لأنها بدعة بل يستمر على ما مر من الإقبال عليهم إلى فراغها ، ولا يعبث بل يخشع كما في الصلاة ، ولو ( ولا يلتفت يمينا و ) لا ( شمالا ) ولا خلفا ( في شيء منها ) أجزأ مع الكراهة ( وأن يعتمد ) في حال خطبته استحبابا ( على سيف أو عصا ) ونحوه من قوس أو رمح لما صح { استقبل القبلة أو استدبرها الحاضرون } وحكمته الإشارة إلى أن هذا الدين قام بالسلاح ، ولهذا قبضه باليسرى على عادة من يريد الجهاد به ، وليس هذا تناولا حتى يكون باليمين بل هو استعمال وامتهان بالاتكاء ، فكانت اليسار به أليق مع ما فيه من تمام الإشارة إلى الحكمة المذكورة ، ويشغل يمينه بالمنبر إن لم تكن فيه نجاسة كذرق طير لا يعفي عنه وهي ملاقية له ، فإن لم يجد شيئا من ذلك جعل اليمنى على اليسرى تحت صدره أو أرسلهما ، والغرض أن يخشع ولا يعبث بهما كما مر ، ولو أمكنه شغل اليمنى بحرف المنبر وإرسال [ ص: 327 ] الأخرى فلا بأس به ، ويكره له ولهم الشرب من غير عطش ، فإن حصل فلا ، وإن لم يشتد كما اقتضاه كلام الروضة وغيرها . أنه صلى الله عليه وسلم توكأ في خطبته يوم الجمعة على قوس أو عصا
ويكره ما ابتدعه جهلة الخطباء من الإشارة بيد أو غيرها والالتفات في الخطبة الثانية ودق الدرجة في صعوده بنحو سيف أو رجله ، والدعاء إذا انتهى إلى المستراح قبل جلوسه عليه وقول : يقف في كل مرقاة وقفة خفيفة يسأل المعونة والتسديد غريب ضعيف ، ومبالغته للإسراع في الثانية وخفض الصوت بها والاحتباء حال الخطبة للنهي الصحيح عنه ولجلبه النوم ، ويسن أن يختم الثانية بقوله : أستغفر الله لي ولكم ، ومن البدع المنكرة كما قاله البيضاوي القمولي كابن النحاس وغيره كتب كثير أوراقا يسمونها حفائظ آخر جمعة من شهر رمضان حال الخطبة لما فيه من الاشتغال عن الاستماع وكتابة ما لا يعرف معناه ، وقد يكون دالا على ما ليس بصحيح ، ومما عمت به البلوى في أماكن كثيرة من بلدتنا أن يمسك الخطيب حال خطبته حرف المنبر ويكون في جانب ذلك المنبر عاج غير ملاق له ، وقد أفتى به الوالد رحمه الله تعالى بصحة خطبته ، كما تصح صلاة من صلى على سرير قوائمه في نجس أو على حصير مفروش على نجس أو بيده حبل مشدود في سفينة فيها نجاسة وهي كبيرة لا تنجر بجره لأنها كالدار ، فإن كانت صغيرة تنجر بجره لم تصح صلاته . قال الإسنوي في المهمات : وصورة مسألة السفينة كما في الكفاية أن تكون في البحر ، فإن كانت في البر لم تبطل قطعا صغيرة كانت أو كبيرة انتهى . وإنما بطلت صلاة القابض طرف شيء على نجس وإن لم يتحرك بحركته لحمله ما هو متصل بنجس ، ولا يتخيل في مسألتنا أنه حامل للمنبر .