والمقصود هنا أن نبين أن
nindex.php?page=treesubj&link=28713أجوبة نفاة الأفعال الاختيارية القائمة بذات الله تعالى لهؤلاء الدهرية أجوبة ضعيفة،.
كما بين ذلك، وبهذا استطالت
الفلاسفة والملاحدة وغيرهم عليهم.
فالذين سلكوا هذه المناظرة لا أعطوا الإيمان بالله ورسوله حقه، ولا أعطوا الجهاد لأعداء الله تعالى حقه، فلا كملوا الإيمان ولا الجهاد.
وقد قال الله تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=15إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون [الحجرات: 15] ، وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين [آل عمران: 81].
قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: «ما بعث الله نبيا إلا أخذ عليه الميثاق: لئن
[ ص: 373 ] بعث
محمد صلى الله عليه وسلم وهو حي ليؤمنن به ولينصرنه، وأمره أن يأخذ الميثاق على أمته: لئن بعث
محمد صلى الله عليه وسلم وهم أحياء ليؤمنن به ولينصرنه» .
فقد أوجب الله تعالى على المؤمنين الإيمان بالرسول والجهاد معه، ومن الإيمان به: تصديقه في كل ما أخبر به، ومن الجهاد معه دفع كل من عارض ما جاء به، وألحد في أسماء الله وآياته.
وهؤلاء
nindex.php?page=treesubj&link=29615أهل الكلام المخالفون للكتاب والسنة، الذين ذمهم السلف والأئمة، لا قاموا بكمال الإيمان ولا بكمال الجهاد، بل أخذوا يناظرون أقواما من الكفار وأهل البدع، الذين هم أبعد عن السنة منهم، بطريق لا يتم إلا برد بعض ما جاء به الرسول، وهي لا تقطع أولئك الكفار بالمعقول، فلا آمنوا بما جاء به الرسول حق الإيمان ولا جاهدوا الكفار حق الجهاد، وأخذوا يقولون أنه لا يمكن الإيمان بالرسول ولا جهاد الكفار، والرد على أهل الإلحاد والبدع إلا بما سلكناه من المعقولات، وإن
nindex.php?page=treesubj&link=29616ما عارض هذه المعقولات من السمعيات يجب رده - تكذيبا أو تأويلا أو تفويضا - لأنها أصل السمعيات.
وإذا حقق الأمر عليهم وجد الأمر بالعكس، وأنه لا يتم الإيمان بالرسول والجهاد لأعدائه، إلا بالمعقول الصريح المناقض لما ادعوه من العقليات، وتبين
[ ص: 374 ] أن
nindex.php?page=treesubj&link=29616المعقول الصريح مطابق لما جاء به الرسول، لا يناقضه ولا يعارضه، وأنه بذلك تبطل حجج الملاحدة، وينقطع الكفار، فتحصل مطابقة العقل للسمع، وانتصار أهل العلم والإيمان على أهل الضلال والإلحاد، ويحصل بذلك الإيمان بكل ما جاء به الرسول، واتباع صريح المعقول، والتمييز بين البينات والشبهات.
وَالْمَقْصُودُ هُنَا أَنْ نُبَيِّنَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28713أَجْوِبَةَ نُفَاةِ الْأَفْعَالِ الِاخْتِيَارِيَّةِ الْقَائِمَةِ بِذَاتِ اللَّهِ تَعَالَى لِهَؤُلَاءِ الدَّهْرِيَّةِ أَجْوِبَةٌ ضَعِيفَةٌ،.
كَمَا بُيِّنَ ذَلِكَ، وَبِهَذَا اسْتَطَالَتِ
الْفَلَاسِفَةُ وَالْمَلَاحِدَةُ وَغَيْرُهُمْ عَلَيْهِمْ.
فَالَّذِينَ سَلَكُوا هَذِهِ الْمُنَاظَرَةَ لَا أَعْطَوُا الْإِيمَانَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ حَقَّهُ، وَلَا أَعْطَوُا الْجِهَادَ لِأَعْدَاءِ اللَّهِ تَعَالَى حَقَّهُ، فَلَا كَمَّلُوا الْإِيمَانَ وَلَا الْجِهَادَ.
وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=49&ayano=15إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ [الْحُجُرَاتِ: 15] ، وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=3&ayano=81وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ النَّبِيِّينَ لَمَا آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتَابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لَمَا مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي قَالُوا أَقْرَرْنَا قَالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنْ الشَّاهِدِينَ [آلِ عِمْرَانَ: 81].
قَالَ
nindex.php?page=showalam&ids=11ابْنُ عَبَّاسٍ: «مَا بَعَثَ اللَّهُ نَبِيًّا إِلَّا أَخَذَ عَلَيْهِ الْمِيثَاقَ: لَئِنْ
[ ص: 373 ] بُعِثَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ حَيٌّ لِيُؤْمِنَنَّ بِهِ وَلِيَنْصُرَنَّهُ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْمِيثَاقَ عَلَى أُمَّتِهِ: لَئِنْ بُعِثَ
مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُمْ أَحْيَاءٌ لِيُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَيَنْصُرُنَّهُ» .
فَقَدْ أَوْجَبَ اللَّهُ تَعَالَى عَلَى الْمُؤْمِنِينَ الْإِيمَانَ بِالرَّسُولِ وَالْجِهَادَ مَعَهُ، وَمِنَ الْإِيمَانِ بِهِ: تَصْدِيقُهُ فِي كُلِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ، وَمِنَ الْجِهَادِ مَعَهُ دَفْعُ كُلِّ مَنْ عَارَضَ مَا جَاءَ بِهِ، وَأَلْحَدَ فِي أَسْمَاءِ اللَّهِ وَآيَاتِهِ.
وَهَؤُلَاءِ
nindex.php?page=treesubj&link=29615أَهْلُ الْكَلَامِ الْمُخَالِفُونَ لِلْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، الَّذِينَ ذَمَّهُمُ السَّلَفُ وَالْأَئِمَّةُ، لَا قَامُوا بِكَمَالِ الْإِيمَانِ وَلَا بِكَمَالِ الْجِهَادِ، بَلْ أَخَذُوا يُنَاظِرُونَ أَقْوَامًا مِنَ الْكُفَّارِ وَأَهْلِ الْبِدَعِ، الَّذِينَ هُمْ أَبْعَدُ عَنِ السُّنَّةِ مِنْهُمْ، بِطَرِيقٍ لَا يَتِمُّ إِلَّا بَرَدِ بَعْضِ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَهِيَ لَا تَقْطَعُ أُولَئِكَ الْكُفَّارَ بِالْمَعْقُولِ، فَلَا آمَنُوا بِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ حَقَّ الْإِيمَانِ وَلَا جَاهَدُوا الْكَفَّارَ حَقَّ الْجِهَادِ، وَأَخَذُوا يَقُولُونَ أَنَّهُ لَا يُمْكِنُ الْإِيمَانُ بِالرَّسُولِ وَلَا جِهَادُ الْكُفَّارِ، وَالرَّدُّ عَلَى أَهْلِ الْإِلْحَادِ وَالْبِدَعِ إِلَّا بِمَا سَلَكْنَاهُ مِنَ الْمَعْقُولَاتِ، وَإِنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29616مَا عَارَضَ هَذِهِ الْمَعْقُولَاتِ مِنَ السَّمْعِيَّاتِ يَجِبُ رَدُّهُ - تَكْذِيبًا أَوْ تَأْوِيلًا أَوْ تَفْوِيضًا - لِأَنَّهَا أَصْلُ السَّمْعِيَّاتِ.
وَإِذَا حُقِّقَ الْأَمْرُ عَلَيْهِمْ وُجِدَ الْأَمْرُ بِالْعَكْسِ، وَأَنَّهُ لَا يَتِمُّ الْإِيمَانُ بِالرَّسُولِ وَالْجِهَادُ لِأَعْدَائِهِ، إِلَّا بِالْمَعْقُولِ الصَّرِيحِ الْمُنَاقِضِ لِمَا ادَّعَوْهُ مِنَ الْعَقْلِيَّاتِ، وَتَبَيَّنَ
[ ص: 374 ] أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=29616الْمَعْقُولَ الصَّرِيحَ مُطَابِقٌ لِمَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، لَا يُنَاقِضُهُ وَلَا يُعَارِضُهُ، وَأَنَّهُ بِذَلِكَ تَبْطُلُ حُجَجُ الْمَلَاحِدَةِ، وَيَنْقَطِعُ الْكُفَّارُ، فَتَحْصُلُ مُطَابَقَةُ الْعَقْلِ لِلسَّمْعِ، وَانْتِصَارُ أَهْلِ الْعِلْمِ وَالْإِيمَانِ عَلَى أَهْلِ الضَّلَالِ وَالْإِلْحَادِ، وَيَحْصُلُ بِذَلِكَ الْإِيمَانُ بِكُلِّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ، وَاتِّبَاعُ صَرِيحِ الْمَعْقُولِ، وَالتَّمْيِيزُ بَيْنَ الْبَيِّنَاتِ وَالشُّبَهَاتِ.