الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط


الذنوب والمعاصي تضر ولابد، فإن مما اتفق عليه العلماء وأرباب السلوك أن للمعاصي آثارا وثارات، وأن لها عقوبات على قلب العاصي وبدنه، وعلى دينه وعقله، وعلى دنياه وآخرته.

اختيار هذا الخط
فهرس الكتاب
                                                                                                                            صفحة جزء
                                                                                                                            ص ( والقضاء بالعدد )

                                                                                                                            ش : هو معطوف على فاعل وجب في قوله ووجب إن خاف هلاكا والمعنى أنه يجب قضاء رمضان إذا أفطر فيه وسواء كان الفطر لعذر أو لغير عذر ولا خلاف في وجوب قضائه والمشهور أنه يجب قضاؤه إذا أفطره كله بالعدد أي يحسب عدد شهر رمضان الذي أفطره سواء ابتدأ في القضاء بالهلال أو بغيره لقوله تعالى { : فعدة من أيام أخر } . وروى ابن وهب أنه إن صام بالهلال أجزأه ذلك الشهر سواء وافقت أيامه عدد رمضان الذي أفطره أو كان عدد القضاء أنقص ويجب تكميله إن كانت أيام شهر القضاء أكثر قال في التوضيح : هكذا نقل صاحب النوادر وغيره وكلام المصنف يعني ابن الحاجب يقتضي أنه إذا كان رمضان تسعة وعشرين وصام شهرا فكان ثلاثين وجب عليه إتمامه وهذا لا يدل على العكس لاحتمال أن يقال : إذا كان رمضان ثلاثين يجب أن يكون القضاء كذلك ويفرق بالاحتياط والنقل كما تقدم ، انتهى .

                                                                                                                            ( ( قلت ) ) الذي ذكره في التوضيح أولا ليس فيه تصريح بأنه يجب إكمال الشهر ثلاثين إذا كان رمضان تسعة وعشرين وكلام ابن عرفة يقتضي وجوب ذلك فإنه قال : والواجب عدد الأول ولو قضى شهرا للهلال عن آخر ففي كون المعتبر عدد الأول أو كل الثاني يجزئ وإن كان أقل فيكمل وإن كان أكثر قولان لنقل اللخمي عن المذهب مع الشيخ عن ابن عبد الحكم والشيخ عن أبي بكر بن محمد عن رواية ابن وهب مع نقل اللخمي قائلا هذا وهم ونقله ابن الحاجب بقيد إكماله إن كان أكثر دون إجزائه إن كان أقل لا أعرفه ( تنبيه ) والمشهور أنه لا يجب قضاء رمضان على الفور قال في الذخيرة : يجوز تأخيره إلى شعبان ويحرم بعده وقيل : يجب القضاء على الفور .

                                                                                                                            نقل القولين الرجراجي وغيره وقال ابن بشير : لا خلاف أنه لا يجب على الفور وتبعه ابن الحاجب على حكاية الاتفاق وكذلك ابن ناجي في شرح المدونة وحصل ابن عرفة فيه ثلاثة أقوال ، الأول : أنه على الفور ، الثاني : أنه على التراخي لبقاء قدره قبل تاليه بشرط السلامة فإن صح بعد رمضان قدر زمان القضاء ولم يقض فيه ثم أصابه مرض أو سفر واتصل ذلك إلى رمضان الثاني فعليه القضاء ، الثالث : أنه على التراخي حتى يبقى قدر ما عليه من الأيام من شعبان مطلقا واعترض على ابن الحاجب في حكايته الاتفاق وقال في الإكمال في شرح قول عائشة : رضي الله عنها يكون علي الصوم من رمضان فلا أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان للشغل برسول الله صلى الله عليه وسلم . فيه حجة على أن قضاء رمضان ليس واجبا على الفور خلافا للداودي في إيجابه من ثاني شوال وأنه آثم متى لم يتمه فإذا لم يكن على الفور فوقته موسع مقيد ببقية السنة ما لم يدخل رمضان آخر لكن الاستحباب المبادرة ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( بزمن أبيح صومه [ ص: 449 ] غير رمضان ) ش يعني أن الزمن الذي يباح فيه قضاء رمضان هو كل زمان أبيح صومه غير رمضان فخرج بقوله أبيح صومه ما حرم صومه كيوم الفطر والنحر واليومان بعده وما كره صومه كاليوم الرابع قال في الشامل : فإن وقع في يوم عيد لم يجزئ كالأيام المعدودات على المشهور وثالثها يجزئ الثالث ، انتهى .

                                                                                                                            ونقل ابن الحاجب وغيره الخلاف في الأيام المعدودات وصرح في التوضيح بتشهير ما شهره في الشامل وصرح ابن بشير بتصحيحه وخرج بقوله أبيح صومه أيضا ما وجب صومه كرمضان للحاضر فإن صومه ليس بمباح بل واجب فلو صامه قضاء عن رمضان الماضي لم يجز عن واحد منهما قال في التوضيح قال ابن الجلاب : إنه الصحيح من الأقوال وقال ابن رشد : هو الصواب عند أهل النظر كلهم ووجهه أن رمضان لا يقبل غيره فلا يجزي عن القضاء وأما عدم إجزائه عن الأداء فلأنه لم يجزه وقيل : يجزي عن القضاء ; لأن الأعمال بالنيات وقيل : يجزي عن الأداء ; لأن رمضان لا يقبل غيره والقولان لمالك ولفظ المدونة محتمل لهما ; لأن فيها وعليه قضاء الآخر وقوله غير رمضان خرج به رمضان في حق المسافر فلا يجزئ فيه قضاء رمضان ( تنبيهات الأول ) إذا قلنا لا يجزئ رمضان في الحضر عن واحد منهما فقال ابن المواز : يكفر عن الأول من الكل يوما ويكفر عن الثاني كفارة العمد في كل يوم أبو محمد يريد إلا أن يعذر بجهل أو تأويل وقال أشهب : لا كفارة عليه ; لأنه قد صامه ولم يفطره أبو محمد وهو الصواب ، انتهى .

                                                                                                                            من التوضيح واقتصر ابن عرفة على كلام ابن المواز ولم يتعرض لذلك في الشامل ( الثاني ) خرج بقوله أبيح صومه أيضا ما لو نذر صوم شهر بعينه فلا يقضي فيه رمضان فإن قضى فحكمه حكم رمضان قاله اللخمي ( الثالث ) قوله أبيح صومه فيه إشكال ; لأنه إذا أراد به المباح الشرعي المستوي الطرفين فليس في السنة يوم أبيح صومه بهذا المعنى ; لأن التطوع بالصوم مندوب إليه وإن أراد بالمباح الجائز الشامل للواجب والمندوب والمكروه والمباح دخل فيه رابع النحر ; لأن صومه تطوعا مكروه على المشهور فتأمله فإن قيل : المراد بقوله أبيح صومه أن الزمان من يباح فيه الصوم وليس المراد أنه مباح بالنظر إلى المكلف قلنا في هذا الفرق نظر ولو سلمنا ذلك فيخرج من كلامه الأيام والشهور التي ندب الشرع إلى صيامها فلو قال المصنف بزمن لم يمنع فيه من التطوع لصح كلامه واستغنى عن قوله غير رمضان والمنع يشمل المحرم والمكروه ( الرابع ) من نذر صوم الأبد ثم لزمه قضاء رمضان أو صوم ظهار أو كفارة يمين فعليه أن يصوم ما لزمه قال ابن حبيب : ولا شيء عليه وقال سحنون عليه أن يطعم عن كل يوم مسكينا نقله في سماع سحنون من كتاب الصيام وتقدم كلامه برمته مع كلام النوادر عند قول المصنف رمضان فقط ( الخامس ) قال ابن عرفة ابن عبدوس عن أشهب من دام مرضه من رمضان حتى انقضى آخر بدأ بالأول ويجزئ العكس ، انتهى .

                                                                                                                            ( السادس ) أيام رمضان هل يجب قضاؤها على الترتيب فينوي اليوم الأول من أيام القضاء لليوم الأول من الأيام الفائتة لم أر فيه نصا صريحا الآن والظاهر أنه لا يجب وقال سند في فصل السهو في شرح مسألة من سها عن سجدة ثم قام إلى الثانية في أثناء كلامه : وأما أيام رمضان فليس الترتيب فيها بمقصود وإنما هو من ضرورة التعيين ، انتهى .

                                                                                                                            ص ( وتمامه إن ذكر قضاءه )

                                                                                                                            ش : تصوره واضح ويقرب منه ما قال ابن قداح مسألة [ ص: 450 ] من تلبس بصلاة الظهر ثم ذكر أنه صلاها فهل يقطع أم لا الظاهر أنه يتمادى على نافلته ومن تلبس بصلاة العصر ثم ذكر أنه صلاها فإن كان عقد ركعة أضاف إليها أخرى وسلم بنية النافلة وإن لم يعقد ركعة قطع ، انتهى . ومنه أيضا ما قاله سند في شرح المسألة الثانية عشر من باب الهدي من الحج الثاني أن من أحرم بحج عما عليه ثم تبين أنه قد أدى ما عليه قبل عامه فإنه يتعين عليه ما أحرم به إلا أن الواجب الأول ، انتهى ، والله أعلم .

                                                                                                                            ص ( وفي وجوب قضاء القضاء خلاف )

                                                                                                                            ش : شهر ابن الحاجب في كتاب الحج القول بعدم وجوب قضاء القضاء وذكر الشارح في الصغير عن وجيز ابن غلاب أن المشهور وجوب قضاء القضاء

                                                                                                                            التالي السابق


                                                                                                                            الخدمات العلمية