. ضمان الرهن
( قال ) رحمه الله : أخبرنا الشافعي عن ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب ابن شهاب عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { ابن المسيب } ( قال لا يغلق الرهن الرهن من صاحبه الذي رهنه له غنمه وعليه غرمه ) : أخبرنا الثقة عن الشافعي يحيى بن أبي أنيسة عن ابن شهاب عن عن ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله أو مثل معناه لا يخالفه ( قال أبي هريرة ) : وبهذا نأخذ وفيه دليل على أن جميع ما كان رهنا غير مضمون على المرتهن ; لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال : { الشافعي } ثم زاد فأكد له فقال { الرهن من صاحبه الذي رهنه فمن كان منه شيء فضمانه منه لا من غيره } وغنمه سلامته وزيادته وغرمه عطبه ونقصه فلا يجوز فيه إلا أن يكون ضمانة من مالكه لا من مرتهنه . له غنمه وعليه غرمه
ألا ترى أن فمن قال : يذهب درهم المرتهن بالخاتم كان قد زعم أن غرمه على المرتهن ; لأن درهمه ذهب به ، وكان الراهن بريئا من غرمه ; لأنه قد أخذ ثمنه من المرتهن ثم لم يغرم له شيئا وأحال ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقوله - والله تعالى أعلم - { رجلا لو ارتهن من رجل خاتما بدرهم يسوى درهما فهلك الخاتم } لا يستحقه المرتهن بأن يدع الراهن قضاء حقه عند محله ، ولا يستحق مرتهنه خدمته ، ولا منفعة فيه بارتهانه إياه ، ومنفعته لراهنه ; لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال : { لا يغلق الرهن } ، ومنافعه من غنمه ، وإذا لم يخص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { هو من صاحبه الذي رهنه } ، ومنافعه من غنمه ، وإذا لم يخص رسول الله صلى الله عليه وسلم رهنا دون رهن فلا يجوز أن يكون من الرهن مضمون ، ومنه غير مضمون ; لأن الأشياء لا تعدو أن تكون أمانة أو في حكمها فما ظهر هلاكه وخفي من الأمانة سواء أو مضمونة فما ظهر هلاكه وخفي من المضمون سواء . هو من صاحبه الذي رهنه
ولو لم يكن في الرهن خبر يتبع ما جاز في القياس إلا أن يكون غير مضمون ; لأن صاحبه دفعه غير مغلوب عليه وسلط المرتهن على حبسه ، ولم يكن له إخراجه من يديه حتى يوفيه حقه فيه فلا وجه لأن يضمن من قبل أنه إنما يضمن ما تعدى الحابس بحبسه من غصب أو بيع عليه تسليمه فلا يسلمه أو عارية ملك الانتفاع بها دون مالكها فيضمنها كما يضمن السلف والرهن ليس في شيء من هذه المعاني .
فإذا فلا ضمان عليه والحق ثابت كما كان قبل الرهن ( قال رهن الرجل الرجل شيئا فقبضه المرتهن فهلك الرهن في يدي القابض ) : لا يضمن المرتهن ، ولا الموضوع على يديه الرهن من الرهن شيئا إلا فيما يضمنان فيه الوديعة والأمانات من التعدي فإن تعديا فيه فهما ضامنان ، وما لم يتعديا فالرهن بمنزلة الأمانة . الشافعي
فإذا لم يضمن شيئا ; لأن ذلك كان له . وإذا دفع الراهن إلى المرتهن الرهن ثم سأله الراهن أن يرده إليه فامتنع المرتهن فهلك الرهن في يديه أو أبرأه المرتهن منه بأي وجه كان من البراءة ثم سأله الرهن فحبسه عنه ، وهو يمكنه أن يؤديه إليه فهلك الرهن في يدي المرتهن فالمرتهن ضامن لقيمة الرهن بالغة ما بلغت إلا أن يكون الرهن كيلا أو وزنا يوجد مثله فيضمن مثل ما هلك في يديه ; لأنه متعد بالحبس . وإن قضى الراهن المرتهن الحق أو أحاله به على غيره ورضي [ ص: 171 ] المرتهن بالحوالة فلم يمكنه ذلك أو كان كان رب الرهن آجره فسأل المرتهن أخذه من عند من آجره ورده إليه بعد براءة الراهن من الحق ، وقبل تمكن المرتهن أن يرده لم يضمن . الرهن غائبا عنه بعلم الراهن فهلك في الغيبة
وكذلك لو كان لم يضمن المرتهن ; لأنه لم يحبسه ورده يمكنه ، والصحيح من الرهن والفاسد في أنه غير مضمون سواء كما تكون المضاربة الصحيحة والفاسدة في أنها غير مضمونة سواء ، ولو شرط الراهن على المرتهن أنه ضامن للرهن إن هلك كان الشرط باطلا ، كما لو قارضه أو أودعه فشرط أنه ضامن كان الشرط باطلا . وإذا عبدا فأبق أو جملا فشرد ثم برئ الراهن من الحق فالرهن فاسد ، وهو غير مضمون إن هلك ، وكذلك إذا ضاربه على أن المضارب ضامن فالمضاربة فاسدة غير مضمونة . دفع الراهن الرهن على أن المرتهن ضامن
وكذلك لو فالرهن فاسد والرهن لصاحبه الذي رهنه ، وكذلك إن رهنه وشرط له إن لم يأته بالحق إلى كذا فالرهن له بيع أو حدث فيها حدث ينقص حقه ; لأن الدار الآخرة مرة رهن ، ومرة غير رهن ، ومرهونة بما لا يعرف ويفسد الرهن ; لأنه إنما زيد معه شيء فاسد . ولو كان رهنه داره بألف على أن يضمن له المرتهن داره إن حدث فيها حدث فالرهن فاسد ; لأن الراهن لم يرض بالرهن إلا على أن يكون له مضمونا ، وإن هلكت الدار لم يضمن المرتهن شيئا . رهنه دارا بألف على أن يرهنه أجنبي داره إن عجزت دار فلان عن حقه