[ ص: 115 ] والحوادث مفتقرة إلى غيرها، فثبت أن
nindex.php?page=treesubj&link=28659_28685من الموجودات ما هو غني بنفسه، ومنها ما هو مفتقر إلى ما سواه، ومثل أن يقال: كل موجود فإما أن يكون مخلوقا، وإما ألا يكون مخلوقا، والمخلوق لا يكون مخلوقا إلا بخالق ليس بمخلوق.
وقد علم أن الحوادث لا تكون إلا مخلوقة، فثبت أن في الموجودات ما هو حادث مخلوق، ومنها ما هو خالق لتلك الحوادث ليس بمخلوق، وهو المطلوب.
ومثل أن يقال:
nindex.php?page=treesubj&link=34084_29625_28659الموجود إما أن يكون قادرا بنفسه، وإما ألا يكون قادرا بنفسه، وما ليس بقادر بنفسه لا يكون قادرا إلا بإقدار القادر بنفسه، والحوادث المشهودة كانت معدومة، والمعدوم لا يكون موجودا بنفسه فضلا عن أن يكون قادرا بنفسه، فثبت أن في الموجودات ما هو محدث، ومنها ما هو موجود قادر بنفسه، والقادر بنفسه لا يكون إلا قديما أزليا واجبا بنفسه، فثبت انقسام الموجودات إلى هذا وهذا، وهو المطلوب.
ومثل أن يقال: الموجود إما أن يكون كاملا ليس فيه نقص يحتاج إلى غيره. وإما أن يكون ناقصا يحتاج في كماله إلى غيره، ومعلوم أن الحوادث المشهودة ليس لها من نفسها وجود، فضلا عن أن تكون كاملة بنفسها، وأنها بعد وجودها مفتقرة إلى من يكمل نقصها، فثبت أن الموجودات فيها كامل ليس فيه نقص يحتاج فيه إلى غيره، وما ليس فيه
[ ص: 116 ] نقص، لا يكون إلا كاملا قديما أزليا واجبا بنفسه، فثبت انقسام الموجودات إلى هذا وهذا، وهو المطلوب.
ومثل أن يقال: الموجود إما عالم بنفسه، وإما محتاج في العلم إلى من يعلمه، وإما أن لا يقبل العلم، ومعلوم أن الإنسان مفتقر في حصول علمه إلى من يعلمه، ليس علمه من لوازم ذاته، فإنه خرج من بطن أمه لا يعلم شيئا، ثم حدث له العلم بعد ذلك، فثبت أن في الموجود ما ليس عالما بنفسه، بل هو مفتقر في حصول العلم له إلى من يعلمه، ومعلوم أن كل ما ليس بعالم بنفسه فلا بد له من عالم يعلمه، وذاك العالم إن كان عالما بنفسه وإلا افتقر إلى عالم بنفسه، فلا بد أن ينتهي الأمر إلى عالم بنفسه قطعا للتسلسل الممتنع، فثبت أن في الوجود ما هو عالم بنفسه، وما ليس عالما بنفسه، بل بمن يعلمه، كما قال:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقرأ باسم ربك الذي خلق إلى قوله:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=3اقرأ وربك الأكرم nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=4الذي علم بالقلم nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=5علم الإنسان ما لم يعلم [سورة العلق: 1 – 5] وقال:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء [سورة البقرة: 255].
[ ص: 115 ] وَالْحَوَادِثُ مُفْتَقِرَةٌ إِلَى غَيْرِهَا، فَثَبَتَ أَنَّ
nindex.php?page=treesubj&link=28659_28685مِنَ الْمَوْجُودَاتِ مَا هُوَ غَنِيٌّ بِنَفْسِهِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مُفْتَقِرٌ إِلَى مَا سِوَاهُ، وَمِثْلُ أَنْ يُقَالَ: كُلُّ مَوْجُودٍ فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مَخْلُوقًا، وَإِمَّا أَلَّا يَكُونَ مَخْلُوقًا، وَالْمَخْلُوقُ لَا يَكُونُ مَخْلُوقًا إِلَّا بِخَالِقٍ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ.
وَقَدْ عُلِمَ أَنَّ الْحَوَادِثَ لَا تَكُونُ إِلَّا مَخْلُوقَةً، فَثَبَتَ أَنَّ فِي الْمَوْجُودَاتِ مَا هُوَ حَادِثٌ مَخْلُوقٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ خَالِقٌ لِتِلْكَ الْحَوَادِثِ لَيْسَ بِمَخْلُوقٍ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَمِثْلُ أَنْ يُقَالَ:
nindex.php?page=treesubj&link=34084_29625_28659الْمَوْجُودُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ قَادِرًا بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا أَلَّا يَكُونَ قَادِرًا بِنَفْسِهِ، وَمَا لَيْسَ بِقَادِرٍ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ قَادِرًا إِلَّا بِإِقْدَارِ الْقَادِرِ بِنَفْسِهِ، وَالْحَوَادِثُ الْمَشْهُودَةُ كَانَتْ مَعْدُومَةً، وَالْمَعْدُومُ لَا يَكُونُ مَوْجُودًا بِنَفْسِهِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ قَادِرًا بِنَفْسِهِ، فَثَبَتَ أَنَّ فِي الْمَوْجُودَاتِ مَا هُوَ مُحْدَثٌ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَوْجُودٌ قَادِرٌ بِنَفْسِهِ، وَالْقَادِرُ بِنَفْسِهِ لَا يَكُونُ إِلَّا قَدِيمًا أَزَلِيًّا وَاجِبًا بِنَفْسِهِ، فَثَبَتَ انْقِسَامُ الْمَوْجُودَاتِ إِلَى هَذَا وَهَذَا، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَمِثْلُ أَنْ يُقَالَ: الْمَوْجُودُ إِمَّا أَنْ يَكُونَ كَامِلًا لَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ يَحْتَاجُ إِلَى غَيْرِهِ. وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ نَاقِصًا يَحْتَاجُ فِي كَمَالِهِ إِلَى غَيْرِهِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْحَوَادِثَ الْمَشْهُودَةَ لَيْسَ لَهَا مِنْ نَفْسِهَا وُجُودٌ، فَضْلًا عَنْ أَنْ تَكُونَ كَامِلَةً بِنَفْسِهَا، وَأَنَّهَا بَعْدَ وُجُودِهَا مُفْتَقِرَةٌ إِلَى مَنْ يُكْمِلُ نَقْصَهَا، فَثَبَتَ أَنَّ الْمَوْجُودَاتِ فِيهَا كَامِلٌ لَيْسَ فِيهِ نَقْصٌ يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى غَيْرِهِ، وَمَا لَيْسَ فِيهِ
[ ص: 116 ] نَقْصٌ، لَا يَكُونُ إِلَّا كَامِلًا قَدِيمًا أَزَلِيًّا وَاجِبًا بِنَفْسِهِ، فَثَبَتَ انْقِسَامُ الْمَوْجُودَاتِ إِلَى هَذَا وَهَذَا، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ.
وَمِثْلُ أَنْ يُقَالَ: الْمَوْجُودُ إِمَّا عَالِمٌ بِنَفْسِهِ، وَإِمَّا مُحْتَاجٌ فِي الْعِلْمِ إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَإِمَّا أَنْ لَا يَقْبَلَ الْعِلْمَ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ الْإِنْسَانَ مُفْتَقِرٌ فِي حُصُولِ عِلْمِهِ إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ، لَيْسَ عِلْمُهُ مِنْ لَوَازِمِ ذَاتِهِ، فَإِنَّهُ خَرَجَ مِنْ بَطْنِ أُمِّهِ لَا يَعْلَمُ شَيْئًا، ثُمَّ حَدَثَ لَهُ الْعِلْمُ بَعْدَ ذَلِكَ، فَثَبَتَ أَنَّ فِي الْمَوْجُودِ مَا لَيْسَ عَالِمًا بِنَفْسِهِ، بَلْ هُوَ مُفْتَقِرٌ فِي حُصُولِ الْعِلْمِ لَهُ إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَا لَيْسَ بِعَالِمٍ بِنَفْسِهِ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ عَالِمٍ يُعَلِّمُهُ، وَذَاكَ الْعَالِمُ إِنْ كَانَ عَالِمًا بِنَفْسِهِ وَإِلَّا افْتَقَرَ إِلَى عَالِمٍ بِنَفْسِهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَنْتَهِيَ الْأَمْرُ إِلَى عَالِمٍ بِنَفْسِهِ قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ الْمُمْتَنِعِ، فَثَبَتَ أَنَّ فِي الْوُجُودِ مَا هُوَ عَالِمٌ بِنَفْسِهِ، وَمَا لَيْسَ عَالِمًا بِنَفْسِهِ، بَلْ بِمَنْ يُعَلِّمُهُ، كَمَا قَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=1اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ إِلَى قَوْلِهِ:
nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=3اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=4الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ nindex.php?page=tafseer&surano=96&ayano=5عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ [سُورَةُ الْعَلَقِ: 1 – 5] وَقَالَ:
nindex.php?page=tafseer&surano=2&ayano=255وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ [سُورَةُ الْبَقَرَةِ: 255].