ص ( وندب لمن لم يحصله )
ش : قال في المدونة : ومن صلى وحده فله إعادتها في جماعة انتهى .
وقال المشذالي في حاشيته : هنا مسألة لا أعلمها منصوصة لأهل الفروع بل لأئمة الأصول ، وهي لو فقد نص صلى وحده مثلا ظهر يوم الأحد ثم وجد جماعة ترتبت عليهم تلك الصلاة بعينها من يومها ابن رشد ، وغيره أنه يصح لهم قضاؤها جماعة يوم اتفاقا ، ومن يومين قولان ، فهل يصح له إعادتها معهم ظاهر الكتاب : يجوز وعرضته على ابن عرفة فقال : ظاهر المدونة كما قلت ، والذي [ ص: 84 ] عندي : أنه لا يفعل قال : لأن تعليلهم الإعادة بتحصيل فضيلة الوقت يقتضي اختصاص الإعادة بالوقت المشذالي إنما عللوا الإعادة بتحصيل فضيلة الجماعة ، وذلك مقتضى الإعادة في المسألة المفروضة انتهى .
ويمكن أن يقال ، وذلك إنما هو في الوقت أما لو صلى شخص في الوقت وحده ثم وجد جماعة يصلون تلك الصلاة بعد الوقت فالظاهر أنه لا يطلب بالإعادة معهم فكذلك من صلى ظهر يوم الأحد ثم وجد جماعة يصلون تلك الصلاة ; لأنهم قد صرحوا بأن السلام من الفائتة يخرج وقتها ، والله أعلم . : الإعادة لتحصيل فضيلة الجماعة
وانظر قوله : يصح لهم قضاؤها جماعة ظاهره أنهم لا يطلبون به ، وقد صرح البرزلي بأنهم يطلبون بذلك في رسم ضاع من سماع عيسى كما تقدم في أول الباب ، والله أعلم .
ثم رأيت لسند التصريح بأن الإعادة لتحصيل فضيلة الجماعة مختصة بالوقت ذكره في الكلام على من أخطأ القبلة ونصه إثر قول الإمام : مسألة فيمن أنه يعيد في الوقت ، فإن خرج الوقت ، فلا يعيد ، أما قول لم يعلم بأنه صلى إلى غير القبلة حتى فرغ من الصلاة - رحمه الله - : يعيد في الوقت فقد بينا أن مالك مرغب فيه في الشرع ، وله إعادة الصلاة في وقت الأداء على الوجه الأكمل ما دام وقت الصلاة ، ولا يعيد إذا خرج الوقت انتهى . إعادة الفذ في جماعة
، وقال ابن عرفة : والمذهب لمن صلى جماعة أن يعيد في جماعة بأحد المساجد الثلاث لا غيرها انتهى .
ونقله في التمهيد في الحديث التاسع عشر أبو عمر بن عبد البر عن لزيد بن أسلم ثم قال مالك ابن عرفة : إن إنه لا يعيدها في جماعة إثر كلامه السابق ، ونقله صلاها في أحد المساجد الثلاث فذا ابن بشير عن ابن حبيب فقط قصور وإلزام ، اللخمي عليه إعادة جامع في غيرها فذا فيها يرد بأن جماعتها أفضل من فذها وتمسك المازري معه بقوله فيها : من أتى أحد المساجد الثلاث ، وقد جمع فيه راجيا جماعة في غير صلاته فذا فيه أفضل منها جماعة في غيره يرد بأنه لا يلزم من ترجيح فعل مفضول عنه جواز إعادته بعد فعل مفضوله ; لأنه حكم مضى كترجيح جماعة كبرى على صغرى ، وإمام فاضل على مفضول بل اللازم أحروية إعادة فذ فيه ; لأن الفذ يعيد في جماعة في غيرها انتهى .
ونقله ابن ناجي وقيد به المدونة ، وقال الرجراجي من صلى في جماعة بأحد المساجد الثلاث ، فلا خلاف بين كل مخالف وموافق أنه لا يعيدها في جماعة لحصول المقصود بالمضعفة ، فإذا كنا نقول : إن صلاها في أحد المساجد الثلاث فذا أنه لا يعيدها في جماعة في غيرها ، فإذا صلاها في جماعة أولى فإن صلاها في ثلاثة في غير المساجد الثلاث ثم أدرك تلك الصلاة في أحد المساجد الثلاث ، فلا إشكال أنه يعيدها ; لأنا نأمره بالإعادة في الجماعة إذا صلى فذا ليحصل له خمس وعشرون درجة فكيف لا نأمره بالإعادة في الجماعة إذا صلى فذ ليحصل له الألف والمئون فإن فهذا مما اختلف فيه فقهاء الأمصار ، فذهب صلاها في جماعة ثم أدركها في جماعة أخرى في غير المساجد الثلاث ، فهل يعيدها مالك إلى أنه لا يعيدها وذهب وأبو حنيفة أحمد إلى أنه يعيد انتهى . وداود
قال في النوادر : ومن مختصر الواضحة قال عبد الملك : ومن صلى في بيته أو غير بيته مع رجل فصاعدا ثم أتى المسجد هو والذي صلى معه فأقيمت الصلاة فليخرج ، ولا يصليها معهم ، وكذلك من صلى في جماعة في مسجد أو غير مسجد لم يعدها في جماعة إلا تكون التي صلى في جماعة بمكة أو المدينة أو بإيلياء ثم دخل المسجد الحرام أو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أو بيت المقدس فوجدهم في الصلاة أو أقيمت عليه تلك فإنه يؤمر أن يصلي معهم ، وذلك لفضل الصلاة فيها على غيرها واستحب لمن صلى في جماعة في غير هذه المساجد ثم دخل هذه المساجد ، وهم في الصلاة أن يصليها معهم ، وكذلك قال مالك أيضا فيمن مالك ، فلا بأس أن يخرج إن أحب ويذهب إلى [ ص: 85 ] حيث يرجو إدراك الصلاة فيه مع الجماعة إلا أن يكون ذلك في أحد المساجد الثلاث المفضلة ، فلا يخرج عنها وليصل وحده فيها فإن صلاته فيها فذا خير من الجماعة في غيرها انتهى . أتى مسجدا فوجد أهله قد فرغوا من الصلاة فطمع أن يدركها في مسجد آخر أو في جماعة يجمعها معهم
، وقال في الذخيرة قال صاحب الطراز : قال ابن حبيب يعيد من صلى مع الواحد في المسجد الحرام ومسجد المدينة وبيت المقدس لفضل تلك البقاع ، وظاهر المذهب : خلافه انتهى .
ونص كلام صاحب الطراز قال : : كل من صلى في جماعة ، وإن لم يكن معه إلا واحد ، فلا يعيد تلك الصلاة في جماعة أخرى قال مالك ابن حبيب : إلا أن يكون صلى جماعة بمكة أو بالمدينة أو بيت المقدس فإنه يصلي معهم ، وذلك لفضل الصلاة فيها على غيرها ، وحكي مثله عن ، وظاهر المذهب : يخالف ما قال ، فإنه يمنع إعادة ذلك في سائر الكتب المذهبية ، ولا يستفصل ، وإنما يعرف في المذهب أن مالك أفضل من الجماعة في غيرها ، وذلك ; لأن الصلاة فرادى في هذه المساجد - رحمه الله تعالى - قال فيمن تفوته جماعة المسجد : إنه يخرج إلى جماعة أخرى إلا مالكا المسجد الحرام أو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخر ما تقدم ، فلا يبعد في هذا أن يعيدها في جماعة من جمع في غيرها ، وله وجه بين ; لأن صلاة الجماعة لما تضاعفت على صلاة الفذ بخمس وعشرين درجة أعيدت صلاة الفذ في جماعة لتحصيل هذا التضعيف فكيف بما يضاعف ألف ضعف انتهى .
فانظر قول القاضي سند ومن تبعه أن قول ابن حبيب خلاف ظاهر المذهب ، وكذا اللخمي مع أن المنصوص في ذلك كما تقدم عن لمالك والنوادر ولذا اعترض ابن عبد البر ابن عرفة على ابن بشير ومن تبعه لعزوهم ذلك لابن حبيب مع أنه المذهب والله أعلم .
( تنبيهات الأول ) مسجد بيت المقدس لم ينص عليه في الأم ، وإنما هو رأي مالك ابن القاسم ، ونصها قال : إذا مالك ، فلا بأس أن يخرج إلى تلك الجماعة قال ، وإن أتى الرجل المسجد ، وقد صلى أهله ، وطمع أن يدرك جماعة أخرى من الناس في مسجد آخر أو غير مسجد ، فلا بأس أن يخرجوا من المسجد فيجمعوا ، وهم جماعة إلا أن يكون أتى قوم ، وقد صلى أهل المسجد المسجد الحرام أو مسجد الرسول ، فلا يخرجوا وليصلوا وحدانا ; لأن المسجد الحرام ومسجد الرسول أعظم أجرا لهم من صلاتهم في الجماعة ، قال ابن القاسم وأرى مسجد بيت المقدس مثله عن مالك عبد الرحمن بن المجبر قال دخلت مع مسجد سالم بن عبد الله الجحفة ، وقد فرغوا من الصلاة فقالوا : ألا نجمع الصلاة فقال سالم : لا تجمع صلاة واحدة في مسجد مرتين انتهى .
لفظ الأم ( الثاني ) قال عياض في التنبيهات : قال شيوخنا : معناه لمن قد دخل هذه المساجد لا لمن لم يدخلها ، وكذا جاء مفسرا في العتبية من سماع أشهب وابن نافع قال : ومن لم يبلغ مالك مسجد الرسول حتى صلى أهله له أن يجمع تلك الصلاة في غيره ، وهو ظاهر المدونة ; لأنه إنما تكلم على من دخل انتهى .
، وقال ابن ناجي ( قلت ) ظاهر قوله : فليصلوا فيه أفذاذا ، وهو أعظم لأمرهم يقتضي أن الدخول وصف طردي ، وأنه إن لم يدخل فإنه يذهب إليه ويصلي فيه منفردا ، ولا يصلي دونه في جماعة ، وعلى هذا حمل ابن رشد قولها انتهى .
وقال اللخمي : لا مفهوم لقوله : أن يخرجوا انتهى .
( الثالث ) قال الأقفهسي : لو فإن صلاة المأموم صحيحة ، ولا يطلب منه إعادتها في جماعة ، ولو صلى خلف إمام ثم تبين أنه محدث قولان انتهى . تبين أن المأموم محدث ، فهل يعيد الإمام في جماعة أم لا
وقال الجزولي إذا فإن الإمام يعيد في جماعة ، وبعضهم توقف ، وتقدم عند قول ذكر المأموم أنه صلى بلا وضوء المصنف في فصل السهو : وإن بعد شهر هل من أدرك التشهد فذا أو في جماعة ، والله أعلم .