الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                      معلومات الكتاب

                                                                                                                      كشاف القناع عن متن الإقناع

                                                                                                                      البهوتي - منصور بن يونس البهوتي

                                                                                                                      صفحة جزء
                                                                                                                      ( ولا زكاة في مال من عليه دين يستغرق النصاب ) ؟ سواء حجر عليه للفلس أو لا ( أو ) عليه دين ( ينقصه ) أي : النصاب ( ولا يجد ما يقضيه به سوى النصاب ، أو ) يجد ( ما ) يقضي به الدين غير النصاب ، لكنه ( لا يستغني عنه ) كمسكنه وكتب علم يحتاجها وثيابه وخادمه فلا زكاة عليه ( ولو كان الدين من غير جنس المال ) المزكى ( حتى دين خراج ، و ) حتى ( أرش جناية عبيد التجارة ، و ) حتى ( ما استدانه لمؤنة حصاد وجذاذ ودياس ) ينبغي حمل ذلك على ما استدانه لذلك قبل وجوب الزكاة في الزرع والثمر وإلا فلا قال في الفروع في باب زكاة الزرع والثمر : ولا ينقص النصاب بمؤنة حصاد ودياس وغيرهما منه ، لسبق الوجوب وقال صاحب الرعاية : يحتمل ضده ، كالخراج انتهى .

                                                                                                                      وجزم في المنتهى بمعنى ما قدمه في الفروع وجزم به أيضا المصنف فيما يأتي ( و ) حتى دين ( كرى أرض ) أي : أجرتها ( ونحوه ) كأجرة حرث ( لا دينا بسبب ضمان ) كالضامن والغاصب إذا غصبت منه العين وتلفت عند الثاني ونحوهما فلا يمنع هذا الدين وجوب الزكاة عن الضامن ، ولا عن الغاصب الأول وإن كان المالك متمكنا من مطالبتهما لأن منع الدين في أكثر من قدره إجحاف بالفقراء وتوزيعه على الجهتين لا قائل به فتعين مقابلته بجهة الأصل لترجحها لا سيما إذا كان الضامن ممن يرجع إذا أدى لأنه لا قرار عليه ، إذا تقرر أن الدين مانع من وجوب الزكاة ( فيمنع ) الدين ( وجوبها ) أي : الزكاة ( في قدره حالا كان الدين أو مؤجلا في الأموال الباطنة كالأثمان وقيم عروض التجارة والمعدن و ) الأموال ( الظاهرة كالمواشي والحبوب والثمار ) لقول عثمان : " هذا شهر زكاتكم فمن كان عليه دين فليقضه وليزك ما بقي رواه سعيد وأبو عبيد .

                                                                                                                      واحتج به أحمد ( ومعنى قولنا : يمنع ) الدين وجوب الزكاة ( بقدره أنا نسقط من المال بقدر الدين ) المانع ( كأنه غير مالك له ) لاستحقاق صرفه لجهة الدين ( ثم يزكي ) المدين ( ما بقي ) [ ص: 176 ] من المال إن بلغ نصابا تاما ( فلو كان له مائة من الغنم وعليه ما ) أي : دين ( يقابل ستين ) منها ( فعليه زكاة الأربعين ) الباقية لأنها نصاب تام ( فإن قابل ) الدين ( إحدى وستين فلا زكاة عليه لأنه ) أي : الدين ( ينقص النصاب ) فيمنع الزكاة .

                                                                                                                      ( ومن كان له عرض قنية يباع لو أفلس ) أي : حجر عليه لفلس ، كعقار وأثاث لا يحتاجه وكان ثمنه ( يفي بما عليه من الدين ) ومعه مال زكوي ( جعل ) الدين ( في مقابلة ما معه ) من المال الزكوي ( فلا يزكيه ) لئلا يخل بالمواساة ولأن عرض القنية كملبوسه في أنه لا زكاة فيه فكذا فيما يمنعها ( وكذا من بيده ألف وله على مليء ) دين ( ألف ، وعليه ) دين ( ألف ) فيجعل الألف الذي بيده في مقابلة ما عليه فلا يزكيه وأما الدين فيزكيه إذا قبضه " .

                                                                                                                      التالي السابق


                                                                                                                      الخدمات العلمية