الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      سعيد بن عبد العزيز : عن إسماعيل بن عبيد الله ، عن قيس بن الحارث ، عن الصنابحي ، عن أبي الدرداء ، قال : ما رأيت أشبه صلاة برسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أميركم هذا ، يعني معاوية .

                                                                                      وكيع : عن الأعمش ، عن أبي صالح قال : كان الحادي يحدو بعثمان : [ ص: 136 ]

                                                                                      إن الأمير بعده علي وفي الزبير خلف رضي



                                                                                      فقال كعب : بل هو صاحب البغلة الشهباء ، يعني : معاوية . فبلغ ذلك معاوية ، فأتاه فقال : يا أبا إسحاق تقول هذا وهاهنا علي والزبير وأصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ! قال : أنت صاحبها .

                                                                                      قال الواقدي : لما قتل عثمان ، بعثت نائلة بنت الفرافصة امرأته إلى معاوية كتابا بما جرى ، وبعثت بقميصه بالدم ، فقرأ معاوية الكتاب ، وطيف بالقميص في أجناد الشام ، وحرضهم على الطلب بدمه . فقال ابن عباس لعلي : اكتب إلى معاوية ، فأقره على الشام ، وأطمعه يكفك نفسه وناحيته . فإذا بايع لك الناس ، أقررته أو عزلته . قال : إنه لا يرضى حتى أعطيه عهد الله وميثاقه أن لا أعزله . وبلغ معاوية فقال : والله لا ألي له شيئا ، ولا أبايعه . وأظهر بالشام أن الزبير قادم عليكم ونبايعه . فلما بلغه مقتله ، ترحم عليه ، وبعث علي جريرا إلى معاوية ، فكلمه وعظم عليا ، فأبى أن يبايع ، فرد جرير ، وأجمع على المسير إلى صفين ، فبعث معاوية أبا مسلم الخولاني إلى علي بأشياء يطلبها منه ، وأن يدفع إليه قتلة عثمان ، فأبى ، ورجع أبو مسلم ، وجرت بينهما رسائل ، وقصد كل منهما الآخر ، فالتقوا لسبع بقين من المحرم سنة سبع .

                                                                                      وفي أول صفر شبت الحرب ، وقتل خلق ، وضجروا ، فرفع أهل الشام المصاحف ، وقالوا : ندعوكم إلى كتاب الله والحكم بما فيه ، وكان [ ص: 137 ] ذلك مكيدة من عمرو بن العاص ، فاصطلحوا وكتبوا بينهم كتابا على أن يوافوا أذرح . ويحكموا حكمين .

                                                                                      قال : فلم يقع اتفاق . ورجع علي إلى الكوفة بالدغل من أصحابه والاختلاف . فخرج منهم الخوارج ، وأنكروا تحكيمه ، وقالوا : لا حكم إلا لله . ورجع معاوية بالألفة والاجتماع . وبايعه أهل الشام بالخلافة في ذي القعدة سنة ثمان وثلاثين . فكان يبعث الغارات ، فيقتلون من كان في طاعة علي ، أو من أعان على قتل عثمان . وبعث بسر بن أبي أرطاة إلى الحجاز واليمن يستعرض الناس ، فقتل باليمن عبد الرحمن وقثما ولدي عبيد الله بن عباس ، ثم استشهد علي في رمضان سنة أربعين .

                                                                                      وصالح الحسن بن علي معاوية ، وبايعه ، وسمي عام الجماعة فاستعمل معاوية على الكوفة المغيرة بن شعبة ، وعلى البصرة عبد الله بن عامر بن كريز ، وعلى المدينة أخاه عتبة ثم مروان ، وعلى مصر عمرو بن العاص ، وحج بالناس سنة خمسين . وكان على قضائه بالشام فضالة بن عبيد .

                                                                                      ثم اعتمر سنة ست وخمسين في رجب ، وكان بينه وبين الحسين ، وابن عمر ، وابن الزبير ، وابن أبي بكر ، كلام في بيعة العهد ليزيد ، ثم قال : إني متكلم بكلام فلا تردوا علي أقتلكم ، فخطب ، وأظهر أنهم قد [ ص: 138 ] بايعوا ، وسكتوا ولم ينكروا ورحل على هذا . وادعى زيادا أنه أخوه فولاه الكوفة بعد المغيرة ، فكتب إليه في حجر بن عدي وأصحابه ، وحملهم إليه ، فقتلهم بمرج عذراء . ثم ضم الكوفة والبصرة إلى زياد ، فمات ، فولاهما ابنه عبيد الله بن زياد . [ ص: 139 ] عن عبد المجيد بن سهيل ، عن عبيد الله بن عبد الله ، عن ابن عباس ، قال : استعملني عثمان على الحج ، ثم قدمت وقد بويع لعلي ، فقال لي : سر إلى الشام ، فقد وليتكها . قلت : ما هذا برأي ، معاوية أموي ، وهو ابن عم عثمان وعامله على الشام ، ولست آمن أن يضرب عنقي بعثمان ، أو أدنى ما هو صانع أن يحبسني ، قال علي : ولم ؟ قلت : لقرابة ما بيني وبينك ، وأن كل من حمل عليك حمل علي . ولكن اكتب إليه ، فمنه وعده ، فأبى علي ، وقال : لا والله لا كان هذا أبدا .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية