أي يليق به فيما يظهر ، وقد يتوهم من التعبير هنا بالحاجة وفيما قبله بالضرورة أنه لا يشترط هنا فقد غيره وهو خطأ وإلا لزم جواز لبسه مطلقا وذلك مبطل للحكم بتحريمه ( قوله كستر العورة ولو في الخلوة ) في شرح العباب وأفتى أبو شكيل بأنه لو احتاج إليه لنحو التعميم ولم يجد غيره [ ص: 23 ] واحتاج للتعميم به مثلا عند الخروج لنحو جماعة أو شراء ولو خرج بدونه سقطت مروءته جاز له الخروج به للحاجة إليه حينئذ ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لكنه يزيلها ) لعل مرجع الضمير في يزيلها للضرورة ( قوله : بل لو قيل إلخ ) هو الوجه وينبغي أن المراد تخفيف له وقع .



                                                                                                                              حاشية الشرواني

                                                                                                                              ( وقوله ثم ) أي في كيس الدراهم سم قول المتن ( وأن للولي إلخ ) أي ممن له ولاية التأديب فيشمل الأم والأخ الكبير مثلا فيجوز لهما إلباسه الحرير فيما يظهر ع ش ( قوله : الأب ) إلى قول المتن قلت في النهاية والمغني قول المتن ( إلباسه الصبي ) اعتمد م ر أن ما يجوز للمرأة يجوز للصبي والمجنون فيجوز إلباس كل منهما نعلا من ذهب حيث لا إسراف عادة سم على المنهج ا هـ ع ش وشيخنا ( قوله : كحلي الذهب إلخ ) المراد بالحلي ما يتزين به وليس منه جعل الخنجر المعروف والسكين المعروفة فيحرم على الولي إلباس الصبي ذلك ؛ لأنه ليس من الحلي ، وأما الحياصة المعروفة فينبغي حل إلباسها له ؛ لأنها مما يتزين به النساء ومما يدل على جوازها للنساء قوله م ر السابق والخيط الذي يعقد عليه المنطقة وهو التي يسمونها الحياصة ع ش ( قوله : والمجنون ) وترك إلباسهما ما ذكر أي من الحرير والحلي ولو يوم عيد أولى كما قاله الشيخ عز الدين في الصبي وقال لا فرق بين الذكر والأنثى وفي الحلبي أن إلباس الصبي والصبية الحرير مكروه بجيرمي وفي قوله والصبية وقفة فليراجع قول المتن ( حل افتراشها ) أي كلبسه سواء في ذلك الخلية وغيرها نهاية ومغني عبارة شيخنا أي وسائر أوجه الاستعمال كالتدثر به والجلوس تحته ونحو ذلك ، ومحل حل افتراشهن له ما لم يكن مزركشا بذهب أو فضة ا هـ وعبارة ع ش خرج بافتراشها استعمالها له في غير اللبس والفرش فلا يحل [ ص: 22 ] وأما ما جرت به عادة النساء من اتخاذ غطاء الحرير لعمامة زوجها أو تغطي به شيئا من أمتعتها المسمى الآن بالبقجة فالأقرب الجواز فيها ا هـ وقوله خرج إلى قوله ، وأما إلخ محل تأمل .

                                                                                                                              ( قوله : وأطلق بعضهم إلخ ) وافقه شيخنا عبارته ويحرم على الرجل النوم في ناموسية الحرير ولو مع المرأة وكذلك دخوله في الثوب الحرير الذي تلبسه بخلاف ما إذا علا عليها من غير دخول فلا يحرم ا هـ ولعل ما بحثه الشارح من التقييد بالحاجة أوجه ( قوله : فضلا ) إلى قوله أي تأذيا في النهاية والمغني إلا قوله وألحق به إلى المتن وقوله وهذا إلى المتن ( قوله : وألحق به جمع إلخ ) إن كان مرادهم ما يحصل به مشقة لا تحتمل عادة فهو وجيه لا معدل عنه لمسألة القمل الآتية بصري أقول وصف الألم بالشديد كالصريح في إرادة ذلك ( قوله أو فجأة حرب إلخ ) الظاهر أن التقييد بالفجأة ليس بشرط بل إذا احتاج إلى القتال باختياره ولم يجد غيره جاز له لبسه سم ويأتي عن النهاية والمغني ما يفيده ( قوله : يقوم إلخ ) تنازع فيه الغيران .

                                                                                                                              ( قوله وصحح في الكفاية قول جمع يجوز إلخ ) والأوجه عدم الجواز كما هو ظاهر كلام الأصحاب مغني ونهاية ( قوله : يجوز القباء إلخ ) أي من الحرير .

                                                                                                                              ( قوله : وإن وجد غيره ) أي غير الحرير ( قوله : الذي مر ) أي في شرح وغيره . قول المتن ( وللحاجة ) والأوجه أن من الحاجة أن يجد غيره لكنه ضعيف عن حمله لنحو ضعفه أو ضعف مركوبه شرح العباب ا هـ سم ( قوله : كستر العورة إلخ ) أي إذا لم يجد غير الحرير وكذا ستر ما زاد عليها عند الخروج للناس نهاية ومغني عبارة سم أي بأن فقد ساترا غيره أي يليق به فيما يظهر قال في شرح العباب وأفتى أبو شكيل بأنه لو احتاج إليه لنحو التعميم عند الخروج لنحو جماعة أو شراء ولم يجد غيره ولو خرج بدونه سقطت مروءته جاز له الخروج به للحاجة إليه انتهى ا هـ زاد ع ش ، فإن خرج متزرا مقتصرا على ذلك نظر ، فإن قصد بذلك الاقتداء بالسلف وترك الالتفات إلى ما يزري بالمنصب لم تسقط بذلك مروءته بل يكون فاعلا للأفضل ، وإن لم يقصد ذلك بل فعل ذلك انخلاعا وتهاونا بالمروءة سقطت مروءته كذا في الناشري بأبسط من هذا سم على المنهج ومن ذلك يؤخذ أن لبس الفقيه القادر على التجمل بالثياب التي جرت بها عادة أمثاله ثيابا دونها في الصفة والهيئة إن كان لهضم النفس والاقتداء بالسلف الصالحين لم يخل بمروءته ، وإن كان لغير ذلك أخل بها ومنه ما لو ترك ذلك معللا بأن [ ص: 23 ] معروف وأنه لا يزيد مقامه عند الناس باللبس ولا ينقص بعدمه ، وإنما كان هذا مخلا لمنافاته منصب الفقهاء فكأنه استهزاء بنفس الفقه ا هـ .

                                                                                                                              ( قوله : لكنه يزيلها ) لعل مرجع الضمير في يزيلها للضرورة سم أي العلة الشاملة لكل من الجرب والحكة ( قوله : بل لو قيل إلخ ) هو الوجه وينبغي أن المراد تخفيف له وقع سم ( قوله : وكون الحكة غير الجرب إلخ ) أي والحكة بكسر الحاء الجرب اليابس نهاية ومغني فيكون الجرب أعم كردي ولا يخفى أنه لا يدفع الإشكال ( قوله : دون صورتها إلخ ) أي صورة مادة الحكة والجرب ويحتمل صورة الحكة مع صورة الجرب .




                                                                                                                              الخدمات العلمية