ثم قال : وهو
nindex.php?page=treesubj&link=29554على ثلاث درجات ،
nindex.php?page=treesubj&link=29554الدرجة الأولى : قلق يضيق الخلق ، ويبغض الخلق . ويلذذ الموت .
يعني : يضيق خلق صاحبه عن احتمال الأغيار . فلا يبقي فيه اتساعا لحملهم ، فضلا عن تقييدهم له ، وتعوقه بأنفاسهم .
و " يبغض الخلق " يعني : لا شيء أبغض إلى صاحبه من اجتماعه بالخلق . لما
[ ص: 61 ] في ذلك من التنافر بين حاله وبين خلطتهم .
وحدثني بعض أقارب شيخ الإسلام
ابن تيمية - رحمه الله - قال : كان في بداية أمره يخرج أحيانا إلى الصحراء يخلو عن الناس ، لقوة ما يرد عليه . فتبعته يوما فلما أصحر تنفس الصعداء . ثم جعل يتمثل بقول الشاعر - وهو لمجنون ليلى من قصيدته الطويلة - :
وأخرج من بين البيوت لعلني أحدث عنك النفس بالسر خاليا
وصاحب هذه الحال : إن لم يرده الله سبحانه إلى الخلق بتثبيت وقوة ، وإلا فإنه لا صبر له على مخالطتهم .
قوله " ويلذذ الموت " فإن صاحبه يرجو فيه لقاء محبوبه . فإذا ذكر الموت التذ به ، كما يلتذ المسافر بتذكر قدومه على أهله وأحبابه .
ثُمَّ قَالَ : وَهُوَ
nindex.php?page=treesubj&link=29554عَلَى ثَلَاثِ دَرَجَاتٍ ،
nindex.php?page=treesubj&link=29554الدَّرَجَةُ الْأُولَى : قَلَقٌ يُضَيِّقُ الْخُلُقَ ، وَيُبَغِّضُ الْخَلْقَ . وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ .
يَعْنِي : يَضِيقُ خُلُقُ صَاحِبِهِ عَنِ احْتِمَالِ الْأَغْيَارِ . فَلَا يُبْقِي فِيهِ اتِّسَاعًا لِحَمْلِهِمْ ، فَضْلًا عَنْ تَقْيِيدِهِمْ لَهُ ، وَتَعُوقَهُ بِأَنْفَاسِهِمْ .
وَ " يُبْغِضُ الْخَلْقَ " يَعْنِي : لَا شَيْءَ أَبْغَضَ إِلَى صَاحِبِهِ مِنِ اجْتِمَاعِهِ بِالْخَلْقِ . لِمَا
[ ص: 61 ] فِي ذَلِكَ مِنَ التَّنَافُرِ بَيْنَ حَالِهِ وَبَيْنَ خُلْطَتِهِمْ .
وَحَدَّثَنِي بَعْضُ أَقَارِبِ شَيْخِ الْإِسْلَامِ
ابْنِ تَيْمِيَةَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - قَالَ : كَانَ فِي بِدَايَةِ أَمْرِهِ يَخْرُجُ أَحْيَانًا إِلَى الصَّحْرَاءِ يَخْلُو عَنِ النَّاسِ ، لِقُوَّةِ مَا يَرِدُ عَلَيْهِ . فَتَبِعْتُهُ يَوْمًا فَلَمَّا أَصْحَرَ تَنَفَّسَ الصُّعَدَاءَ . ثُمَّ جَعَلَ يَتَمَثَّلُ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ - وَهُوَ لِمَجْنُونِ لَيْلَى مِنْ قَصِيدَتِهِ الطَّوِيلَةِ - :
وَأَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الْبُيُوتِ لَعَلَّنِي أُحَدِّثُ عَنْكَ النَّفْسَ بِالسِّرِّ خَالِيًا
وَصَاحِبُ هَذِهِ الْحَالِ : إِنْ لَمْ يَرُدَّهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ إِلَى الْخَلْقِ بِتَثْبِيتٍ وَقُوَّةٍ ، وَإِلَّا فَإِنَّهُ لَا صَبْرَ لَهُ عَلَى مُخَالَطَتِهِمْ .
قَوْلُهُ " وَيُلَذِّذُ الْمَوْتَ " فَإِنَّ صَاحِبَهُ يَرْجُو فِيهِ لِقَاءَ مَحْبُوبِهِ . فَإِذَا ذَكَرَ الْمَوْتَ الْتَذَّ بِهِ ، كَمَا يَلْتَذُّ الْمُسَافِرُ بِتَذَكُّرِ قُدُومِهِ عَلَى أَهْلِهِ وَأَحْبَابِهِ .