وإذا قلت: نحن نثبت المعنى أنه قديم بخلاف المعتزلة.
قيل لك: المعتزلة أيضا تقر بأن الله عليم بكل شيء، أعظم مما تقرون أنتم به. والمعتزلة لا تنكر هذا المعنى، وهم، وإن كانوا متناقضين في إثبات الصفات ونفيها، فلا ريب أن قولهم أقرب إلى إثبات الصفات من قول أصحابك. فما جعلته أنت قديما يمكنهم جعله قديما.
وأعظم ما شنع الناس به في الصفات على المعتزلة قول رئيسهم أبي الهذيل، قوله: إن الله عالم بعلم هو ذاته. وليست ذاته علما.
وأنت تقول: إن العلم هو العالم، بل تقولون: إن العلم والعالم [ ص: 224 ] والمعلوم، والعشق والعاشق والمعشوق، والعقل والعاقل والمعقول -شيء واحد.
فقولكم أشد نفيا وتناقضا من قولهم، وهم إلى إطلاق القول بأن معنى القرآن قديم ولفظه مخلوق أقرب منكم، فما في قولهم من باطل إلا وفي قولكم أفسد منه، ولا في قولكم حق إلا وفي قولهم أكمل منه.