الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                      صفحة جزء
                                                                                      قال : ولم يفلت من أهل بيت الحسين سوى ولده علي الأصغر ، فالحسينية من ذريته ، كان مريضا . وحسن بن حسن بن علي وله ذرية ، وأخوه عمرو ، ولا عقب له ، والقاسم بن عبد الله بن جعفر ، ومحمد بن عقيل ، فقدم بهم وبزينب وفاطمة بنتي علي ، وفاطمة وسكينة بنتي الحسين ، وزوجته الرباب الكلبية والدة سكينة ، وأم محمد بنت الحسن بن علي ، وعبيد وإماء لهم .

                                                                                      قال : وأخذ ثقل الحسين ، وأخذ رجل حلي فاطمة بنت الحسين ، وبكى ؛ فقالت : لم تبكي ؟ فقال : أأسلب بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولا أبكي ؟ قالت : فدعه ، قال : أخاف أن يأخذه غيري .

                                                                                      وأقبل عمر بن سعد ، فقال : ما رجع رجل إلى أهله بشر مما رجعت به ، أطعت ابن زياد ، وعصيت الله ، وقطعت الرحم . وورد البشير على يزيد ؛ فلما أخبره ، دمعت عيناه ، وقال : كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين . وقالت سكينة : يا يزيد ؛ أبنات رسول الله سبايا ؟ قال : يا بنت أخي هو والله علي أشد منه عليك ، أقسمت ولو أن بين ابن زياد وبين حسين قرابة ما أقدم عليه ، ولكن فرقت بينه وبينه سمية ، فرحم الله حسينا ، عجل عليه ابن زياد ، أما والله لو كنت صاحبه ، ثم لم أقدر على دفع القتل عنه إلا بنقص بعض عمري ، لأحببت أن أدفعه عنه ، ولوددت أن أتيت به سلما .

                                                                                      ثم أقبل على علي بن الحسين ، فقال : أبوك قطع رحمي ، ونازعني سلطاني . فقام رجل ، فقال : إن سباءهم لنا حلال . قال علي : كذبت إلا أن تخرج من ملتنا . فأطرق يزيد ، وأمر بالنساء ، فأدخلن على نسائه ، وأمر [ ص: 304 ] نساء آل أبي سفيان ، فأقمن المأتم على الحسين ثلاثة أيام ، إلى أن قال : وبكت أم كلثوم بنت عبد الله بن عامر ، فقال يزيد وهو زوجها : حق لها أن تعول على كبير قريش وسيدها .

                                                                                      جرير بن حازم ، عن الزبير بن الخريت ، سمع الفرزدق يقول : لقيت الحسين بذات عرق ، فقال : ما ترى أهل الكوفة صانعين معي ؟ فإن معي حملا من كتبهم ؛ قلت : يخذلونك ، فلا تذهب .

                                                                                      وكتب يزيد إلى ابن عباس يذكر له خروج الحسين ، ويقول : نحسب أنه جاءه رجال من المشرق ، فمنوه الخلافة ، وعندك منهم خبره ، فإن فعل ، فقد قطع القرابة والرحم ، وأنت كبير أهل بيتك والمنظور إليه ، فاكففه عن السعي في الفرقة .

                                                                                      فكتب إليه ابن عباس : إني لأرجو أن لا يكون خروجه لأمر تكره ، ولست أدع النصيحة له .

                                                                                      وبعث حسين إلى المدينة ، فلحق به من خف من بني عبد المطلب ؛ وهم تسعة عشر رجلا ، ونساء ، وصبيان ، وتبعهم أخوه محمد ، فأدركه بمكة وأعلمه أن الخروج يومه هذا ليس برأي ، فأبى ، فمنع محمد ولده ، فوجد عليه الحسين ، وقال : ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه! .

                                                                                      وبعث أهل العراق رسلا وكتبا إليه ، فسار في آله ، وفي ستين شيخا من أهل الكوفة في عشر ذي الحجة .

                                                                                      فكتب مروان إلى عبيد الله بن زياد بن أبيه : أما بعد : فإن الحسين قد توجه إليك ، وتالله ما أحد يسلمه الله أحب إلينا من الحسين ، فإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء . ‎ [ ص: 305 ]

                                                                                      وكتب إليه عمرو بن سعيد الأشدق : أما بعد ؛ فقد توجه إليك الحسين ، وفي مثلها تعتق أو تسترق .

                                                                                      الزبير : حدثنا محمد بن الضحاك ، عن أبيه قال : خرج الحسين ، فكتب يزيد إلى ابن زياد نائبه إن حسينا صائر إلى الكوفة ، وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان ، وبلدك من بين البلدان ، وأنت من بين العمال ، وعندها تعتق ، أو تعود عبدا . فقتله ابن زياد ، وبعث برأسه إليه .

                                                                                      ابن عيينة : حدثني أعرابي يقال له : بجير من أهل الثعلبية له مائة وست عشرة سنة . قال : مر الحسين وأنا غلام ، وكان في قلة من الناس ، فقال له أخي : يا ابن بنت رسول الله ! أراك في قلة من الناس ، فقال بالسوط - وأشار إلى حقيبة الرحل - : هذه خلفي مملوءة كتبا .

                                                                                      ابن عيينة : حدثنا شهاب بن خراش ، عن رجل من قومه قال : كنت في الجيش الذين جهزهم عبيد الله بن زياد إلى الحسين ، وكانوا أربعة آلاف يريدون الديلم ، فصرفهم عبيد الله إلى الحسين ، فلقيته ، فقلت : السلام عليك يا أبا عبد الله ، قال : وعليك السلام . وكانت فيه غنة .

                                                                                      قال شهاب : فحدثت به زيد بن علي ، فأعجبه ؛ وكانت فيه غنة .

                                                                                      التالي السابق


                                                                                      الخدمات العلمية