وكثير
nindex.php?page=treesubj&link=29418_29615_28718ممن تكلم بالألفاظ المجملة المبتدعة كلفظ الجسم والجوهر والعرض وحلول الحوادث ونحو ذلك، كانوا يظنون أنهم ينصرون الإسلام بهذه الطريقة وأنهم بذلك يثبتون معرفة الله وتصديق رسوله، فوقع منهم من الخطأ والضلال ما أوجب ذلك، وهذه حال أهل البدع
كالخوارج وأمثالهم، فإن البدعة لا تكون حقا محضا موافقا للسنة، إذ لو كانت كذلك لم تكن باطلا، ولا تكون باطلا محضا لا حق فيها، إذ لو كانت كذلك لم تخف على الناس، ولكن تشتمل على حق وباطل، فيكون صاحبها قد لبس الحق بالباطل: إما مخطئا غالطا، وإما متعمدا لنفاق فيه وإلحاد.
[ ص: 105 ]
كما قال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=47لو خرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا ولأوضعوا خلالكم يبغونكم الفتنة وفيكم سماعون لهم [ سورة التوبة: 47] فأخبر أن المنافقين لو خرجوا في جيش المسلمين ما زادوهم إلا خبالا، ولكانوا يسعون بينهم مسرعين، يطلبون لهم الفتنة، وفي المؤمنين من يقبل منهم ويستجيب لهم: إما لظن مخطئ، أو لنوع من الهوى، أو لمجموعهما ؛ فإن المؤمن إنما يدخل عليه الشيطان بنوع من الظن واتباع هواه ؛ ولهذا جاء في الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "
إن الله يحب البصر النافذ عند ورود الشبهات، ويحب العقل الكامل عند حلول الشهوات".
وقد أمر المؤمنين أن يقولوا في صلاتهم:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهدنا الصراط المستقيم nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صراط الذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين [ سورة الفاتحة: 6 - 7]، فالمغضوب عليهم عرفوا الحق ولم يعملوا به، والضالون عبدوا الله بلا علم.
ولهذا نزه الله نبيه عن الأمرين بقوله
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1والنجم إذا هوى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2ما ضل صاحبكم وما غوى [ سورة النجم: 1 -2] وقال تعالى:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=45واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولي الأيدي والأبصار [ سورة ص: 45].
وهذا الذي تقدم ذكره - من إنكار أئمة العراقيين من أصحاب
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي قول
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابن كلاب ومتبعيه في القرآن - هو معروف في كتبهم،
[ ص: 106 ] ومعلوم أنه ليس بعد
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وابن سريج مثل الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أبي حامد الإسفرايني، حتى ذكر
أبو إسحاق في طبقات الفقهاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=14972أبي الحسين القدوري: أنه كان يقول في
الشيخ أبي حامد: إنه أنظر من
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي، وهذا الكلام - وإن لم يكن مطابقا لمعناه، لجلالة قدر
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشافعي وعلو مرتبته - فلولا براعة
nindex.php?page=showalam&ids=14847أبي حامد، ما قال فيه الشيخ
nindex.php?page=showalam&ids=14972أبو الحسين القدوري مثل هذا القول.
وَكَثِيرٌ
nindex.php?page=treesubj&link=29418_29615_28718مِمَّنْ تَكَلَّمَ بِالْأَلْفَاظِ الْمُجْمَلَةِ الْمُبْتَدَعَةِ كَلَفْظِ الْجِسْمِ وَالْجَوْهَرِ وَالْعَرَضِ وَحُلُولِ الْحَوَادِثِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، كَانُوا يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ يَنْصُرُونَ الْإِسْلَامَ بِهَذِهِ الطَّرِيقَةِ وَأَنَّهُمْ بِذَلِكَ يُثْبِتُونَ مَعْرِفَةَ اللَّهِ وَتَصْدِيقَ رَسُولِهِ، فَوَقَعَ مِنْهُمْ مِنَ الْخَطَأِ وَالضَّلَالِ مَا أَوْجَبَ ذَلِكَ، وَهَذِهِ حَالُ أَهْلِ الْبِدَعِ
كَالْخَوَارِجِ وَأَمْثَالِهِمْ، فَإِنَّ الْبِدْعَةَ لَا تَكُونُ حَقًّا مَحْضًا مُوَافِقًا لِلسُّنَّةِ، إِذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ تَكُنْ بَاطِلًا، وَلَا تَكُونُ بَاطِلًا مَحْضًا لَا حَقَّ فِيهَا، إِذْ لَوْ كَانَتْ كَذَلِكَ لَمْ تَخْفَ عَلَى النَّاسِ، وَلَكِنْ تَشْتَمِلُ عَلَى حَقٍّ وَبَاطِلٍ، فَيَكُونُ صَاحِبُهَا قَدْ لَبِسَ الْحَقَّ بِالْبَاطِلِ: إِمَّا مُخْطِئًا غَالِطًا، وَإِمَّا مُتَعَمِّدًا لِنِفَاقٍ فِيهِ وَإِلْحَادٍ.
[ ص: 105 ]
كَمَا قَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=9&ayano=47لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ [ سُورَةِ التَّوْبَةِ: 47] فَأَخْبَرَ أَنَّ الْمُنَافِقِينَ لَوْ خَرَجُوا فِي جَيْشِ الْمُسْلِمِينَ مَا زَادُوهُمْ إِلَّا خَبَالًا، وَلَكَانُوا يَسْعَوْنَ بَيْنَهُمْ مُسْرِعِينَ، يَطْلُبُونَ لَهُمُ الْفِتْنَةَ، وَفِي الْمُؤْمِنِينَ مَنْ يَقْبَلُ مِنْهُمْ وَيَسْتَجِيبُ لَهُمْ: إِمَّا لِظَنٍّ مُخْطِئٍ، أَوْ لِنَوْعٍ مِنَ الْهَوَى، أَوْ لِمَجْمُوعِهِمَا ؛ فَإِنَّ الْمُؤْمِنَ إِنَّمَا يَدْخُلُ عَلَيْهِ الشَّيْطَانُ بِنَوْعٍ مِنَ الظَّنِّ وَاتِّبَاعِ هَوَاهُ ؛ وَلِهَذَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: "
إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْبَصَرَ النَّافِذَ عِنْدَ وُرُودِ الشُّبُهَاتِ، وَيُحِبُّ الْعَقْلَ الْكَامِلَ عِنْدَ حُلُولِ الشَّهَوَاتِ".
وَقَدْ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْ يَقُولُوا فِي صَلَاتِهِمُ:
nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=6اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ nindex.php?page=tafseer&surano=1&ayano=7صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ [ سُورَةِ الْفَاتِحَةِ: 6 - 7]، فَالْمَغْضُوبُ عَلَيْهِمْ عَرَفُوا الْحَقَّ وَلَمْ يَعْمَلُوا بِهِ، وَالضَّالُّونَ عَبَدُوا اللَّهَ بِلَا عِلْمٍ.
وَلِهَذَا نَزَّهَ اللَّهُ نَبِيَّهُ عَنِ الْأَمْرَيْنِ بِقَوْلِهِ
nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=1وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى nindex.php?page=tafseer&surano=53&ayano=2مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى [ سُورَةِ النَّجْمِ: 1 -2] وَقَالَ تَعَالَى:
nindex.php?page=tafseer&surano=38&ayano=45وَاذْكُرْ عِبَادَنَا إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ أُولِي الأَيْدِي وَالأَبْصَارِ [ سُورَةِ ص: 45].
وَهَذَا الَّذِي تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ - مِنْ إِنْكَارِ أَئِمَّةِ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ أَصْحَابِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ قَوْلَ
nindex.php?page=showalam&ids=13464ابْنِ كُلَّابٍ وَمُتَّبِعِيهِ فِي الْقُرْآنِ - هُوَ مَعْرُوفٌ فِي كُتُبِهِمْ،
[ ص: 106 ] وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَيْسَ بَعْدَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَابْنِ سُرَيْجٍ مِثْلُ الشَّيْخِ
nindex.php?page=showalam&ids=11976أَبِي حَامِدٍ الْإِسْفَرَايِنِيِّ، حَتَّى ذَكَرَ
أَبُو إِسْحَاقَ فِي طَبَقَاتِ الْفُقَهَاءِ عَنْ
nindex.php?page=showalam&ids=14972أَبِي الْحُسَيْنِ الْقُدُورِيِّ: أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي
الشَّيْخِ أَبِي حَامِدٍ: إِنَّهُ أَنْظَرُ مِنَ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا الْكَلَامُ - وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُطَابِقًا لِمَعْنَاهُ، لِجَلَالَةِ قَدْرِ
nindex.php?page=showalam&ids=13790الشَّافِعِيِّ وَعُلُوِّ مَرْتَبَتِهِ - فَلَوْلَا بَرَاعَةُ
nindex.php?page=showalam&ids=14847أَبِي حَامِدٍ، مَا قَالَ فِيهِ الشَّيْخُ
nindex.php?page=showalam&ids=14972أَبُو الْحُسَيْنِ الْقُدُورِيُّ مِثْلَ هَذَا الْقَوْلِ.