وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا قالوا أنى يكون له الملك علينا ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال قال إن الله اصطفاه عليكم وزاده بسطة في العلم والجسم والله يؤتي ملكه من يشاء والله واسع عليم
247 - وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت هو اسم أعجمي كجالوت، وداود. ومنع من الصرف للتعريف، والعجمة. ملكا حال قالوا أنى يكون له الملك علينا أي: كيف؟ ومن أين؟ وهو إنكار لتملكه عليهم، واستبعاد له. ونحن أحق بالملك منه الواو للحال ولم يؤت سعة من المال أي: كيف يتملك علينا والحال أنه لا يستحق التملك; لوجود من هو أحق بالملك، وأنه فقير، ولا بد للملك من مال يعتضد به، وإنما قالوا ذلك; لأن النبوة كانت في سبط لاوي بن يعقوب عليه السلام، والملك في سبط يهوذا، وهو كان من سبط بنيامين، وكان رجلا سقاء، أو دباغا فقيرا. وروي أنه نبيهم دعا الله حين طلبوا منه ملكا فأتى بعصا يقاس بها من يملك عليهم، فلم يساوها إلا طالوت قال إن الله اصطفاه عليكم الطاء في اصطفاه بدل من التاء لمكان الصاد الساكنة، أي:اختاره عليكم، وهو أعلم بالمصالح منكم، ولا اعتراض على حكمه، ثم ذكر مصلحتين أنفع مما ذكروا من النسب والمال وهما: العلم المبسوط، والجسامة، فقال: وزاده بسطة مفعول ثان. في العلم والجسم قالوا: كان أعلم بني إسرائيل بالحرب والديانات في وقته، وأطول من كل إنسان برأسه ومنكبه. والبسطة: السعة والامتداد. والملك لا بد أن يكون من أهل العلم، فإن الجاهل ذليل مزدرى، غير منتفع به، وأن يكون جسيما; لأنه أعظم في النفوس، وأهيب في القلوب. والله يؤتي ملكه من [ ص: 205 ] يشاء أي:الملك له غير منازع فيه، وهو يؤتيه من يشاء إيتاءه، وليس ذلك بالوراثة. والله واسع أي: واسع الفضل والعطاء، يوسع على من ليس له سعة من المال، ويغنيه بعد الفقر. عليم بمن يصطفيه للملك. فثمة طلبوا من نبيهم آية على اصطفاء الله طالوت.