قال : ( وإذا لم يجز ) لأن شرط المساواة عند اتحاد الجنس ثابت بالنص وبهذا الشرط متمكن في أحد الجانبين فضل وهو منفعة الحمل إلى منزله ليوفيه فيه فتنعدم به المساواة وإن كان اشتراه بغير جنسه بأن اشتراه خارجا من المصر وشرط أن يوفيه في منزله في المصر فالعقد فاسد أيضا لأن وجوب التسليم بالعقد في الموضوع الذي فيه المعقود عليه فالمشتري يملك بنفس العقد وهو عين فإذا اشترط لنفسه منفعة الحمل على البائع فسد به العقد كما لو شرط أن يطحنه وإن كان اشتراه في المصر وشرط أن يحمله إلى منزله فالعقد فاسد فإن شرط أن يوفيه في منزله ففي القياس العقد فاسد وهو قول اشترى طعاما بطعام مثله واشترط أحدهما على صاحبه أن يوفيه طعامه في منزله وفي الاستحسان هو جائز وهو قول محمد أبي حنيفة رحمهما الله تعالى وجه القياس ما بينا أن بنفس العقد صار المبيع مملوكا للمشتري في الموضع الذي فيه المعقود عليه ففي اشتراط تسليمه في مكان آخر شرطه منفعة لا يقبضه العقد فإن كان بمقابلتها شيء من البدل فهي إجارة مشروطة في البيع وإلا فهي إعارة مشروطة في البيع وذلك مفسد للبيع كما لو اشتراها خارج المصر أو كان الشرط بلفظ الحمل وإنما استحسن وأبي يوسف أبو حنيفة للعرف فإن الإنسان يشتري الحطب في المصر ولا يكتري دابة أخرى لتحمله إلى منزله ولكن البائع هو الذي يتكلف لذلك وما كان متعارفا وليس في عينه نص يبطله فالقول بجوازه واجب لما في النزع عن العادة من حرج بين ومثل هذه العادة لا توجد خارج المصر بل إذا اشترى الحنطة أو الحطب خارج المصر فالمشتري هو الذي يتكلف الحمل ذلك يوضحه أن نواحي المصر كناحية واحدة حتى أن قيمة ما له حمل ومؤنة لا يختلف في نواحي المصر بخلاف المصر مع القرية فقيمتها في المصر أكثر من قيمتها خارج المصر وما كان ذلك إلا لأن [ ص: 200 ] المشتري هو الذي يتكلف بالنقل ثم هذا الاستحسان عند بعض مشايخنا رحمهم الله تعالى في لفظ الحمل والإيفاء سواء وأبو يوسف
وقالوا لا فرق خصوصا في لسان الفارسية بين أن يقول يسار نجاته من أو بيادخانه من أو يرد بخانه من والأصح هو الفرق من قبل أن الإيفاء من مقتضيات العقد فالعقد يوجب إيفاء المعقود عليه لا محالة فكان شرط الإيفاء ملائما لمقتضى العقد فأما الحمل ليس من مقتضيات العقد ألا ترى أن العقد قد يخلو عنه بأن يسلمه إلى المشتري في ذلك المكان وشرط الحمل لا يلائم مقتضى العقد فلهذا أخذنا فيه بالقياس