الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

تحادثني وتحكي لي مشاكلها مع زوجها، هل أستمر معها؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا أعمل في إحدى المحلات التجارية، ومرة من المرات دخلت علي امرأة وحكت لي مشكلة لها، وتواصلنا هاتفياً بعد ذلك، وأنا أقول لها ما هو الصح وما هو الغلط، وارتاحت معي في الكلام، وحكت لي عن زوجها المسافر، وأنه لا يرسل لها مالاً، وأن الحياة صعبة، ومعها بنتان، وهكذا استمرت في الكلام.

أشهدُ أنها امرأة شريفة لا تقصد ولا تفكر في شيء ممّا هو محرم، لكن هي ارتاحت معي في الكلام وتحكي ما يحصل لها، وحاليًا ومن وقتها نحن نتواصل عن طريق الواتس كل فترة وفترة، وتحكي لي ما حصل من زوجها الذي أصبح يرسل لها بالمال لكن بعملة البلد، وكان من قبل يرسل بالدولار، وتشتكي بأن الحياه صعبة، ولا تعرف كيف تعمل وتدبر أمرها، وأنا كالعادة أصبرها وأقول لها: (اصبري ولك أجر عند ربنا)، وأقول لها: (انظري إلى غيرك من الناس بعضهم يجلس في الشارع مع عياله، وأنتِ لك بيت ومعك عيالك، زوجك على الأقل هو يرسل لك المال، وهذا أحسن من ألَّا يرسل لك أي شيء) وأقول أيضًا: (احمدي ربنا، وعليك بالدعاء، وإن شاء الله يصير خير).

كل مرة أكرر عليها وأقول لها هذا، وهي تراني كأخ صغير لها، فهل هذا حرام؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ وائل حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

أهلًا بك - أخي الكريم - في موقعك إسلام ويب، ونسأل الله الكريم أن يحفظك، وأن يصرف عنك كل أذى، وأن يقيك شر كل ذي شر، إنه جواد كريم، وبعد:

أولًا: من حيث الأصل فلا يجوز لهذه المرأة شرعًا الحديث عن زوجها لشخص غريب وأجنبي عنها، وليس لها أن تتحدث عن أسرار البيت، وليس لها أن تتواصل مع من لا يجوز لها التواصل معه، وبالطبع كل هذا حرام ويقود إلى الحرام، والعياذ بالله.

ثانيًا: أنت شاب في بداية عمرك، والشيطان -أخي الكريم- لا يسلم منه أحدٌ إلَّا مَن رحم الله، وله خطوات بعضها يتبع بعضًا، وقد استدرجك حتى تحدثتَ معها في الهاتف وعبر الرسائل، وسؤالنا لك:
- هل لو علم زوجها بذلك سيكون مسروًا؟
- هل تستطيع أن تخبر زوجها أنها تتواصل مع غريب وتحدثه عن المشاكل؟
- هل ترضى أنت لإحدى قريباتك أن تتواصل مع غريب، وتحكى له عن مشاكلها في البيت؟

أخي الكريم: قال رسولنا (ﷺ): «الْإِثْمُ ‌مَا ‌حَاكَ ‌فِي صَدْرِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عَلَيْهِ النَّاسُ»، وقال (ﷺ): «إِنَّ الْحَلَالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ لَا يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ ‌وَقَعَ ‌فِي ‌الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلَا وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلَا وَإِنَّ حِمَى اللهِ مَحَارِمُهُ، أَلَا وَإِنَّ فِي الْجَسَدِ مُضْغَةً، إِذَا صَلَحَتْ صَلَحَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، وَإِذَا فَسَدَتْ فَسَدَ الْجَسَدُ كُلُّهُ، أَلَا وَهِيَ الْقَلْبُ».

فلا يضحك عليك الشيطان -أخي الكريم- بإيهامك أن الحديث بينك وبين تلك المرأة لم يخرج عن إطار الاحترام، هكذا هو مدخل الشيطان، وهكذا هي خطوات الشيطان، {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} [النور: 21]. فهذا كذب ووهم، والحديث بينكما في الأصل محرم، والتواصل محرم، وإن استمررت على ذلك فسيقودك الشيطان إلى ما ستندم عليه العمر كله، وستقع فيما يغضب ربك منك، فاحذر واتق الله قبل الندم، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النور: 63].

ثالثًا: ننصحك أخي بما يلي:
1- التوقف فورًا عن التواصل، مع تغيير رقم هاتفك إن تطلب الأمر.
2- إن قَدِمت إليك المرأة وسألتك قل لها: لا يجوز التواصل بيننا، وهذا أمر محرم، وابحثي عن أحد أقاربك، فهو أولى بذلك.
3- التوبة إلى الله مما حدث معها من تواصل، والعزم على عدم العودة، وكثرة الاستغفار لله تعالى.
4- إن كنت قادرًا على الزواح فبادر، وإن لم تكن قادرًا فاستعن بالله، وأكثر من الصيام، ومارس الرياضة، وأكثر من الصحبة الصالحة، وابتعد عن الفراغ؛ فإنه حديقة الشيطان لإغواء ابن آدم.

وأخيرًا: لا تسمح لعاطفتك أو للشيطان أن يهون عليك تواصلك معها، فإنه باب شر قد وقع فيه كثير من الشباب الصالح، وللأسف حدث الندم بعد الوقوع في المحظور، ولا ينفع الندم بعد الفوات، ولا تكن ممّن قال فيهم النبي (ﷺ): «لَيْسَ مِنَّا مَنْ ‌خَبَّبَ ‌امْرَأَةً عَلَى زَوْجِهَا».

نسأل الله أن يحفظك، وأن يبارك فيك، وأن يصرف عنك شر كل ذي شر، والله الموفق.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً