الوجه الرابع: أن يقال: إذ الجهة تابعة لغيرها، سواء كانت موجودة أو معدومة، وعلوها تبع لعلو العالي بها، فكيف يكون العلو للتابع بالذات وللمتبوع بالعرض؟ ! لا نسلم أن العلو الحاصل بسبب الجهة هو لها بالذات ولغيرها بالعرض،
وقولنا: (عال بالجهة) مثل قولنا: عال بالعلو، وعالم بالعلم، وقادر بالقدرة، أو عال علو المكانة، أو عال بالقهر، فليس في ذلك ما [ ص: 18 ] يوجب أن تكون المكانة والقهر والعلو والعلم أكمل من القاهر العالم العالي ذي المكانة العالية، ومهما قدر أنه يسمى جهة فإما أن يكون عدما فلا شرف له أصلا، وإما أن يقدر موجودا: إما صفة لله، وإما مخلوقا لله، وعلى التقديرين فالموصوف أكمل من الصفة، والخالق أكمل من المخلوق، فكيف تكون الصفات والمخلوقات أكمل من الموصوف الخالق سبحانه وتعالى؟ ! .