الرابع: أن أما الأول فلا يلزم افتقاره إلى غيره، فإنه إذا كان هو فاعل الأسباب فهو فاعلها وفاعل ما يحدث بها، فلا يكون مفتقرا إلى غيره، وأما إن عنيت بالسبب [ ص: 228 ] ما لا يكون من فعله لزمك أن كل ما لا يكفي فيه الذات فلا يستلزم وجوده في الأزل ألا يوجد إلا بشريك مع الله ليس من مخلوقاته، ومعلوم أن هذا خلاف إجماع أهل الإيمان، بل خلاف إجماع جماهير العقلاء، وهو خلاف المعقول الصريح أيضا، فإن ذلك الشريك المقدر إن كان واجب الوجود بنفسه إلها آخر لزم إثبات خالق قديم مع الله مشارك له في فعله لا يفعل إلا به، وهذا مع أنه لم يقل به أحد من بني آدم، فهو باطل في نفسه، لأنه يستلزم افتقار كل من الفاعلين إلى الآخر، فإن التقدير في هذا المشترك هو أن أحدهما لا يستقل به، بل يحتاج إلى معاونة الآخر، وما احتاج إلى معاونة الآخر كان فقيرا إلى غيره ليس بغني، وكان عاجزا ليس بقادر، فإن كان هذا دليلا على انتفاء الوجوب بطل دليلك، وإن لم يكن دليلا بطل دليلك أيضا، فإنه مبني عليه، وإن كان ذلك الشريك المقدر ليس واجب الوجود بنفسه فهو ممكن لا يوجد إلا بالواجب بنفسه، فلزم أن يكون من مفعولاته. يقال: قولك "يفتقر إلى سبب منفصل" تعني به شيئا يكون من فعل الله تعالى، أو شيئا لا يكون من فعله؟