إن الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون .
[206] إن الذين عند ربك لا يستكبرون يعني: الملائكة.
لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وينزهونه.
وله يسجدون يخصونه بالعبادة، وهو تعريض بمن عداهم من المكلفين، ولذلك شرع السجود لقراءته، وعن النبي - صلى الله عليه وسلم -: "إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد، اعتزل الشيطان يبكي ويقول: يا ويله! أمر هذا بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار".
واتفق الأئمة على أن هذا موضع سجود للقارئ.
وأما فهي خمس عشرة سجدة، أولها خاتمة الأعراف، وآخرها خاتمة العلق، منها خمس سجدات مختلف فيها، وهي ثانية الحج عند عدد سجدات القرآن، الشافعي هي من عزائم السجود، خلافا وأحمد لأبي حنيفة وسجدة ومالك، ص عند أبي حنيفة خلافا ومالك للشافعي فإنها عندهما سجدة شكر تستحب في غير الصلاة، فلو سجد بها فيها عالما عمدا، بطلت صلاته عندهما، وسجدات المفصل، وهي: النجم، والانشقاق، والعلق عند الثلاثة، خلافا لمالك، والعشر الباقية متفق عليها، وهي آخر الأعراف، والرعد، والنحل، والإسراء، ومريم، والأولى في الحج، والفرقان، والنمل، والم تنزيل، وحم السجدة، ومحلها في حم [ ص: 84 ] عند وأحمد; عند قوله: مالك إياه تعبدون ، وعند الثلاثة عند قوله: لا يسأمون .
كالصلاة يشترط له الطهارة، واستقبال القبلة بالاتفاق، ولا يسجد له في وقت نهي عند الثلاثة، خلافا للشافعي. وسجود التلاوة
واختلفوا في فقال حكم سجود التلاوة، هو واجب على التالي والسامع، سواء قصد السماع أو لم يقصد، فإذا أراد السجود، كبر وسجد بلا رفع يد، ثم كبر ورفع، ولا تشهد عليه ولا سلام، ومن تلاها في الصلاة فلم يسجدها، سقطت عنه، ولو تلاها فيها، إن شاء ركع، وإن شاء سجدها، ثم قام فقرأ، وهو الأفضل. أبو حنيفة:
وقال هو فضيلة للقارئ وقاصد الاستماع إن كان القارئ يصلح للإمامة، ويكبر لخفضه ورفعه، وليس له تسليم، وتكره قراءتها في صلاة الفرض جهرا أو سرا، ويسجد في صلاة النفل مطلقا. مالك:
وقال هو سنة للقارئ والمستمع والسامع، فإن قرأ في الصلاة، سجد الإمام والمنفرد لقراءته فقط، والمأموم لسجدة إمامه، فإن سجد إمامه، فتخلف أو انعكس، بطلت صلاته، ولا تكره قراءتها في جهرية ولا سرية، وإذا سجد خارج الصلاة، نوى، وكبر للإحرام رافعا يديه، ثم للهوي بلا رفع، وسجد كسجدة الصلاة، ورفع مكبرا، وسلم من غير تشهد، والاختيار ترك القيام له، وإن سجد في الصلاة، كبر للهوي والرفع، ولا يرفع يديه، ولا يجلس للاستراحة. [ ص: 85 ] الشافعي:
وقال هو سنة للقارئ والمستمع دون السامع، ويعتبر أن يكون القارئ يصلح إماما، فلا يسجد قدام إمامه، ولا عن يساره مع خلو يمينه، ولا رجل بتلاوة امرأة وخنثى، وسجوده عن قيام أفضل، ويكبر إذا سجد وإذا رفع، والسلام ركن وتجزئ واحدة بلا تشهد، وإن سجد إمام في صلاة جهر أو خارجها، سن رفع يديه كالمنفرد مطلقا، ويلزم المأموم متابعته في صلاة الجهر، فلو تركه عمدا، بطلت صلاته، أحمد: ويكره للإمام وإذا قام المصلي من سجود التلاوة، فهو مخير بين القراءة والركوع بدونها، فإن فعل، فالمأموم مخير بين اتباعه وتركه. قراءة سجدة في صلاة سر، والسجود لها،
واختلفوا في فقال سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم، أبو حنيفة يكره، فيقتصر على الحمد والشكر باللسان، وخالف أبو يوسف ومحمد ومالك: فقالا: هي قربة يثاب عليها، وقال أبا حنيفة، الشافعي يسن، وحكمه عندهما كسجود التلاوة، لكنه لا يفعل في الصلاة، والله أعلم. وأحمد:
* * * [ ص: 86 ]