ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين
وقوله تعالى : ونضع الموازين القسط بيان لما سيقع عند إتيان ما أنذروه ، أي : نقيم الموازين [ ص: 71 ] العادلة التي توزن بها صحائف الأعمال ، وقيل : وضع الموازين تمثيل لإرصاد الحساب السوي والجزاء على حسب الأعمال . وقد مر تفصيل ما فيه من الكلام في (سورة الأعراف ) وإفراد القسط لأنه مصدر وصف به مبالغة .
ليوم القيامة التي كانوا يستعجلونها ، أي : لجزائه ، أو لأجل أهله ، أو فيه ، كما في قولك : جئت لخمس خلون من الشهر فلا تظلم نفس من النفوس شيئا حقا من حقوقها ، أو شيئا ما من الظلم ، بل يوفى كل ذي حق حقه إن خيرا فخير وإن شرا . فشر والفاء لترتيب انتفاء الظلم على وضع الموازين .
وإن كان أي : العمل المدلول عليه بوضع الموازين مثقال حبة من خردل أي : مقدار حبة كائنة من خردل ، أي : وإن كان في غاية القلة والحقارة ، فإن حبة الخردل مثل في الصغر . وقرئ : "مثقال حبة" بالرفع على أن كان تامة . أتينا بها أي : أحضرنا ذلك العمل المعبر عنه بمثقال حبة الخردل للوزن ، والتأنيث لإضافته إلى الحبة . وقرئ : "آتينا بها" أي : جازينا بها ، من الإتيان بمعنى : المجازاة والمكافأة ، لأنهم أتوه بالأعمال وأتاهم بالجزاء . وقرئ : "أثبنا" من الثواب . وقرئ : "جئنا بها" . وكفى بنا حاسبين إذ مزيد على علمنا وعدلنا .