ص ( وتهجير )
ش : يعني أن التهجير مستحب واحترز به من التبكير عند طلوع الشمس فإنه مكروه وهذا واضح ولم يتعرض المؤلف ولا الشيخ تاج الدين بهرام في شروحه لبيان وقت التهجير المطلوب وذكر في الذخيرة في ذلك قولين ونصه قال في الجلاب : التهجير أفضل من التبكير خلافا لابن حبيب واختلف الشافعية هل أوله الفجر أو الشمس محتجين بقوله عليه السلام في الموطإ { والشافعي } فحملوا الساعة على العادية وقسم من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح في الساعة الأولى فكأنما قرب بدنة ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر الساعة السادسة خمسة أقسام فحمل الحديث على هذه الأقسام ، وحجته أن الرواح لغة لا يكون إلا بعد الزوال [ ص: 170 ] ومنه قوله تعالى { مالك غدوها شهر ورواحها شهر } فالمجاز لازم على المذهبين ومذهبنا أقربهما للحقيقة فيكون أولى ; ولأنه عقب الخامسة بخروج الإمام وهو لا يخرج بعد الخامسة من ساعات النهار وإلا لوقعت الصلاة قبل الزوال وإذا بطل أحد المذهبين تعين الآخر ; إذ لا قائل بالفرق وتقسيم السادسة لصاحب المنتقى وصاحب الاستذكار والعبدي في شرح الرسالة وصاحب الطراز وقال اللخمي وابن بشير وصاحب المعلم وابن يونس وجماعة : التقسيم في السابعة والموجود إنما هو قوله أرى هذه الساعات في ساعة واحدة ولم يعين فاختلف أصحابه في تفسير قوله على هذين القولين والأول هو الصحيح ; لأن حديث لمالك { مسلم } كنا ننصرف من صلاة الجمعة والجدران ليس لها فيء
وإذا كان عليه السلام يخرج في أول السابعة وقد قال في الحديث { } فإذا كان الإمام يخرج في أول السابعة بطل الحديث بالكلية ولا يمكن أن يقال إن تلك الأزمنة في غاية الصغر ; فإن الحديث يأباه والقواعد ; لأن البدنة والبيضة لا بد أن يكون بينهما من التعجيل والتأخير وتحمل المكلف من المشقة ما يقتضي هذا التفصيل وإلا فلا معنى للحديث انتهى . فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر
وما ذكره عن صاحب المنتقى هو في شرح هذا الحديث ونصه : ذهب إلى أن هذا كله في ساعة واحدة وأن هذه أجزاء من الساعة السادسة ولم ير التبكير لها من أول النهار رواه مالك ابن القاسم وأشهب عن في العتبية وذهب مالك ابن حبيب إلى أن ذلك في الساعات المعلومات ، وأن أفضل الأوقات في ذلك أول ساعة النهار . والشافعي
والدليل على صحة ما ذهب إليه أن الساعة السادسة من النهار لم يذكر فضيلة من جاء فيها وليست بوقت قعود الإمام على المنبر ولا بوقت استماع الذكر منه والحديث يقتضي أن في ذلك الوقت ترتفع فضيلة الرواح وتحضر الملائكة للذكر وأن ذلك متصل بالساعة الخامسة وهذا باطل باتفاق فثبت أنه لم يرد به الساعة الخامسة من ساعات النهار ; لأن الساعة السادسة تصل بينها وبين الذكر ، وإذا بطل ذلك ثبت أنه إنما أريد به أجزاء من الساعة السادسة وتلك الساعة يصح تجزئتها على خمسة أجزاء وأقل وأكثر ودليل ثان أنه { مالك } . والرواح إنما يكون بعد نصف النهار أو ما قرب من ذلك انتهى . صلى الله عليه وسلم قال : ثم راح
واقتصر الجزولي في أحد شروحه على الرسالة على نقل كلام الباجي وأما عبد الوهاب وابن ناجي فلم يتعرضا لتبيين الوقت .
وقول القرافي والموجود إنما هو إلى آخره يقتضي أنه لم يرد عن لمالك نص على أنها قبل الزوال وقد ورد مصرحا به في سماع مالك أشهب من العتبية وبينه ابن رشد ولم يحك غيره فتقوى القول الذي صححه القرافي وزاد صحة على صحة بورود النص عن على وقفه وتقرير مالك ابن رشد له غير أنه لم يصرح بأن وقت الرواح يدخل بأول الساعة السادسة وإنما ذكر أن التهجير يكون قبل الزوال ويرجع في قدر ذلك إلى ما اتصل به العمل كما سيأتي ونصه مسألة .
وسئل عن قال نعم يهجر بقدر . التهجير يوم الجمعة
قال الله تعالى { إنا كل شيء خلقناه بقدر } وقال { قد جعل الله لكل شيء قدرا } وكان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لا يغدون إلى الجمعة هكذا وأنا أكره هذا القدر هكذا حتى إن المرء لا يعرف به وأنا أخاف على هذا الذي يقدر أن يدخله شيء وأن يحب أن يعرف به فأنا أكرهه ولا أحبه ولكن رواحا بقدر وقد سمعت السائل يسأل ربيعة يقول لأن ألقى في طريق المسجد أحب إلي من أن ألقى في طريق السوق فقيل ما تقول أنت في هذا ؟ . لمالك
فقال هذا ما لا يجد أحد منه بدا قيل له أفترى أن يروح قبل الزوال ؟ .
قال نعم في رأيي .
قيل له : أتهجر بالرواح إلى الصلاة يوم الجمعة ؟ .
فقال : نعم ، في ذلك سعة .
قال القاضي محمد بن رشد كره مالك ; لأنه لم يكن [ ص: 171 ] ذلك من العمل المعمول به على ما ذكره عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا لا يغدون إلى الجمعة فاستدل بذلك على أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد بالخمس ساعات في قوله : { الغدو بالرواح إلى الجمعة من أول النهار } إلى آخر الحديث ساعات النهار المعلومة من أولها على ما ذهب إليه جماعة من العلماء ومنهم ثم راح في الساعة الأولى وأنه إنما عنى بذلك ساعة الرواح وهي التي تتصل بالزوال وقت خروج الإمام فهي التي تنقسم على الخمس فيكون الرائح في الأولى منها كالمهدي بدنة وفي الثانية كالمهدي بقرة وفي الثالثة كالمهدي كبشا أقرن وفي الرابعة كالمهدي دجاجة وفي الخامسة كالمتصلة بالزوال وخروج الإمام كالمهدي بيضة ولما لم تكن هذه الساعة منقسمة على الخمس ساعات محدودة بجزء معلوم من النهار قبل زوال الشمس فيعلم حدها حقيقة وجب أن يرجع في قدرها إلى ما اتصل به العمل وأخذه الخلف عن الشافعي السلف فلذلك قال : إنه يهجر بقدر أي يتحرى قدر تهجير السلف فلا ينقص منه ولا يزيد عليه فيغدو من أول النهار ; لأنه إذا فعل ذلك عليهم شذ عنهم فصار كأنه فهم من الحديث ما لم يفهموه أو رغب من الفضيلة ما لم يرغبوه انتهى . مالك
وقد أغفل ابن عرفة والبساطي هذه النقول واقتصرا على القول الثاني الذي حكاه القرافي .
ونص ابن عرفة : ويستحب التبكير بعد الزوال وفي كونه كذلك بعد طلوع الشمس وكراهته قولا ابن حبيب انتهى . ومالك
وفي إطلاقه التبكير على ما بعد الزوال مسامحة ونص البساطي وأما مندوبية التهجير فمبني على أنه المراد من الساعة الأولى .
فقال أبو حنيفة وغيرهما : إن الساعة الأولى في الحديث طلوع الشمس ثم كذلك وقال والشافعي : الساعة التي بعد الزوال تنقسم ساعات انتهى . مالك
واختار هذا القول ابن العربي في عارضته والأول أصح لما تقدم ; ولأن المطلوب أن يكون خروج الإمام بأثر الزوال في أول السابعة وصرح الرجراجي بمشهوريته ونصه في شرح مشكلات المدونة : اختلف في على ثلاثة مذاهب : أحدها أنه من أول النهار وهو مذهب وقت التبكير وبه قال الشافعي ابن حبيب من أصحابنا ، والثاني : أنه في الساعة السادسة وهو مشهور مذهب والثالث أنه قبل الزوال انتهى . مالك