يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله ولا الشهر الحرام ولا الهدي ولا القلائد ولا آمين البيت الحرام يبتغون فضلا من ربهم ورضوانا وإذا حللتم فاصطادوا ولا يجرمنكم شنآن قوم أن صدوكم عن المسجد الحرام أن تعتدوا وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب .
[2] يا أيها الذين آمنوا لا تحلوا شعائر الله جمع شعيرة، وهي العلامة، والمراد: مناسك الحج، وكان المشركون يحجون ويهدون، فأراد المسلمون أن يغيروا عليهم، فنهاهم الله عن ذلك.
واختلف العلماء في فقال إشعار الهدي، الشافعي يسن إشعاره بشق صفحة سنامه اليمنى، أو موضعه مما لا سنام له من إبل وبقر حتى يسيل الدم، وقال وأحمد: في الجانب الأيسر من السنام في الإبل، وكذلك في البقر إن كان لها أسنمة، فإن لم تكن لها أسنمة، لم تشعر، ومنع من هذا كله مالك: وقال: إنه تعذيب للحيوان. أبو حنيفة،
ولا الشهر الحرام اسم مفرد يدل على الجنس في الأشهر الحرم، وهي: ذو القعدة، وذو الحجة، والمحرم، ورجب; أي: لا تحلوا القتال فيها. [ ص: 245 ]
ولا الهدي بنحره قبل محله، وهو كل ما يهدى إلى الحرم من نعم وغيرها.
ولا القلائد أي: ذوات القلائد من الهدي، جمع قلادة، وهي ما قلد بالهدي من نعل أو غيره; كآذان القرب والحبل ونحو ذلك; ليعلم به أنه هدي، فلا يتعرض له.
واختلف الأئمة في فقال تقليد الغنم، الشافعي تقلد، ومنع وأحمد: من تقليدها بالنعل، وأباحه الشافعي وقال أحمد، أبو حنيفة لا تقلد الغنم، واتفقوا على تقليد ما عدا الغنم بالنعل وغيره. ومالك:
ولا آمين البيت الحرام أي: قاصديه.
يبتغون يطلبون.
فضلا رزقا بالتجارة.
من ربهم ورضوانا بزعمهم; لأن الكافر لا نصيب له في الرضوان، فلا تتعرضوا إليهم. قرأ عن أبو بكر (ورضوانا) بضم الراء، والباقون: بالكسر، وكل ما في هذه الآية من نهي عن مشرك، أو مراعاة حرمة له بقلادة، أو أم البيت الحرام ونحوه، فكله منسوخ بآية السيف بقوله: [ ص: 246 ] عاصم:
فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم [التوبة: 5] ، وبقوله: فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا [التوبة: 28].
وإذا حللتم من إحرامكم.
فاصطادوا أمر إباحة; كقوله: فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض [الجمعة: 10].
ولا يجرمنكم يحملنكم.
شنآن قوم بغضهم. قرأ ابن عامر، وأبو بكر، بخلاف عنه: (شنآن) بإسكان النون الأولى، وهما لغتان، والفتح أجود، وبه قرأ الباقون. وأبو جعفر
أن صدوكم قرأ ابن كثير، بكسر الهمزة شرطا، فيكون (صدوكم) مستقبلا معنى; لأن الشرط حقه الاستقبال، والصد كان عام وأبو عمرو: الحديبية سنة ست، ونزلت الآية عام الفتح سنة ثمان من الهجرة، فتقديره: إن يقع منهم صدكم فيما يستقبل مثلما مضى منهم، فلا تعتدوا عليهم، وقرأ الباقون: بفتح الهمزة; أي: لأجل صدهم إياكم.
عن المسجد الحرام واختار وتبعه ابن عطية، القرطبي أن القراءة [ ص: 247 ] بالفتح أمكن في المعنى; لأن الآية نزلت بعد الصد.
أن تعتدوا عليهم بالقتل وأخذ الأموال.
وتعاونوا أي: ليعن بعضكم بعضا.
على البر اتباع الأمر.
والتقوى اجتناب النهي.
ولا تعاونوا على الإثم الكفر.
والعدوان الظلم.
واتقوا الله إن الله شديد العقاب فانتقامه أشد. قرأ عن البزي (ولا تعاونوا) بتشديد التاء حالة الوصل. ثم قال تعالى محرما ما كانوا يحلونه وهو بيان قوله: ابن كثير: إلا ما يتلى عليكم .