قال: وكذلك . إذا قالوا فيه: إنه ممكن من ذاته واجب من غيره، لأن الطبيعة الممكنة يلزم ضرورة أن تكون غير الطبيعة الواجبة التي استفادها من واجب الوجود، فإن الطبيعة الممكنة ليس يمكن أن تعود [ ص: 192 ] واجبة، إلا لو أمكن أن تنقلب طبيعة الممكن ضروريا، وكذلك ليس في الطبائع الضرورية إمكان أصلا، كانت الضرورة بذاتها أو بغيرها)
قال: (وهذه كلها خرافات وأقاويل أضعف من أقاويل المتكلمين، وهي كلها أمور دخيلة في الفلسفة، ليست جارية على أصولهم، وكلها أقاويل ليست تبلغ مرتبة الإقناع الخطبي، فضلا عن الجدلي ولذلك يحق ما يقول في غير موضع من كتبه: إن علومهم الإلهية ظنية) . أبو حامد
وقال أيضا لما أراد أن يقرر قول أرسطو: إن كل حادث فهو مسبوق بإمكان العدم، والإمكان لا بد له من محل، وقد رد ذلك بأن الإمكان الذي ذكروه يرجع إلى قضاء العقل، فكل [ ص: 193 ] ما قدر العقل وجوده فلم يمتنع تقديره، سميناه واجبا، فهذه قضايا عقلية لا تحتاج إلى موجود حتى نجعل وصفا له، لأن الإمكان كالامتناع، وليس للامتناع محل في الخارج، ولأن السواد والبياض يقضي العقل فيهما قبل وجودهما بكونهما ممكنين. أبو حامد
فقال (هذه مغلطة، فإن الممكن يقال على القابل وعلى المقبول، والذي يقال على الموضوع القابل يقابله الممتنع، والذي يقال على المقبول يقابله الضروري، والذي يتصف بالإمكان الذي يقابله الممتنع، ليس هو الذي يخرج من الإمكان إلى الفعل، من جهة ما يخرج إلى الفعل، لأنه إذا خرج ارتفع عنه الإمكان، وإنما يتصف بالإمكان من جهة ما هو بالقوة، والحامل لهذا الإمكان هو الموضوع الذي ينتقل من الوجود بالقوة إلى الوجود بالفعل، وذلك بين من حد الممكن، فإن الممكن هو المعدوم الذي يتهيأ أن يوجد وأن لا يوجد، [ ص: 194 ] وهذا المعدوم الممكن ليس هو ممكنا من جهة ما هو معلوم، ولا من جهة ما هو موجود بالفعل، وإنما هو ممكن من جهة ما هو بالقوة. ابن رشد:
ولذلك قالت المعتزلة: إن المعدوم ذات ما، وذلك أن العدم يضاد الوجود، وكل واحد منهما يخلف صاحبه، فإذا ارتفع عدم شيء ما خلفه وجوده، وإذا ارتفع وجوده خلفه عدمه.