لتنزيله منزلة الأول في دوام الجماعة بدليل أنه لا يراعي نظم صلاة نفسه ، ولو استمر الأول لم يحتج القوم إلى تجديد النية فكذلك عند الاستخلاف ، وشمل ذلك من قدمه الإمام ومن قدمه القوم ومن تقدم بنفسه ، وهو الأوجه وإن اقتضى كلام الشيخين وغيرهما اختصاصه بالأول ، وأخذ به ( ولا يلزمهم ) أي المقتدين ( استئناف نية القدوة ) بالخليفة ( في الأصح ) جمعة كانت ، أو غيرها الأذرعي فقال في الثاني الأقرب أنه يلزمهم تجديد نية الاقتداء ، وفي الثالث : الوجه أنه يلزمهم تجديدها ، ولم أر في ذلك نصا على أنه يمكن منع الاستدلال بكلامهما بأن فرض ما ذكر مثال ، ومقابل الأصح اللزوم ; لأنهم بخروج الإمام من صلاته صاروا منفردين .
ولو استخلف الإمام غير صالح للإمامة لم تبطل صلاتهم لأن استخلافه لغو ما لم يقتدوا به ، ولو أراد المسبوقون ، أو من صلاتهم أطول من صلاة الإمام استخلاف من يتم بهم لم يجز إلا في غير الجمعة لعدم المانع في غيرها ، بخلافها لما مر من أنه لا تنشأ جمعة بعد أخرى ، ولعلهم أرادوا بالإنشاء ما يعم الحقيقي والمجازي ، إذ ليس فيما إذا كان الخليفة منهم إنشاء جمعة ، وإنما فيه ما يشبهه صورة على أن بعضهم قال بالجواز في هذه لذلك ، وما ذكر من الجواز في غير الجمعة هو ما اقتضاه كلامهما في الجماعة ، وصححه المصنف في تحقيقه هناك ، وكذا في المجموع وقال فيه : اعتمده ولا تغتر بما في الانتصار من تصحيح المنع فهو المعتمد ، وجمع بعضهم بين هذا وبين ما تقدم عنه في الروضة بأن ذاك من حيث حصول الفضيلة وهذا من حيث جواز اقتداء المنفرد ، ويدل عليه أنه في التحقيق بعد أن ذكر جواز اقتداء المنفرد قال : واقتداء المسبوق بعد سلام إمامه كغيره .
وقال ابن العماد : الكلام هنا محمول على ما إذا اختلف الإمام والمأموم في عدد الركعات فلا يجوز الاستخلاف في غير الجمعة ; لأنه يؤدي إلى أن أحدهما يقعد والآخر يقوم ، بخلاف ما إذا اتفق نظم الصلاتين .
قال بعضهم : هو جمع لا بأس به ، لكن تعليله في الروضة وأصلها المنع بأن الجماعة حصلت له يخالفه .
قال الناشري : ومحل ما ذكر في الجمعة إذا قدمنا من لم يكن من جملتهم ، فإن كان من جملتهم جاز حتى لو اقتدى شخص بهذا المقدم وصلى معهم ركعة وسلموا فله أن يتمها جمعة ; لأنه وإن استفتح الجمعة فهو تبع للإمام والإمام مستديم لها لا مستفتح ، نقله صاحب البيان عن وأقره وكذلك الشيخ أبي حامد الريمي ، لكن تعليلهم السابق يخالفه ، ولو بادر أربعون سمعوا أركان الخطبة وأحرموا [ ص: 354 ] بالجمعة انعقدت بهم ; لأنهم من أهلها بخلاف غيرهم .