وفي هذه المرتبة تعلم وأنهم عند ربهم يرزقون ، وأنها أكمل من حياتهم في هذه الدنيا ، وأتم وأطيب ، وإن كانت أجسادهم متلاشية ، ولحومهم متمزقة ، وأوصالهم متفرقة ، وعظامهم نخرة ، فليس العمل على الطلل إنما الشأن في الساكن ، قال الله تعالى : حياة الشهداء ، ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون ، وقال تعالى : ولا تقولوا لمن يقتل في سبيل الله أموات بل أحياء ولكن لا تشعرون وإذا كان الشهداء إنما نالوا هذه الحياة بمتابعة الرسل وعلى أيديهم ، فما الظن بحياة الرسل في البرزخ ؟ ولقد أحسن القائل :
فالعيش نوم والمنية يقظة والمرء بينهما خيال ساري
فللرسل والشهداء والصديقين من هذه الحياة التي هي يقظة من نوم الدنيا أكملها وأتمها ، وعلى قدر حياة العبد في هذا العالم يكون شوقه إلى هذه الحياة ، وسعيه وحرصه على الظفر بها ، والله المستعان .