الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                                معلومات الكتاب

                                                                                                                                بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع

                                                                                                                                الكاساني - أبو بكر مسعود بن أحمد الكاساني

                                                                                                                                صفحة جزء
                                                                                                                                ويستوي في وجوب الكفارة بلبس المخيط العمد ، والسهو ، والطوع ، والكره عندنا .

                                                                                                                                وقال الشافعي : " لا شيء على الناسي والمكره " ويستوي أيضا ما إذا لبس بنفسه أو ألبسه غيره ، وهو لا يعلم به عندنا خلافا له وجه قوله : أن الكفارة إنما تجب بارتكاب محظور الإحرام لكونه جناية ، ولا حظر مع النسيان والإكراه ، فلا يوصف فعله بالجناية فلا تجب الكفارة ، ولهذا جعل النسيان عذرا في باب الصوم بالإجماع ، والإكراه عندي ولنا أن الكفارة إنما تجب في حال الذكر والطوع لوجود ارتفاق كامل ، وهذا يوجد في حال الكره والسهو .

                                                                                                                                وقوله : " فعل الناسي والمكره لا يوصف بالحظر " ممنوع بل الحظر قائم حالة النسيان والإكراه ، وفعل الناسي والمكره موصوف بكونه جناية ، وإنما أثر النسيان والإكراه في ارتفاع المؤاخذة في الآخرة ; لأن فعل الناسي والمكره جائز المؤاخذة عليه عقلا عندنا ، وإنما رفعت المؤاخذة شرعا ببركة { دعا النبي صلى الله عليه وسلم بقوله : ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا } ، وقوله : { رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه } والاعتبار بالصوم غير سديد ; لأن في الإحرام أحوالا مذكرة يندر النسيان معها غاية الندرة ، فكان ملحقا بالعدم ولا مذكر للصوم فجعل عذرا دفعا للحرج ، ولهذا لم يجعل عذرا في باب الصلاة ; لأن أحوال الصلاة مذكرة كذا هذا .

                                                                                                                                التالي السابق


                                                                                                                                الخدمات العلمية