الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط

دعوات أمي عليّ عسرت حياتي وأوقفتها، فماذا أفعل؟

السؤال

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أنا شاب عمري 29 سنة، تعرضت لموقفٍ في صغري غيّر حياتي كلها، لا أستطيع تجاوزه إلى اليوم، أنا الأصغر بين إخوتي، وأقوم بأعمال المنزل لمساعدة والديَ، أمي مدرسة وملتزمة -الحمد لله-، لكنها شديدة الغضب، ونعيش في منزل مليئ بالخلافات بين أمي وأبي، علمًا أن جدتي -أم أمي- توفيت بسبب الغضب.

والدتي طلبت مني في أحد الأيام القيام بجمع الملابس الجافة من سطح المنزل، ولكني نسيت، وعندما عادت من المدرسة اشتكتني أختي عندها بسبب مشكلة بسيطة، فغضبت أمي ووقفت تدعو عليّ بعدم البركة في صحتي، وكل مال آخذه منها، وبعد أسبوع ذهبت للطبيب، وأخبرني بأني في حاجة لعملية ضرورية، وبالفعل أجريتها، وبعد ذلك فقدت نسبة كبيرة من مناعتي، وأصبحت مريضًا بشكل دائم، ثم تبين أن الطبيب كتب لي دواء خاطئاً لمدة طويلة!

لا توجد بركة في صحتي، ودائمًا أتناول الأدوية، وأتعرض للأمراض الموسمية، تملكني الحزن، وعشت أسوأ أيام حياتي لمدة 3 سنوات، تدمرت نفسيتي، وتركت جامعتي، وأمشي في الشارع وقت الظهيرة، وأرى الدنيا سوداء لا نور فيها!

تملكتني الكوابيس، والوساوس والهلاوس، وبفضل الله بعد 3 سنوات خف المرض، لكنه ما زال موجودًا إلى اليوم، وصحتي غير جيدة، ودائمًا أحرص على رضا والديَّ عني، وأطلب منهما الدعاء لي، ولكني ما زلت أعاني، أخرجت الصدقات ولكن بلا جدوى!

ما هو الحل -يا شيخ-، فأنا عجزت، وتعسرت حياتي؟

الإجابــة

بسم الله الرحمن الرحيم
الأخ الفاضل/ Ayman حفظه الله.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وبعد:

مرحبًا بك -أخانا الفاضل- في الموقع، ونشكر لك الاهتمام وحسن العرض للسؤال، ونسأل الله أن يكتب لك تمام العافية، وكمال الأجر، وأن يرزقك بر والديك، وأن يلهمك السداد والرشاد، وأن يمتعك بعفوه والعافية.

وأرجو أن تحرص أيضًا على بر الوالدين، ونتمنى من الوالدة أن تكثر من الدعاء لك، فإن دعاءها أقرب للإجابة، وكم تمنينا لو أن كل أم تنتبه وتحذر من أن تقع في الدعاء على أبنائها أو بناتها، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "لا تدعوا على أنفسكم ولا على أولادكم ولا على أموالكم"؛ لأن الدعاء قد يصادف لحظة يُعطى فيها العطاء فتحصل الندامة.

ولكننا لا نريد أيضًا أن تقف طويلًا أمام هذا الذي حدث، إذا ذكّرك الشيطان بما مضى فأقبل على الله تبارك وتعالى، ولا تقف طويلًا، لا تقل لو كان كذا لكان كذا، ولكن قدّر الله وما شاء فعل، واعلم أن الوالدة التي دعت عليك وهي غاضبة تستطيع أن تدعو لك وهي راضية، وتكثر لك من الدعاء.

واتخذ الأسباب الموصلة إلى رضوان الله تبارك وتعالى، وإذا مرضت فاحتسب الأجر؛ لأن فيه كفارات الذنوب، واحرص دائمًا على أن تفكر بطريقة إيجابية، ولا تجعل التمارض سببًا لحزنك في هذه الحياة؛ لأن الإنسان إذا اعتقد مثل هذا الاعتقاد، وأنه مريض، وأن هذا المرض له علاقة بما حصل؛ فإن هذا في حد ذاته يطيل لحظات وساعات الألم والحسرة، وهذا ما يُفرح عدونا الشيطان، الذي همه أن يحزن أهل الإيمان.

والمؤمن عليه أن يتخذ الأسباب، ثم يتوكل على الكريم الوهاب، والمرض قدر من أقدار الله تبارك وتعالى، والفقيه هو الذي يردُّ أقدار الله بأقدار الله، فنحن نرد المرض بالدعاء والدواء، فاحرص على الخير، وافعل الطاعات، واحرص على ارضاء الوالدين، ونسأل الله أن يكتب لك تمام العافية.

ونذكرك بأن الإنسان إذا صبر على مرضه فإنه يرتفع، والصبر أيضًا يوصل إلى جنة الله، كما أن الشكر يوصل إلى رضوان الله تبارك وتعالى، ونسأل الله أن يجعلنا وإياك ممن إذا أعطوا شكروا، وإذا ابتلوا صبروا، وإذا أذنبوا استغفروا.

ونسأله تبارك وتعالى أن يهدي كل والد ووالدة؛ حتى يتجنبوا الدعاء على أبنائهم، ويكثروا الدعاء لهم، ونسأل الله أن يرزقنا بر آباءنا وأمهاتنا في حياتهم، وبعد الممات.

مشاركة المحتوى

مواد ذات صلة

الاستشارات

الصوتيات

تعليقات الزوار

أضف تعليقك

لا توجد تعليقات حتى الآن

بحث عن استشارة

يمكنك البحث عن الاستشارة من خلال العديد من الاقتراحات



 
 
 

الأعلى تقيماً